Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: القول في الصدقة

القول في الصدقة

قد وردت النصوص الكثيرة على ندبها والحثّ عليها ، خصوصاً في أوقات مخصوصة ، كالجمعة وعرفة وشهر رمضان ، وعلى طوائف مخصوصة ، كالجيران والأرحام حتّى ورد في الخبر : «لا صدقة وذو رحم محتاج» ، وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الله لا إله إلاّ هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة والحرقة والغرق والهدم والجنون ـ وعدّ سبعين باباً من السوء ـ . . .» وقد ورد : «أنّ الافتتاح بها في اليوم يدفع نحس يومه، وفي الليلة يدفع نحسها» ، و«أنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ، وتمحو الذنب العظيم، وتهوّن الحساب، وصدقة النهار تثمر المال، وتزيد في العمر» ، و«ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الربّ تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد» . وعن عليّ بن الحسين(عليهما السلام) : «كان يقبّل يده عند الصدقة، فقيل له في ذلك، فقال: إنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل» ، ونحوه عن غيره(عليه السلام) . وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) : «كلّ معروف صدقة إلى غني أو فقير، فتصدّقوا ولو بشقّ التمرة، واتّقوا النار ولو بشقّ التمرة، فإنّ الله يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوه أو فصيله; حتّى يوفيه إيّاها يوم القيامة، وحتّى يكون أعظم من الجبل العظيم» إلى غير ذلك .

(مسألة 1) : يعتبر في الصدقة قصد القربة ، ولايعتبر فيها العقد المشتمل على الإيجاب والقبول على الأقوى ، بل يكفي المعاطاة ، فتتحقّق بكلّ لفظ أو فعل ـ من إعطاء أو تسليط ـ قصد به التمليك مجّاناً مع نيّة القربة ، ويشترط فيها الإقباض والقبض([1]) .

(مسألة 2) : لايجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض([2]) وإن كانت على أجنبيّ على الأصحّ .

(مسألة 3) : تحلّ صدقة الهاشمي لمثله ولغيره مطلقاً ; حتّى الزكاة المفروضة والفطرة . وأمّا صدقة غير الهاشمي للهاشمي فتحلّ في المندوبة ، وتحرم في الزكاة المفروضة والفطرة ، وأمّا غيرهما من المفروضات كالمظالم والكفّارات ونحوهما فالظاهر أنّها كالمندوبة ; وإن كان الأحوط عدم إعطائهم لها وتنزّههم عنها .

(مسألة 4) : يعتبر في المتصدّق : البلوغ والعقل وعدم الحجر لفلس أو سفه ، فلا تصحّ صدقة الصبيّ حتّى من بلغ عشراً ([3]) .

(مسألة 5) : لايعتبر في المتصدّق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان ولا الإسلام ، فتجوز على الغنيّ وعلى الذمي والمخالف وإن كانا أجنبيّين . نعم لاتجوز على الناصب ولا على الحربي وإن كانا قريبين .

(مسألة 6) : الصدقة سرّاً أفضل ، فقد ورد : «أنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ ، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وتدفع سبعين باباً من البلاء» . نعم لو اتّهم بترك المواساة فأراد دفع التهمة عن نفسه ، أو قصد اقتداء غيره به ، لابأس بالإجهار بها ولم يتأكّد إخفاؤها . هذا في المندوبة . وأمّا الواجبة فالأفضل إظهارها مطلقاً .

(مسألة 7) : يستحبّ المساعدة والتوسّط في إيصال الصدقة ، فعن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)في خطبة له : «ومن تصدّق بصدقة عن رجل إلى مسكين كان له مثل أجره، ولو تداولها أربعون ألف إنسان، ثمّ وصلت إلى المسكين، كان لهم أجر كامل، وما عند الله خير وأبقى للذين اتّقوا وأحسنوا لو كنتم تعلمون» .

(مسألة 8) : يكره كراهة شديدة أن يتملّك من الفقير ما تصدّق به بشراء أو اتّهاب أو بسبب آخر ، بل قيل بحرمته . نعم لابأس بأن يرجع إليه بالميراث .

(مسألة 9) : يكره ردّ السائل([4]) ولو ظنّ غناه ، بل يعطي ولو شيئاً يسيراً .

(مسألة 10) : يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج ، بل مع الحاجة أيضاً ، بل قيل بحرمة الأوّل ، ولاينبغي ترك الاحتياط ، وقد ورد فيه الإزعاج الأكيد ، ففي الخبر : «من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أيّام ، لقي الله يوم القيامة وليس على وجهه لحم» .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بل يكفي العزل.

[2] ـ بل بعد العزل.

[3] ـ إلاّ أن يكون مميّزاً ورشيداً فتصحّ صدقته كصحّة وصيّته في وجوه البرّ المورد للنصّ والفتوى، والمتفاهم عرفاً عدم الخصوصية في وصيّته بوجوه البرّ، بل المعيار كون عمله برّاً ولو بمثل الصدقة. ولايخفى عليك أنّ المتفاهم عدم الخصوصية لبلوغ العشر أيضاً، وأنّ المناط التمييز والرشد.

[4] ـ هذا هو حكم الردّ بما هو هو، وإلاّ فيختلف حكمه بالعوارض والطوارئ، بل قد يصير الردّ واجباً، وإعطاء الصدقة حراماً، كما إذا كان في الإعطاء ضرر خاصّ على السائل، مثل ما إذا انجرّ إلى صيرورته كـلاًّ على الناس، وأخلّ بعرضه وشرفه، وإلى إيجابه كثرة السائلين رغم قدرتهم البدنية، وقدرتهم على العمل والاكتساب، وصيرورتهم كـلاًّ على الناس.

ثمّ لايخفى أنّ من أفضل الصدقات ما أوجب الكفاءة الذاتية للسائل وأغناه عن السؤال بالكفّ، وجعله قائماً على رجليه في حياته وعيشه، وأوصله إلى حدّ يقدر على حرفة أو تجارة أو عمل يسع مؤونته ومؤونة أهله وعياله، فإنّه خير معروف في حقّه وأفضل عمل يغنيه ويحفظه عن انتهاك حرمته وزوال عزّه بذلّ السؤال، كما روي أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام)باع حديقته التي غرسها له النبيّ(صلى الله عليه وآله) وسقاها هو بيده باثني عشر ألف درهم، وراح إلى عياله وقد تصدّق بأجمعها، فقالت له فاطمة(عليها السلام): «تعلم أنّ لنا أيّاماً لم نذق فيها طعاماً وقد بلغ بنا الجوع! وما أظنّك إلاّ كأحدنا فهـلاّ تركت لنا من ذلك قوتاً؟ فقال(عليه السلام): منعني من ذلك وجوه أشفقت أن أرى عليها ذلّ السؤال». (بحار الأنوار 93: 136)

وقد ورد في روايات كثيرة ذمّ السؤال بالكفّ، وأنّه ليس من خصال الشيعة، وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «لو أنّ أحدكم يأخذ حبلاً فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكفّ بها وجهه خير له من أن يسأل». (بحار الأنوار 93: 158)

فكلّ عمل أو صدقة يغني الفقير عن السؤال هو من أفضل الصدقات و«كلّ معروف صدقة» (وسائل الشيعة 9: 459 / 1) وخيره ما يحفظ حرمة الفقير وكرامته، فإنّ الإنسان له حقّ الحياة بعزّة واستقلال وشرف وكرامة، فخيره ما يجعل السائل غير محتاج إلى صدقة، وأفضل الصدقة صدقة تجرّ المنفعة إلى الأخ المسلم، كما في النبويّ الشريف في فضل صدقة اللسان، (بحار الأنوار 13: 389) وأيّ منفعة أعظم للسائل والمحروم ممّا يورث الكفاءة الذاتية ويحفظ المرء عن ذلّ السؤال وهتك عرضه، ويخرجه من صنف الفقراء إلى جماعة الأغنياء بالفعل أو بالقوّة.

هذا كلّه مع تأييده بمانقله «الكافي» في كتاب الإيمان والكفر في باب القناعة عن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال: «اشتدّت حال رجل من أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقالت له امرأته: لو أتيت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)فسألته، فجاء إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) فلمّا رآه النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه، فقال الرجل ما يعني غيري، فرجع إلى امرأته فأعلمها فقالت: إنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)بشرٌ فأعلِمه، فأتاه فلّما رآه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه، حتّى فعل الرجل ذلك ثلاثاً، ثمّ ذهب الرجل فاستعار معولاً، ثمّ أتى الجبل فصعده فقطع حطباً، ثمّ جاء به فباعه بنصف مُدّ من دقيق، فرجع به فأكله، ثمّ ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه، فلم يزل يعمل ويجمع حتّى اشترى معولاً، ثمّ جمع حتّى اشترى بكرين وغلاماً، ثمّ أثرى حتّى أيسر، فجاء إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): قلت لك: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه». (الكافي 2: 139)

فانظر إلى عمله(صلى الله عليه وآله) من إرشاد السائل إلى الاستغناء والكفاءة الذاتية، بل ومن تكرار قوله(صلى الله عليه وآله): «من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه» يعلم أنّ هذهِ سيرته وسنّته، فعلينا متابعته وقد جعله اللّه تعالى اُسوة للناس، فقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه اُسْوةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللّه وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً). (الأحزاب (33): 21)

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org