قصاص النفس (درس7)
الدرس دروس خارج الفقه _AyatollahSanei القصاص الدرس 7 التاريخ : 2008/12/20 قصاص النفس (درس7) بسم الله الرحمن الرحيم وما في (اللثام) من بيان الضابط بقوله: (فالضابط في القصاص العلم العادي بتسبب موت المقتول من فعله المتعمد به). وفي (الجواهر) من قبوله بأنّه موافق لما ذكره ـ قدس سره ـ: (نعم ما سمعته من الضابط المزبور في القصاص موافق لما ذكرناه)[1]. ففيه: أوّلاً: أنَّ الضابط هو ذلك التسبب بضميمة قصد القتل أو كون القتل ممّا يقتل به غالباً لا مطلقاً كما بيّنّاه. وثانياً: أنَّ مقتضى ذلك عدم الفرق في موت المقتول بالغرزة اليسيرة مثلاً كشرطة الحجّام, وبين ما صار ضمناً ثمّ مات أو مات في الحال؛ لاستناد القتل فيهما إلى الفعل المتعمد به. فكيف تفصيله بينهما تبعاً للمتن؟) أي القواعد[2]. وفي (الجواهر) التصريح بالإشكال في مسألة الضرب بما لا يقتل به غالباً أيضاً، بقوله: (لا يخلو من إشكال).. إلى آخره[3]. هذا، لكنَّ الظاهر من (المسالك ) و(اللثام) و(الجواهر) الاستدلال على الفرق بوجوه ثلاثة: أحدها: فحوى سراية الجرح. ثانيها: أنّ الجرح بمثل شرطة الحجّام مع المرض المتولّد منه بمنزلة سبب واحد, وهو ممّا يقتل به غالباً وإنْ كان الجرح مما لا يقتل به وحده. ثالثها: ما في (الجواهر) من قوله ـ رحمه الله ـ: (لعلَّ الوجه فيه ـ أي في التفصيل ـ ما ذكرناه من كون الجميع عمداً؛ لما عرفته من الصدق العرض من غير اعتبار قصد القتل ولا كون الشيء مما يقتل مثله غالباً، إذ ذاك عمد إلى القتل لا قتله عامداً، والعنوان في الأدّلة الثاني الذي تشهد له النصوص السابقة, لا الأوّل الذي وإنْ شهدت له النصوص الأُخر في الجملة، إلاَّ أنَّه لا جابر لها، لكن خرج عن ذلك صورة عدم تعقّب المرض للنصوص المزبورة, وبقيت هي تحت الضابط ولو لعدم انجبار تلك النصوص بالنسبة إلى هذه الصورة المؤيدة بنصوص سراية الجرح القاتل مثله, والاتفاق ظاهراً هنا)[4]. وفي كل الوجوه مالا يخفى: أمّا الأوّل: ففيه أنَّ الحكم في السراية بالجرح ليس على الإطلاق، بل فيه التفصيل المطابق للقاعدة، فإنْ كان الجرح الساري مما يقتل به ففيه القَوَد ويكون عمداً, وإلاّ فلا، فليس في الأصل حكم على خلاف القواعد فضلاً عن الفرع ودلالة الفحوى. وأمّا الثاني:فإنْ كان المراد منه التنزيل والادّعاء فليس ذلك بأزيد من الادّعاء, وإنْ كان المراد منه الصيرورة والمنزلة بنظر العرف ففيه: أنَّه ليس ذلك بتفصيل كما لا يخفى، بل بيان لمصاديق الجرح مع المرض من أنَّهما قد يكونان ممّا يُقتل به غالباً وقد لا يكون كذلك، وأين ذلك من التفصيل الذي في (القواعد)؟ بل وفي (الشرائع) على أحد الاحتمالين في المراد من المشبَّه به في قوله: (كالأوّل), حيث قال: (ولو ضربه دون ذلك فأعقبه مرضاً ومات فالبحث كالأوّل)[5]. وفي(المسالك)في شرح العبارة قال: (فسَّر بعضهم الأوّل) في قول المصنف: (فالبحث كالأوّل) بما فصّله سابقاً فيالصورة الأولى من قوله: (أمّا لو حبس نفسه يسيراً لا يقتل مثله غالباً ـ إلى قوله ـ والأشبه القصاص إنْ قصد القتل، أو الدية إنْ لم يقصد), فيكون الحكم هذا أنَّ الضرب يتعلق المتعّقب للمرض عمداً إنْ قصد به القتل, ويوجب الدية إنْ لم يقصد، لا أنَّه عمد مطلقاً. وهذا التفسير وإنْ وافق من الظاهر الحكم، إلاّ أنّه غير مراد للمصنّف; لأنّ حكمه وحكم غيره في خصوص هذه المسألة بكونه عمداً مطلقاً، والعـلاّمة فرض المسألة على وجه لا يحتمل سوى ذلك، وإنْ كانت عبارة المصنّف لقرب المسألة الأخرى محتملة احتمالاً مرجوحاً)[6]. وأمّا الثالث: فحاصل المستفاد من كلامه ـ قدس سره ـ هنا وفي مسألة القتل بما لا يُقتل به غالباً مع عدم قصد القتل به أيضاً، أنَّ المناط والأصل في القصاص وما هو العنوان في أدلّته القتل عمداً وقتله عامداً, لا العمد إلى القتل. والأوّل صادق في جميع صور القتل مع قصد الفعل وإنْ لم يكن معه قصد القتل ولا كون الآلة قتّالة وممّا يُقتل بها غالباً، دون الثاني فإنّه غير صادق مع عدم القصد ولو رجاءً وارتكازاً كما في الآلة الغالبيّة. وفيه: أنَّ المناط كما عرفت كون المقتول مظلوماً والقتل ظلماً وسيئةً, وهو غير صادق هنا ولا في المسألة السابقة, أي مسألة القتل بما لا يقتل به غالباً مع عدم قصد القتل أيضاً. ومسألة مناطية العمد ودخالته في القصاص قد عرفت عدم الدلالة عليها في الكتاب, وأنَّ آياته مطلقة من دون تعرّض للعمد أصلاً لا بالنحو الأوّل ولا الثاني، وما في السنّة ليس بأزيد عن الإشارة. وعلى هذا، فالحق في المسألة عدم القَوَد مطلقاً، لا مع الضمن ولا بدونه; لعدم كون الفعل مقصوداً به القتل, ولا كونه مما يقتل به غالباً, ولا كون المقتول مقتولاً ظلماً وعرفاً. نعم، هو مضروب كذلك عرفاً ومقتول بالضمن أو بالاتفاق عندهم, لا بالظلم الذي هو العمدة والأصل عندنا في القصاص كما مرّ بيانه. نعم، على الضارب والقاتل كذلك التعزير والدية كما لا يخفى. (مسألة 3: لو رماه بسهم أو بندقة فمات فهو عمد عليه القَوَد ولو لم يقصد القتل به، وكذا لو خنقه بحبل ولم يزح عنه حتى مات، أو غمسه في ماء ونحوه ومنعه عن الخروج حتّى مات، إلى غير ذلك من الأسباب التي انفرد الجاني في التسبيب المتلف، فهي من العمد). وجه أصل المسألة واضح ممَّا مرَّ وهو نسبة القتل عمداً وكون المقتول مظلوماً والقتل ظلماً، وأمّا كون تلك الأسباب والموارد من العمد الموجب للقصاص وإنْ لم يقصد به القتل ـ كما في المتن بقوله: (ولو لم يقصد القتل به) ـ فالظاهر من المسألة الخامسة أنّه لكون الأسباب مما يُقتل بها غالباً حتى في السهم والبندقة، لا لغيره من قصد القتل ولو رجاءً أو من كونه عمداً تعبداً، بل هو الظاهر من بيانه الضابطة لقتل العمد في (مسألة 1) إنْ لم يكن نصّاً في ذلك أيضاً، وهو الحق الحقيق بالتصديق كما مرّ بيانه. وعلى ذلك فما في (الشرائع)[7] من التعليل للقصاص في تلك الموارد بالقصد إلى القتل بها غالباً, الراجع إلى حجيّة الغلبة في القصد، كما هو الظاهر منه, أو إلى الرجاء أو التعبد، ففيه ما لا يخفى. كما أنّ تعليل (الجواهر) بقوله: (لِما سمعته من صدق القتل عمداً وإنْ لم يقصد به، بل وإنْ قصد عدمه فاتّفق القتل، بل لو أراد برميه غير المقتل فأصاب المقتل، فإنَّ ذلك كله من العمد الموجب للقصاص؛ لما عرفته. ولا يرد التأديب ونحوه مما لم يكن عادياً فيه. نعم, خرج من ذلك الصورة المزبورة خاصة للأدلة المذكورة)[8]. ففيه: أنَّه لا دليل على كفاية القتل عمداً وإنْ ادَّعاه رحمه الله، بل المناط العمد في القتل أو كون المقتول مظلوماً كما مرَّ بيانه وتحقيقه، ومع عدم القصد ولا كون الفعل مما يُقتل به غالباً لا يصدق شيء من العنوانين الموجبين للقصاص. -------------------------------------------------------------------------------- [1] - جواهر الكلام 42: 21. [2] - قواعد الأحكام 3: 583. [3] - جواهر الكلام 42: 23. [4] - جواهر الكلام 42: 24. [5] - شرائع الإسلام 2: 361. [6] - مسالك الأفهام 2: 362. [7] - شرائع الإسلام: 360. [8] - جواهر الكلام 42: 21.
|