Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: ب) الغناء في كلمات الفقهاء

ب) الغناء في كلمات الفقهاء

قال العلامة الحلي في تعريف الغناء:

«وهو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، وإن كان في القرآن».[1]

وذكر شبيه هذه العبارة في كتاب «التحرير».[2]

وقال في كتاب «القواعد» :

«والغناء حرام يفسق فاعله، وهو ترجيع الصوت ومدّه».[3]

وأما الفاضل المقداد، فقال:

«المراد بالغناء ما سمّي في العرف غناء، وقيل: هو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع مع الإطراب، والأوّل أولى».[4]

وقال الشهيد الثاني :

«وهو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما سمّي في العرف غناءً، وإن لم يُطرب؛ سواء كان في شعرٍ أم قرآن أو غيرهما».[5]

وقد ذكر هذه العبارة عينها من دون «أو غيرهما» في كتابه «غاية المراد»[6] أيضآ.

واستعرض المحقق الحلي في كتاب «الشهادات»[7] ما يشبه هذا التعريف في معرض

تعداده الذنوب التي يرتكبها الفاسق.

وقد ارتضى المحقق الكركي في «جامع المقاصد» تعريف الشهيد الأول في «الدروس الشرعية»، وعمد إلى بيانه على النحو الآتي:

«والمراد به على ما في الدروس: مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب».[8]

وقال السيد علي الطباطبائي في «رياض المسائل» :

«وهو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، أو ما يُسمّى في العرف غناءً وإن لم يُطرب، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما».[9]

وهو ذات التعريف الذي أورده الشهيد الثاني.

وقد عمد المحقق البحراني في تعريف الغناء الحرام إلى نقل الكلام الآتي الذي اختاره بعد نسبته إلى الشهيد الثاني في «المسالک»:

«الغناء بالمد ككساء، قيل: هو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، فلا يحرم بدون الوصفين، أعني: الترجيع والإطراب».[10]

وقال صاحب الجواهر بعد نقل كلمات اللغويين وبعض الأصحاب في تعريف الغناء:

«فيعلم كون المراد كيفية خاصّة منها موكولة إلى العرف، كما هي العادة في بيان مثال ذلک».[11]

وقال الإمام الخميني (سلام اللّه عليه) في «تحرير الوسيلة»:

«وليس هو مجرّد تحسين الصوت، بل هو مدّه وترجيعه بكيفية خاصّة مطربة تناسب مجالس اللّهو ومحافل الطرب وآلات اللّه‌و والملاهي، ولا فرق بين استعماله في كلام حق؛ من قراءة القرآن والدعاء والمرثية، وغيره من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه لو استعمله فيما يُطاع به اللّه تعالى».[12]

وقال في «المكاسب المحرّمة» أيضآ:

«فالأولى تعريف الغناء بأنه صوت الإنسان الذي له رقّة وحسن ذاتي، ولو في الجملة، وله شأنية إيجاد الطرب بتناسبه لمتعارف الناس».[13]

ثم أشكل على تعريف المشهور قائلا :

«وبما ذكرناه تظهر الخدشة في الحدّ المنسوب إلى المشهور، وهو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، فإنّ الغناء لا يتقوّم بالمدّ ولا الترجيع، ففي كثير من أقسامه لا يكون مدّ ولا ترجيع».[14]

وقال السيد الخوئي :

«والتحقيق أنّ المستفاد من مجموع الروايات ـ بعد ضمّ بعضها إلى بعض ـ هو ما ذكره المصنّف من حيث الكبرى. وتوضيح ذلک: إنّ الغناء المحرّم عبارة عن الصوت المرجّع فيه على سبيل اللّهو والباطل والإضلال عن الحق، سواء تحقّق في كلام باطل أم في كلام حقّ، وسمّاه في الصحاح بالسماع، ويعبّر عنه في لغة الفرس بكلمة بـ(دو بيت، وسرود، وپسته، وآواز خواندن)».[15]

وقال الشيخ النراقي في كتاب «مستند الشيعة»:

«إنّ كلمات العلماء من اللغويين والأدباء والفقهاء مختلفة في تفسير الغناء. ففسّره بعضهم بالصوت المطرب، وآخر بالصوت المشتمل على الترجيع، وثالث بالصوت المشتمل على الترجيع والإطراب معآ، ورابع بالترجيع، وخامس بالتطريب، وسادس بالترجيع مع التطريب، وسابع برفع الصوت مع الترجيع، وثامن بمدّ الصوت، وتاسع بمدّه مع أحد الوصفين أو كليهما، وعاشر بتحسين الصوت، وحادي عشر بمد الصوت وموالاته، وثاني عشر ـوهو الغزالي ـ بالصوت الموزون المفهم المحرّک للقلب. ولا دليل تامآ على تعيين أحد هذه المعاني أصلا. نعم، يكون القدر المتيقن من الجميع المتفق عليه في الصدق ـ وهو: مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب الأعم من السارّ والمحزن المفهم لمعنى ـ غناءً قطعآ عند جميع أرباب هذه الأقوال، فلو لم يكن هنا قول آخر يكون هذا القدر المتفق عليه غناء قطعآ».[16]

أما المحقق السبزواري في «كفاية الأحكام»، فقد عمد ـ كما صنع الشيخ النراقي ـ إلى استعراض التعريفات المختلفة التي ذكرها العلماء بشأن مفهوم الغناء.[17]

ممّا تقدم وذكرناه من تعريفات الفقهاء بشأن مفهوم الغناء، يثبت عدم إمكان تعيين مفهوم الغناء بشكلٍ محدّد. ولكن يمكن القول بأنّ عناصره المكوّنة له عند الفقهاء، عبارة عن: الصوت، والصوت الممدود، والكلام الموزون والمنغّم والجميل، والكلام المطرب، والمناسب لمجالس اللّهو المقترن بالباطل والمحرّمات الأخرى، وما يعتبره العرف من الغناء.

بيد أنه من خلال التدقيق في التعريفات المطروحة من قبل الفقهاء، يمكن القول بأنهم انقسموا في تعريف مفهوم الغناء إلى قسمين، هما :

1ـ المجموعة التي تدخل أحد خصائص الصوت في تعريف الغناء (من قبيل: المدّ، وتدويره
في الحلق مع ذكر قيد الترجيع والإطراب)، من أمثال: المحقق الحلي في الشرائع، والعلامة الحلي في إرشاد الأذهان والتحرير، والشهيد الأول في الدروس، والمحقق الكركي في جامع المقاصد.

2ـ المجموعة التي تركت تحديد مصداق الغناء وتعريفه إلى العرف، من أمثال: الشهيد الثاني في مسالک الأفهام، وفي شرح اللمعة، والشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع، والسيد علي الطباطبائي في الرياض.

وحيث إنّ الغناء ظاهرةٌ عرفية واجتماعية بالكامل ـ ويحتمل قويآ أنّ هذا هو السبب في عدم تصريح الروايات بتعريفه ـ يبدو أنّ حكمه يختلف باختلاف الشرائط والظروف، ومن بينها الزمان والمكان.

من هنا، يمكن لنا أن ندرک بوضوح سبب عدم إمكان العثور على تعريف مجمع عليه من قبل اللغويين الذين يشكّلون المصدر الرئيس لكلمات الفقهاء في تعريف الغناء. ولهذا السبب أيضآ نجد بعض الفقهاء في تعريف الغناء قد أضاف الإحالة إلى العرف، وحتى أولئک الذين لم يصرّحوا بالإحالة إلى العرف، كانوا بصدد تعريف الغناء عرفيآ، وهذا هو السبب الرئيس في رجوعهم إلى اللغويين والاختلاف في هذه التعريفات.

قال السيد جواد العاملي في مفتاح الكرامة: إنّ ما ذكره الفقهاء في تعريف الغناء بـ (مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب) إنما هو من باب التعريف العرفي؛ لأنّ العرف لا يفهم من الغناء إلا ذلک. وعليه فإنّ التعريف الأول يعود إلى هذا التعريف الثاني الذي ذكره الشهيد الثاني والفاضل المقداد، وهو أنّ أفضل طريق لتعريف الغناء وتحديده هو الرجوع إلى العرف، وما فعله الآخرون من تحديدهم للغناء، إنما فعلوا ذلک من باب بيان المصداق العرفي، فهم لم يقوموا في الحقيقة سوى بتعريف الغناء عند العرف .

والاحالة الى العرف كـ الفاضل المقداد والشهيد الثاني، بل قد نقول: إنّ المعنى المشهور يحكم العرف بسواه، ويرشد إلى ذلک أنّ جماعة ممّن عرّفه كالمحقق في شهادات الشرائع والمصنف في الكتاب والتحرير والإرشاد لم يذكروا له إلا المعنى
المشهور، وما ذلک إلا لأنه هو الذي يحكم به العرف... .[18]

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . إرشاد الأذهان، ج2، ص157.

[2] . تحرير الأحكام الشرعية، ج2، ص209.

[3] . قواعد الأحكام، ج4، ص223.

[4] . التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، ج2، ص11.

[5] . الروضة البهية، ج3، ص210.

[6] . غاية المرام، ج4، ص109.

[7] . شرائع الإسلام، ج4، ص116.

[8] . جامع المقاصد، ج4، ص23.

[9] . رياض المسائل، ج8، ص155.

[10] . الحدائق الناضرة، ج18، ص101.

[11] . جواهر الكلام، ج22، ص46.

[12] . تحرير الوسيلة، ج1، ص497.

[13] . المكاسب المحرّمة، ج1، ص305.

[14] . المكاسب المحرّمة، ج1، ص306.

[15] . مصباح الفقاهة، ج1، ص311. رغم أننا لم نفهم المعنىوالمفهوم من العبارة الفارسية التي ختم بها السيد الخوئي كلامهبشكل واضح، ولم نجد ما يؤكدها في أي من المعاجم اللغويةالفارسية وأمثالها، ولكننا نذكرها رعاية للأمانة فقط.

[16] . مستند الشيعة، ج14، ص124.

[17] . كفاية الأحكام، ج1، ص428.

[18] . مفتاح الكرامة، ج12، ص169.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org