Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول فيما يثبت به القود (درس69)
القول فيما يثبت به القود (درس69)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 69
التاريخ : 2008/11/21

القول فيما يثبت به القود (درس69)

بسم الله الرحمن الرحيم

والبحث فيها في مقاصد
الأوّل في اللوث
في (الجواهر): (وهو ـ لغةً ـ القوَّة أو من التلوُّث، وهو التلطُّخ، وعلى كلِّ حال فهو مناسب لما تسمعه من المراد به هنا في لسان الفقهاء وإنْ لم نجده في شيء ممّا وصل إلينا من النصوص، إلاَّ أنّه لا ريب في اعتباره عندنا فيها)[1].
ولا يخفى أنّ اعتباره فيها تابع لما عليه الأخبار من الظنّ مطلقاً أو الظنّ الغالب أو المتآخم للعلم على كونه متفاوتاً مع الغالب، فإنّها الحجّة للاعتبار ثم إنَّه ليس فيها لفظ اللّوث، كما صرّح به (الجواهر) في العبارة المنقولة حتى يلزم البحث عن معناه المعتبر وتفسيره، وإنَّما الموجود فيها بعض أسباب الظنّ وموجباته، كما يظهر ممَّا ننقله منها في مباحث القسامة وأحكامها.
وما في كلمات الأصحاب من تفسيره وبيان المراد منه فمأخوذ من تلك الأخبار دلالة للسبب على المسبب.
وكيف كان، فالكلام في اللوث يقع في مقامين، أحدهما: في اعتباره. وثانيهما: في المراد منه على الاعتبار. والكلام في المقام الثاني يأتي في ذيل عبارة المتن من قوله (والمراد به...) الخ.
وأمَّا الكلام في المقام الأوّل، فهو معتبر بلا خلاف أجده فيه، وظاهرهم الإجماع عليه كما صرَّح به في (الغنية)[2] بل و(الخلاف)[3] ، ولكن ناقشهم بعض الأجلّة، حيث قال بعد نقله جملة الأخبار المتعلّقة بالقسامة الدالّة على ثبوتها في الشريعة من طرق العامَّة والخاصَّة، كالنبوي، وأنَّ البيِّنة على المدَّعي واليمين على من أنكر إلاّ في القسامة، والصحيح: عن القسامة كيف كانت؟فقال: ((هي حق، وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضاً، ثمّ لم يكن شيء، وإنَّما القسامة نجاة للناس))[4].
والصحيح: عن القسامة؟فقال: ((الحقوق كلّها البيِّنة على المدَّعي واليمين على المدَّعى عليه، إلاّ في الدم خاصَّة، فإنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الأنصار: إنَّ فلاناً اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فإنْ لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمته،فقالوا: يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ما عندنا شاهدان من غيرنا، وإنّا لنكره أنْ نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوِّه حجزه مخافة القسامة أنْ يقتل به فكفَّ عن قتله، وإلاّ حلف المدَّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، وإلاّ أُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون))[5].
واستفادته أحكام تسعة منه، حيث قال ما لفظه: (هذه الأخبار خالية من اعتبار اللوث لفظاً، يعني لم يوجد للقسامة شرط اللوث، نعم في بعضها وجد القتيل في قليب وقرية ونحو ذلك وليس ذلك بواضح ولا صريح في اشتراطة) إلى أنْ قال: (فكأنَّ لهم على ذلك إجماعاً أو نصّاً ما اطلعت عليه)[6].
هذا، ولكنَّ الذي يظهر من (الرياض)[7] ومن حواشي صاحب (مفتاح الكرامة) على قصاص (اللثام) استدلالهم على اعتباره بوجوه:
أحدها: الإجماع المعلوم والمنقول، ففي (مفتاح الكرامة): (وكيف كان فإنّما ثبتت القسامة في الدماء مع اللوث بالإجماع المعلوم والمنقول في (الغنية) و(الخلاف) بل يظهر من (السرائر) أنَّ عليه في القتل إجماع المسلمين، وفي (الإيضاح): إجماعنا)[8].

ثانيها: صحيح مسعدة بن زياد، عن الامام جعفر ـ عليه السلام ـ قال: ((كان أبي ـ رضي الله عنه ـ إذا لم يقم القوم المدَّعون البيّنة على قتل قتيلهم، ولم يقسموا بأنّ المتَّهمين قتلوه، حلَّف المتَّهمين بالقتل خمسين يميناً بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، ثمّ يؤدِّي الدية إلى أولياء القتيل، ذلك إذا قتل في حي واحد، فأمّا إذا قتل في عسكر أو سوق مدينة فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال))[9].
وفيه الدلالة من جهة ما فيه من ذكر التهمة، ومن جهة الفرق بين ما قتل في حيٍّ، وما قتل في عسكر، ففيه الدلالة على اعتبار اللوث من وجهين.
وأظهر منه قول الامام الصادق ـ عليه السلام ـ في خبر زرارة قال: ((إنّما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشرِّ المتَّهم، فإنْ شهدوا عليه جازت شهادتهم))[10].
ثالثها: إطباق المسلمين، وفي الحاشية بعد الاستدلال بالاجماع والصحيح المذكورقال: مضافاً إلى إطباق المسلمين على ذلك، أي اعتبار اللّوث، سوى الكوفي على ما حكي عنه في (الخلاف) حيثقال: (لا أعتبر اللّوث، ولا أرى بحثه، ولا أرى جعل اليمين في جانب المدَّعي)[11].
رابعها: لزوم الاقتصار على القدر المتيقن من القسامة، وهو ما فيه اللوث لما فيها من المخالفة للقواعد، ففي (الرياض): (لعلَّ الوجه فيما ذكروه من اشتراط اللوث مخالفة القسامة للقاعدة، فإنَّ إثبات الدعوى بقول المدَّعي ويمينه على خلاف الأصل; لأنَّه حكم بغير دليل، ولقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((لو يعطى الناس بأقوالهم لاستباح قوم دماء قوم وأموالهم)) فيجب الاقتصار فيها على المتيقَّن من النصّ والفتوى، وليس إلاّ ما ذكرنا; لورود أكثر النصوص في قضية عبد الله بن سهل المشهورة، وفيها اللوث بلا شبهة)[12].
خامسها: أنَّ عدم اعتبار اللوث يستلزم عدم الفرق بين قتيل يوجد في قرية أو محلّة أو نحو ذلك من الأمثلة الآتية لللوث وقتيل يوجد في سوق أو فلاة أو جمعة، مع أنَّ الفتاوى والنصوص مطبقة بالفرق بينهما بثبوت القسامة في الأوّل دون الثاني.
وفي الحاشية بعد ذكر الأدلّة على التفصيل قال: (فقد دلَّت على اعتبار هذا الشرط الاُصول والقواعد والأخبار والإجماعات من الخاصَّة والعامّة)[13].
لكن مع ذلك كلِّه ناقش (الجواهر) في الأدلّة، وقال بعد بيان جلّ الأدلّة إنْ لم يكن كلّها: إنَّ العمدة ما عرفته من الإجماع السابق، أي إجماع (الخلاف) و(الغنية) ونفى الريب في اعتباره عندنا.
وعن (السرائر) أنَّ: (عليه إجماع المسلمين)[14] وفي الأعضاء إجماعنا، ثم قال صاحب (الجواهر): (ضرورة منع الإجمال في الإطلاقات المزبورة الفارقة بين الدماء والأموال، وصحيح مسعدة[15] لا ظهور فيه في الاشتراط على وجه إنْ لم تحصل أمارة للحاكم لم تشرع القسامة، ولا الخبر الآخر[16]، والفرق المزبور بين قتيل الزحام وغيره إنَّما هو بالنسبة إلى أداء الدية لا في اللوث، كما ستعرفه في نصوصه، فتأمَّل جيّداً)[17].
ولقد أجاد في أمره بالتأمُّل جيّداً; لما في كلامه من المناقشة ما لا يخفى، حيث إنّ الإطلاقات الفارقة ـ مع قطع النظر عن عدم كونها إلاّ واحدة وهي خبر أبي بصير[18] كما بيّنوه ـ لأصل المشروعيّة، والفرق بين الأموال والدماء فيها، ولذلك لا يصحُّ التمسّك بها، لعدم شرطية بقية شرائط القسامة، فلا يمكن التمسّك بمثل الإطلاق على عدم اشتراط اللوث ولا على عدم اعتبار بقية الشرائط، وحيث إنَّ الخبر الآخر، أي خبر زرارة[19] يدلّ على اعتبار اللوث بالحصر وبكلمة ((إنَّما)) فكيف يقال بعدم ظهوره في الاشتراط؟ وحيث إنَّ في جعله العمدة من الأدلّة الإجماع مالا يخفى، فإنَّه في مسألة اجتهاديّة.
نعم، العمدة من الثلاثة الباقية (الرابع والخامس والثاني)الرابع، واللاّزم منه الاقتصار على المتيقَّن منه، وهو الظنّ الغالب المتآخم للعلم، كما هو واضح لا مطلقه ولا الغالب في إفادة الظنّ للغالب.
وكيف كان، فلا قسامة مع ارتفاع التهمة وعدم الأمارة التي تورث ظنّاً يصدق المدَّعى فضلاً عن كونه متآخماً للعلم بلا خلاف فيه، بل الإجماع بقسمية عليه، فللوليّ إحلاف المنكر يميناً واحدة، كما في غيره من الدعاوى، ولا يجب التغليظ عليه فيها عدداً أو قولاً أو غيرهما وإنْ دعاه إليه الوليّ أو الحاكم، خلافاً لـ(النافع) في أحد قوليه، فأوجب خمسين يميناً على منكر القتل مطلقاً، وهو واضح الضعف.
ولو نكل فعلى قولين من القضاء عليه بالنكول أو مع يمين المدَّعي.

--------------------------------------------------------------------------------
[1] - جواهر الكلام 42: 226.
[2] - غنية النزوع: 441.
[3] - كتاب الخلاف 5: 303.
[4] - وسائل الشيعة 29: 151، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 2.
[5] - وسائل الشيعة 29: 152، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 3.
[6] - مجمع الفائدة والبرهان 14: 182.
[7] - رياض المسائل 2: 517.
[8] - مفتاح الكرامة 11: 51.
[9] - وسائل الشيعة 29: 152، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 6.
[10] - وسائل الشيعة 29: 154، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب9، الحديث 7.
[11] - مفتاح الكرامة 11: 51.
[12] - رياض المسائل 2: 517.
[13] - مفتاح الكرامة 11: 52.
[14] - كتاب السرائر 3: 338.
[15] - وسائل الشيعة 29: 153، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 6.
[16] - وسائل الشيعة 29: 154، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 7.
[17] - جواهر الكلام 42: 231.
[18] - وسائل الشيعة 29: 153، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 4.
[19] - وسائل الشيعة 29: 154، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 9، الحديث 7.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org