|
وفاة الخواجة الطوسي
سافر المحقّق الطوسي سنة 672 هـ إلى بغداد مع جمع من تلاميذه، لكي يجمعوا ما بقي من الكتب المنهوبة فيها ويأتوا بها إلى مراغة، أنّ الأجل لم يمهلّه. وعلى هذا الأساس، كانت وفاة المحقّق الطوسي سنة 672 هـ الموافق لسنة 1274 م في مدينة بغداد، وبناء على وصيّته، نقلت جنازته إلى مقام الكاظمين(عليهما السلام) ، ودفن تحت قدمي الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) . وفي ذلك ينقل القاضي نور اللّه الشوشتري وبعض آخر من الكتّاب، أنّه عندما أيقن المحقّق الطوسي بعدم إمكان معالجة المرض الذي نزل به، جرى الحديث عن الكفن والدفن مع أصحابه وأقاربه، فقيل له: الأفضل أن يتمّ الدفن بجوار قبر الإمام علىّ(عليه السلام) ، فقال: إنّي أخجل أن أموت بجوار قبر هذا الإمام، وأنقل إلى مكان آخر، لذا تمّ دفنه في مشهد الكاظمين بناء على وصيّته. وقد حضر تشييعه علاء الدين محمّد الجوييني; صاحب الديوان، بالإضافة إلى أكابر ذلك الوقت، فضلا عن عموم الناس. وعندما أرادوا أن يحفروا من جهة قدمي الإمامين(عليهما السلام) ، تبيّن وجود سرداب هناك، مرتّب ومزيّن ومكتوب فيه: هذا قبر قد ادخره الناصر باللّه العباسي لنفسه. وهو الخليفة العباسي الثالث والأربعين (575 ـ 622 هـ )، ولكن لم يكن من نصيبه; حيث لم يدفنه ولده هناك، وعدل عن وصيّة والده في دفنه في ذلك الموضع، ودفنه في رصافة دمشق. لذا تمّ دفن جسد الخواجة نصير الدين الطوسي في ذلك السرداب. وممّا يذكر أنّه أوصى أن ينقش على قبره هذه الآية الكريمة: ( وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ );([1])تعظيماً لآل بيت الرسول(صلى الله عليه وآله) . ومن الاتّفاقات أنّ تاريخ إتمام ذلك القبر يوم السبت حادي عشر شهر جمادى الأُولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وفي ذلك اليوم بعينه تولّد المحقّق نصير الدين.([2]) لقد كان الخواجة نصير الدين الطوسي نجمة مضيئة، لمعت في عصر المغول المظلم، وهو الذي أضاء نور الحكمة في كلّ مدينة وطأها، وأشعل فيها حبّ العلم والأخلاق. وكان وجود مثل هذا العالم العظيم في تلك الحقبة المظلمة أعظم بركة، وأكبر معجزة عجيبة للإنسانيّة عموماً، وللمسلمين خصوصاً. فرضوان اللّه عليه. -------------------------------------------------------------------------------- [1] . الكهف (18): 18. [2] . أنظر: ريحانة الأدب، ج 2، ص 182; مجالس المؤمنين، ج 2، ص 205; جامع التواريخ، ج 2، ص 709.
|