|
منهجنا في التحقيق
لا يخفى على أحد مَدى الأهميّة البالغة التي يحظى بها كتاب « جواهر الفرائض » للمحقّق نصير الدين الطوسي (رحمه اللّه و أسكنه في فسيح جنّاته)، و ما يتميّز به من كونه مصدراً مهمّاً و مرجعاً معتمداً للفقهاء في باب الإرث. و من هنا، و بِحَثّ سماحة آية اللّه العظمى الشيخ يوسف الصانعي مدّ ظلّه العالي أقدم المؤسسة على تحقيق هذا الأثر النفيس و التراث الرائع و وضعه في مكانه اللائق به. ولما يتمتّع به الكتاب من أهميّة كبيرة، فقد حرّصت المؤسسة على استحصال جملة من النسخ المخطوطة له لتحقيق النصّ فيه. و قد أحضرنا لذلك، النسخ الأربع المخطوطة التي تمّ الاعتماد عليها في مقابلة الكتاب، رغم أن توجد نسخ كثيرة للكتاب تحتفظ بها المكتبات الخاصّة و العامّة إلاّ أنّنا قُمنا بأربع نسخ، و عملنا المقابلة بمرّات عديدة و تقويم النصّ بينها و أثبتنا اختلافات السنديّة الموجودة في النسخ، مع ذكر عباراة متفاوتة من النسخ الاُخرى في الهامش. مخطوطات الكتاب اعتمدنا لتصحيح الكتاب و مقابلته بأربع نسخ مخطوطة التي رمزنا لها بالرموز: «أ»، «ب»، «ج»، «د» على التوالي، و إليك تعريفها: النسخة الاُولى: و هي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية اللّه العظمى السيّد المرعشي(قدس سره) في قم المقدّسة، تحت الرقم 9306 و تقع في 16 ورقة مزدوجة، طولها 20 سم في عرض 13، و في كلّ صفحة 16 سطراً، و قد نسخت في سنة 725 هـ.ق من يوم الأربعا الثاني و العشرين من شهر شوّال المكرّم، كاتبها يحيى بن تاج الشرف بن محمّد الموسوي. و من المؤسّف عليه أنّ النسخة ناقصة; لفقد أوراق منها في الموضعين المختلفين، و عليها حواشيّ متفرّقة، و رمزنا لها بالحرف «أ». النسخة الثانية: و هي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الإمام الرضا(عليه السلام)(آستان قدس رضوي) بمشهد المقدّسة، تحت رقم 756 و تسلسلها العام 7154 ، تقع في 47 ورقة، طولها 18 سم في عرض 12، و في كلّ صفحة 9 سطراً، و هي مجهولة التاريخ و لم نعرف أيضاً كاتبها، و هذه النسخة بالرغم من أنّها مجهولتي التاريخ و الناسخ، لكنّها من النسخ الجيّدة في الخط و المعالم، و تمتاز بتصحيحات و تعليقات على هوامشها، و عليها رموز لأسماء الذين علّقوا عليها، و رمزنا لها بالحرف «ب». النسخة الثالثة: و هي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة المقدّسة الروضة الرضويّة(عليه السلام) (آستان قدس رضوي) في مشهد الرضوي، برقم 755، و تسلسلها العام 5711، عدد أورقها 19 ورقة، طولها 5/18 سم في عرض 5/12، و في كلّ صفحة 17 سطراً، و كاتبها سعد اللّه بن أمان اللّه بن عليّ، فرغ كاتبها من كتابتها بساحل أرس في حدّ فاصل مملكة إيران مع بلد الآذربايجان في أواسط شهر ذي القعدة سنة 958 هجريّة. و قد اعتمدنا عليها بالدرجة الثالثة، و رمزنا لها بالحرف «ج». النسخة الرابعة: و هي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية اللّه العظمى الگلپايگاني(قدس سره) في قم المشرّفة، المرقّمة 159/26، عدد أوراقها45 ورقة، و في كلّ صفحة 12 سطراً، و ناسخها محمّد صالح بن محمّد، يعود تاريخ نسخها إلى يوم الجمعة تسع و عشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1020 هـ.ق، و تمتاز هذه النسخة بتعليقات و توضيحات على هامشها، و بالرغم من أنّها متأخّرة، لكنّها جيّدة الخط و مقروءة بالتصحيح، و تنفرد أيضاً بمزيّة في آخرها، و هي بيان المسألة الشيخ معين الدين سالم(رحمه الله) في قرابات الأربع التي دارجناها في آخر رسالة النصيريّة باسم الضميمة، و إليك بمراجعتها. على أيّ حال، رمزنا هذه النسخة بالحرف «د». هذا، و بعد أن اكتملت النسخ لدى المؤسسة، شرعنا بهذا العمل، وفقاً لمنهجيّة التحقيق، المتّفق عليها في المؤسسة، و عمليّاته في الكتاب ـ التي أشرنا إليها آنفاً ـ يتلخّص باُمور تالية: 1ـ مقابلة النسخ; لقد قابلنا النسخ أكثر من مرّة واحدة، و في بعض الموارد عملنا المقابلة بمرّات عديدة. 2ـ تقويم النصّ و تصحيح المتن، ووضع اختلاف النسخ ـ المغيّر للمعنى ـ في الهامش، و اختيار الصواب، و شرح المفردات اللغويّة، و كلّ الأعمال المؤدّية إلى ضبط النصّ، و إنّما قمنا بطريقة التلفيق ـ في هذه المرحلة ـ بين النسخ و أثبتنا ما يوافق النصّ بعد القطع بصحّته. و لا يخفى على البصير: أنّ هذه المرحلة من المهمّات التي تحتاج إلى خبرة و اختصاص. 3ـ تخريج الآيات و الأحاديث القليلة في كتاب « جواهر الفرائض ». 4ـ تخريج الأقوال و الآراء من المصادر المتقدّمة على المؤلّف أو قريبة منه، و في موارد بتخريجها من كتب المتأخّرين; لأنّها أوضح دلالة. و قد سلكنا فيها بذكر الأقدم منها أوّلاً و هكذا، و لذا يمكن أن يكون المطلب في المصدر الثاني أو الثالث أتمّ و أكمل. 5ـ تقطيع المتن و كلّ ما زدناه في الكتاب ـ من العناوين و ممّا يقتضيه السياق; تسهيلاً للباحثين ـ وضعنا كافّة هذه الإضافات بين المعقوفين. 6ـ المراجعة النهائيّة لإعمال تحقيق الكتاب من كافّة جوانبه قبل إرساله إلى الطبع. والذي علينا أن نذكره في هذا المجال مرّة اُخرى: أنّ في بعض هذه النسخ تصحيحات و بلاغات و تعليقات مفيدة على هوامشها، و نحن في الوقت الذي رسّم هوامش الكتاب، استفدنا منها لفهم عبائر المصنّف و إيضاحها لطالب، و للتأكّد من صحّة بعض النصوص فيه. لاحظنا في العمل، أنّ النسخ الأربع المخطوطات،فيها نصوص، بعضها مغيّر للمعنى، مضافاً بأنّ في نسخة «أ» سقط في موضعين التي أشرنا إليها في محالّها، فلذلك، كان العسير علينا اختيار نسخة من بينها يصحّ الاعتماد عليها كي تكون أصلاً و مرجعاً في التحقيق، فلذا سلكنا باُسلوب التلفيق بين النسخ، و لكن أكثر اعتمادنا على النسخة «أ». هذا، و لكنّ الذي يجب ذكره علينا، هو أنّنا ما اُبرّئ نفسي من الخطاء و الاشتباه، و لكن نقول: إنّا بذلنا جهدنا و اجتهدنا رأينا لإخراج تحقيق هذا الأثر القيّم الفخم بكامل استعداد. واللّه الموفّق للصواب. شكر و ثناء وختاماً: نحمد اللّه تعالى حمداً كثيراً و نشكره على توفيقه إيّانا لتحقيق هذا الأثر الثمين. و نرى لزاماً علينا أن نتقدّم بالشكر الجزيل للاُستاذ الكبير في الحوزة العلميّة، المرجع الديني، آية اللّه العظمى الشيخ يوسف الصانعي دام ظلّه العالي، المتخصّص في الفقه و الحديث، حيث تفضّل سماحته على حضّه الخاصّة لتحقيق الكتاب و تصحيحه و تنميقه، و في بعض الأحيان أرشدنا في الاُمور المشكلة بإرشادات قيّمة نافعة في خلال العمل، بعد عنايته و مساعدته بكلّ ما عملنا في سبيل إحياء التراث الفقهي في مؤسسة فقه الثقلين الثقافية التابعة لمكتبه. فله لذلك علينا منّة عظيمة. و أيضاً نتوجّه بالثناء الجميل لكلّ من ساهمنا و ساعدنا على إنجاز هذا العمل، لاسيّما المدير المؤسسة الفاضل المكرّم الشيخ فخرالدين الصانعي (يزيد اللّه له في التأييد و التوفيق) لتفضّله و إشرافه و إعادة النظر في جميع مراحل العمل. فجزاهم اللّه خير الجزاء و وفّقهم اللّه و إيّانا لما يحبّ و يرضى. و نسأل اللّه سبحانه أن يتقبّل منّا هذا المجهود بقبول حسن، و يجعله ذخراً لنا ليوم المعاد. والحمد للّه ربّ العالمين قسم إحياء التراث الفقهي لمؤسسة فقه الثقلين الثقافية قم المقدّسة في جمادي الثانية سنة 1432 هـ .ق
|