فصل
[في مواضع تكره الصلاة فيها](57)
يكره الصلاة في سبعة وثلاثين موضعآ: وادي ضَجْنان،[314] ووادي الشُقْرة[315] ، والبَيْداء[316] ، وذات الصلاصل،[317] وعلى القبور. ورد به خبر.[318]


-----------------

(57) ثبوت الكراهة في بعض تلک الموارد محلّ نظر، والأمر سهلٌ.

-----------------
وبين المقابر، إلّا إذا كان بينه وبينها عشرة أذرع أمّامه وعن يمينه وشماله وخلفه، رواه عمّار الساباطي في الجهات الأربع.[319]
والأرض الرملة، والسبخة.[320] جاء به خبر صحيح في السبخة،[321] فإن كانت أرضآ[322] مستوية فلا بأس.

ومعاطن الإبل،[323] فإن كنسها ورشّها بالماء زالت الكراهيّة (58)، ومرابط الخيل والبغال والحمير، والمزابل، ومذابح الأنعام، وقرى النمل (59)، وبطن الوادي والحمامات، وجوادّ الطرق[325] ،(60)وبيوت الغائط، وبيوت النيران (61)، وبيوت‌المجوس، والكنائس، والوحل، والثلج، وعلى كديس‌الحنطة[326] وإن كان مطمئنّآ، وإليه ذهب الشيخ في التهذيب.[327] وجاء به

خبر صحيح.[328]

-----------------

(58) مع الخوف على مثل التلف على متاعه من موارد الاضطرار والضرر لو صلّى في غير ذلک، وما في الأخبار[324] من ذكر الخوف لا خصوصيّة فيه عرفآ؛ حيث إنّ ذكره كان من جهة المورد، فإنّ المتعارف في الأزمنة السابقة حمل المتاع بالإبل.
(59) وأوديتها، وإن لم يكن فيها نمل ظاهر حال الصلاة.
(60) بل مطلق الطرق، كما استظهره الجواهر[329] من أخبار الباب[330] ، لا وسطها، ولا معظمها بكثرة المتطرّقين، أو باشتماله على طرق ممّا عليه بعض كتب اللغة[331] والفقه[332] ، وعلى هذا، فالصلاة في كلّ الطرق الغير المهجورة تكون مكروهآ من دون فرق بينها في أصل الكراهة ولا في مراتبها. نعم، المهجور منها ممّا لا يطلق عليه اسم الطريق والجادّة لايكره الصلاة فيه؛ للخروج عن الموضوع فعلا، هذا إذا لم تضرّ بالمارّة، وإلّا حرمت وبطلت.
(61) إلّا إذا رشّها بالماء، فإنّ الظاهر رفع الكراهة بذلک فيها وفي تاليها.
-----------------

والموضع الذي يصلّي فيه هو والمرأة معآ[333] إذا كانت بين يديه (62)أو عن يمينه أو عن شماله ولم يكن بينها وبينه عشرة أذرع (63)على الصحيح من المذهب. وبه قال السيّد المرتضى في مصباحه،[334] وجماعة من أصحابنا،[335] وهو اختيار ابن إدريس[336] ، وذهب الشيخ أبو جعفر في الأوّل من النهاية[337] إلى تحريمه، معتمدآ في التحريم على ما رواه عمّار الساباطي،[340] وهو فطحىّ، وقد روي من طريق العدول ما يعارض رواية عمّار[341] وأطلق ذلک الشيخ المفيد
فقال :
لا يجوز للرجل أن يصلّي وامرأة تصلّي إلى جانبه أو في صفّ معه، ومتى صلّى، وهي مشافهته له بطلت صلاتهما.[342]

وبيوت الخمر، والموضع الذي يكون فيه بين يدي المصلّي نار في مجمرة أو قنديل، والموضع الذي يكون فيه بين يديه[343] تماثيل غير مغطاة، والموضع
الذي يكون فيه سلاح مشهور، والموضع الذي يكون فيه مصحف مفتوح وهو يحسن قراءته، والموضع الذي فيه[344] امرأة جالسة، والموضع الذي فيه
إنسان[345] مواجه، والموضع الذي في قبلته حائط ينزّ من بالوعة يبال
فيها(64)، والموضع الذي فيه نجاسة لا تتعدّى إليه. وقال أبو الصلاح :لا يجوز الوقوف في الصلاة على الأرض النجسة، ولا يجوز السجود بشيء من الأعضاء السبعة، إلّا على محلّ طاهر[346] .

وتكره الصلاة أيضآ في سطح الكعبة في الفريضة خاصّة دون النوافل. وبه قال الشيخ أبو جعفر في النهاية في باب ما يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان.[347] وقال في باب النفرة من منى وفي[348] مسائل الخلاف :


لا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة في جوف الكعبة مع الاختيار.[349]

-----------------

(62) الكراهة مختصّة بصورة المحازاة، وإلّا فكما أنّ تقدّم الرجل لا كراهة فكذلک تقدّم المرأة؛ قضاءً لصحيحة عبداللّه بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبداللّه 7 : أُصلّي والمرأة إلى جنبي وهي تصلّي. قال: «لا، إلّا أن تتقدّم هي أو أنت، ولا بأس أن تصلّي وهيبحذائک جالسة أو قائمة».[338] والظاهر من التقدّم، التقدّم في
المكان، لا في الصلاة، وجعلها على التقدّم بالصلاة يحتاج إلى الإضمار، وهو خلاف الأصل، مضافآ إلى صيرورة الاستثناء منقطعآ؛ لأنّ المفروض في السؤال هو التقارن في الصلاة.
(63) بل من شبر إلى عشرة أزرع. ولا يخفى أنّ عشرة أزرع رافع لجميع مراتب الكراهة، واختلاف الأخبار[339] من التحديد بالشبر إلى عشرة أزرع محمول على
الاختلاف في مراتب المرفوع، أي مراتب الكراهة.
(64) وترتفع الكراهة بستر الحائط.

_______________

[314] . ضجنان: جبيل بناحية مكّة، أمّا ضَجن فلم أسمع فيه شيئآ غير جبل بناحية تهامة يقال له ضجنان... .(لسان العرب :8 24، مادّة: «ضجن»).
[315] . وادي الشُقرة: هو بضمّ الشين وسكون القاف... ، موضع معروف في طريق مكّة. (مجمع البحرين :3352، مادّة: «شقر»).
[316] . البيداء: أرض مخصوصة بين مكّة والمدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة ... . (مجمع البحرين :318، مادّة: «بيد»).
[317] . الصلاصل: جمع صلصال، وهو الطين الحرّ المخلوط بالرمل... ، اسم لموضع المخصوص في طريقمكّة. (مجمع البحرين :5 408، مادّة: «صلصل»).
[318] . التهذيب :2 374، الحديث 87؛ الاستبصار :1 397، الحديث 3؛ وسائل الشيعة :5 159، أبواب مكانالمصلّي، الباب 25، الحديث 4.
[319] . الكافي :3 390، باب الصلاة في الكعبة وفوقها و... ، الحديث 13؛ التهذيب :2 227، الحديث 896؛الاستبصار :1 397، الحديث 1513؛ وسائل الشيعة :5 159، أبواب مكان‌المصلّي، الباب 25، الحديث 5.
[320] . السبخة: بالفتح، واحدة السباخ. وهي أرض مالحة يعلوها الملوحة... . (مجمع البحرين :2 433،مادّة: «سبخ»).
[321] . التهذيب :2 221، الحديث 873؛ الاستبصار :1 396، الحديث 1509؛ وسائل الشيعة :5 151، أبوابمكان المصلّي، الباب 20، الحديث 7.
[322] . في ب: «أيضآ».
[323] . معاطن الإبل: هي جمع معطن، مبارک الإبل عند الماء لتشرب علّاً بعد نهل ... . (مجمع البحرين :6282، مادّة «عطن»).
[324] . وسائل الشيعة :5 144، أبواب مكان المصلّي، الباب 17، الحديث 1، 2، 5 و 6.
[325] . الجوادّ: مفرد جادّة، الجوادّ: الطرق، واحدها جادّة، وهي سواء الطريق، وقيل: معظمه. وقيل: وسطه.(لسان العرب :2 200، مادّة: «جدد»).
[326] . كدس: الكُدس والكَدس: العرمَة من الطعام والتمر والدراهم ونحوها، والجمع: كداس وهو الكدِّيس.(لسان العرب :12 45، مادّة: «كدس»).
[327] . التهذيب :2 309، ذيل الحديث 1253.
[328] . التهذيب :2 309، الحديث 1253؛ وسائل الشيعة :5 182، أبواب مكان المصلّي، الباب 39، الحديث 1.
[329] . جواهر الكلام :8 370.
[330] . وسائل الشيعة، :5 147، أبواب مكان المصلّي، الباب 19.
[331] . كمعجم مقاييس اللغة :1 408، مادّة: «جد»؛ والقاموس المحيط :1 282، مادّة: «جد»؛ ومجمل اللغة :115، مادّة: «جد».
[332] . كمدارک الأحكام :3 233؛ وكشف اللثام :3 303 ـ 304.
[333] . ليس في م 2 و ف: «معاً».
[334] . المصباح مفقود لم تصل بأيدينا، نعم، نقله عنه ابن إدريس في السرائر :1 269؛ ومحقّق الحلّي فيالمعتبر110:2.
[335] . منهم: المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام :1 57؛ والمعتبر :2 110؛ والمحقّق الآبي في كشف الرموز :1 143.
[336] . السرائر :1 269.
[337] . النهاية: 100 ـ 101.
[338] . التهذيب :2 231، الحديث؛ وسائل الشيعة :5 124، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 5.
[339] . وسائل الشيعة :5 123، أبواب مكان المصلّي، الباب 5 و: 128، الباب 7.