|
كتاب الضمان / فصل في معنى الضمان وشرائطها وأحكامها
وهو من الضمن ; لأنّه موجب لتضمّن ذمّة الضامن للمال الذي على المضمون عنه للمضمون له، فالنون فيه أصليّة كما يشهد له سائر تصرّفاته من الماضي والمستقبل وغيرهما، وما قيل من احتمال كونه من الضمّ فيكون النون زائدة، واضح الفساد، إذ مع منافاته لسائر مشتقّاته لازمه كون الميم مشدّدة.
وله إطلاقان: إطلاق بالمعنى الأعمّ الشامل للحوالة والكفالة أيضاً، فيكون بمعنى التعهّد بالمال أو النفس، وإطلاق بالمعنى الأخصّ ; وهو التعهّد بالمال عيناً أو منفعة أو عملاً، وهو المقصود من هذا الفصل. ويشترط فيه اُمور: أحدها: الإيجاب، ويكفي فيه كلّ لفظ دالّ، بل يكفى الفعل الدالّ[968] ولو بضميمة القرائن على التعهّد والالتزام بما على غيره من المال. الثاني: القبول من المضمون له، ويكفى فيه أيضاً كلّ ما دلّ على ذلك من قول أو فعل[969]. وعلى هذا فيكون من العقود المفتقرة إلى الإيجاب والقبول، كذا ذكروه[970]، ولكن لا يبعد دعوى عدم اشتراط القبول على حدّ سائر العقود اللازمة، بل يكفي رضا المضمون له[971] سابقاً أو لاحقاً، كما عن «الإيضاح» والأردبيلىّ، حيث قالا: يكفي فيه الرضا ولا يعتبر القبول العقدي، بل عن «القواعد»: وفي اشتراط قبوله احتمال ويمكن استظهاره من قضيّة الميّت المديون الذي امتنع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يصلّي عليه حتّى ضمنه عليّ (عليه السلام)، وعلى هذا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب والموالات وسائر ما يعتبر في قبولها، وأمّا رضا المضمون عنه فليس معتبراً فيه، إذ يصحّ الضمان التبرّعي، فيكون بمنزلة وفاء دين الغير تبرّعاً، حيث لا يعتبر رضاه، وهذا واضح فيما لم يستلزم[972] الوفاء أو الضمان عنه ضرراً[973] عليه[974] أو حرجاً، من حيث كون تبرّع هذا الشخص لوفاء دينه منافياً لشأنه، كما إذا تبرّع وضيع ديناً عن شريف غنيّ قادر على وفاء دينه فعلاً. الثالث: كون الضامن بالغاً عاقلاً، فلا يصحّ ضمان الصبيّ وإن كان مراهقاً، بل وإن أذن له الوليّ على إشكال[975]، ولا ضمان المجنون إلاّ إذا كان أدوارياً في دور إفاقته، وكذا يعتبر كون المضمون له بالغاً عاقلاً، وأمّا المضمون عنه فلا يعتبر فيه ذلك، فيصحّ كونه صغيراً أو مجنوناً. نعم لا ينفع إذنهما في جواز الرجوع بالعوض. الرابع: كونه مختاراً[976]، فلا يصحّ[977] ضمان المكره[978]. الخامس: عدم كونه محجوراً لسفه إلاّ بإذن الوليّ، وكذا المضمون له، ولا بأس بكون الضامن مفلّساً، فإنّ ضمانه نظير اقتراضه فلا يشارك المضمون له مع الغرماء، وأمّا المضمون له فيشترط عدم كونه مفلّساً، ولا بأس بكون المضمون عنه سفيهاً أو مفلّساً، لكن لا ينفع إذنه[979] في جواز الرجوع عليه[980]. السادس: أن لا يكون الضامن مملوكاً غير مأذون من قبل مولاه على المشهور[981] ; لقوله تعالى: (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْء)([982])، ولكن لا يبعد صحّة ضمانه وكونه في ذمّته يتبع به بعد العتق، كما عن «التذكرة» و«المختلف» ونفي القدرة منصرف عمّا لا ينافي حقّ المولى، ودعوى: أنّ المملوك لا ذمّة له، كماترى، ولذا لا إشكال في ضمانه لمتلفاته. هذا، وأمّا إذا أذن له مولاه فلا إشكال في صحّة ضمانه وحينئذ فإن عيّن كونه في ذمّة نفسه أو في ذمّة المملوك يتبع به بعد عتقه أو في كسبه، فهو المتّبع، وإن أطلق الإذن ففي كونه في ذمّة المولى أو في كسب المملوك أو في ذمّته يتبع به بعد عتقه أو كونه متعلّقاً برقبته وجوه وأقوال، أوجهها الأوّل ; لانفهامه[983] عرفاً[984]، كما في إذنه للاستدانة لنفقته أو لأمر آخر، وكما في إذنه في التزويج حيث إنّ المهر والنفقة على مولاه، ودعوى الفرق بين الضمان والاستدانة بأنّ الاستدانة موجبة لملكيّته وحيث إنّه لا قابلية له لذلك يستفاد منه كونه على مولاه بخلاف الضمان حيث إنّه لا ملكيّة فيه، مدفوعة بمنع عدم قابليّته للملكية، وعلى فرضه أيضاً لا يكون فارقاً بعد الانفهام العرفيّ. السابع: التنجيز[985]، فلو علّق الضمان على شرط كأن يقول: أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا، أو إن لم يف أصلاً بطل على المشهور[986]، لكن لا دليل عليه بعد صدق الضمان وشمول العمومات العامّة، إلاّ دعوى الإجماع في كل العقود على أنّ اللازم ترتّب الأثر عند إنشاء العقد من غير تأخير، أو دعوى منافات التعليق للإنشاء، وفي الثاني ما لا يخفى وفي الأوّل منع تحقّقه في المقام، وربما يقال: لا يجوز تعليق الضمان ولكن يجوز تعليق الوفاء على شرط مع كون الضمان مطلقاً، وفيه: أنّ تعليق الوفاء عين تعليق الضمان ولا يعقل التفكيك[987]. نعم في المثال الثاني يمكن أن يقال[988] بإمكان تحقّق الضمان[989] منجّزاً مع كون الوفاء معلّقاً على عدم وفاء المضمون له ; لأنّه يصدق أنّه ضمن الدين على نحو الضمان في الأعيان المضمونة، إذ حقيقته[990]قضيّة تعليقيّة، إلاّ أن يقال بالفرق بين الضمان العقدي والضمان اليدي. الثامن: كون الدين الذي يضمنه ثابتاً في ذمّة المضمون عنه، سواء كان مستقرّاً كالقرض والعوضين في البيع الذي لا خيار فيه، أو متزلزلاً كأحد العوضين في البيع الخياري، كما إذا ضمن الثمن الكلّي للبائع، أو المبيع الكلّي للمشتري، أو المبيع الشخصي[991] قبل القبض، وكالمهر قبل الدخول ونحو ذلك، فلو قال: اقرض فلاناً كذا وأنا ضامن، أو بعه نسيئة وأنا ضامن، لم يصحّ على المشهور[992]، بل عن (التذكرة) الإجماع، قال: لو قال لغيره: مهما أعطيت فلاناً فهو عليّ، لم يصحّ إجماعاً، ولكن ما ذكروه من الشرط ينافي جملة من الفروع الآتية، ويمكن أن يقال[993] بالصحّة إذا حصل المقتضي للثبوت وإن لم يثبت فعلاً، بل مطلقاً ; لصدق الضمان وشمول العمومات العامّة وإن لم يكن من الضمان المصطلح عندهم، بل يمكن منع عدم كونه منه أيضاً. التاسع: أن لا يكون ذمّة الضامن مشغولة للمضمون عنه بمثل الدين الذي عليه على ما يظهر من كلماتهم في بيان الضمان بالمعنى الأعمّ، حيث قالوا: إنّه بمعنى التعهّد بمال أو نفس فالثاني الكفالة، والأوّل إن كان ممّن عليه للمضمون عنه مال فهو الحوالة، وإن لم يكن فضمان بالمعنى الأخصّ لكن لا دليل على هذا الشرط، فاذا ضمن للمضمون عنه بمثل ماله عليه يكون ضماناً، فإن كان بإذنه يتهاتران[994] بعد أداء مال الضمان، وإلاّ فيبقى الذي للمضمون عنه عليه وتفرغ ذمّته ممّا عليه بضمان الضامن تبرّعاً، وليس من الحوالة ; لأنّ المضمون عنه على التقديرين لم يحل مديونه على الضامن حتّى تكون حوالة، ومع الإغماض عن ذلك غاية ما يكون أنّه يكون داخلاً في كلا العنوانين، فيترتّب عليه ما يختصّ بكل منهما مضافاً إلى ما يكون مشتركاً. العاشر: امتياز الدين والمضمون له والمضمون عنه عند الضامن على وجه يصحّ معه القصد إلى الضمان، ويكفي التميّز الواقعي وإن لم يعلمه الضامن، فالمضرّ هو الإبهام والترديد، فلا يصحّ[995] ضمان أحد الدينين ولو لشخص واحد على شخص واحد على وجه الترديد، مع فرض تحقّق الدينين، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو لواحد، ولا ضمان دين لأحد الشخصين ولو على واحد، ولو قال: ضمنت الدين الذي على فلان، ولم يعلم أنّه لزيد أو لعمرو، أو الدين الذي لفلان، ولم يعلم أنّه على زيد أو على عمرو صحّ[996] ; لأنّه متعيّن واقعاً، وكذا لو قال: ضمنت لك كلّما كان لك على الناس، أو قال: ضمنت عنك كلّما كان عليك لكلّ من كان من الناس، ومن الغريب ما عن بعضهم من اعتبار العلم بالمضمون عنه والمضمون له بالوصف والنسب، أو العلم باسمهما ونسبهما، مع أنّه لا دليل عليه أصلاً، ولم يعتبر ذلك في البيع الذي هو أضيق دائرة من سائر العقود. (مسألة 1): لا يشترط في صحّة الضمان العلم بمقدار الدين ولا بجنسه، ويمكن أن يستدّل عليه مضافاً إلى العمومات العامّة وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الزعيم غارم» بضمان[997] عليّ بن الحسين(عليهما السلام)[998] لدين عبدالله بن الحسن وضمانه لدين محمّد بن اُسامة، لكن الصحّة مخصوصة بما إذا كان له واقع معيّن، وأمّا إذا لم يكن كذلك كقولك: ضمنت شيئاً من دينك، فلا يصحّ، ولعلّه مراد من قال: إنّ الصحّة إنّما هي فيما إذا كان يمكن العلم به بعد ذلك، فلا يرد عليه ما يقال من عدم الإشكال في الصحّة مع فرض تعيّنه واقعاً وإن لم يمكن العلم به فيأخذ بالقدر المعلوم. هذا، وخالف بعضهم فاشترط العلم به لنفي الغرر والضرر، وردّ بعدم العموم في الأوّل ; لاختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات، وبالإقدام في الثاني، ويمكن الفرق[999] بين الضمان التبرّعي والإذني، فيعتبر في الثاني[1000] دون الأوّل، إذ ضمان عليّ بن الحسين (عليه السلام) كان تبرّعيّاً واختصاص نفي الغرر بالمعاوضات ممنوع، بل يجري في مثل المقام الشبيه بالمعاوضة إذا كان بالإذن، مع قصد الرجوع على الآذن، وهذا التفصيل لا يخلو عن قرب[1001]. (مسألة 2): إذا تحقّق الضمان الجامع لشرائط الصحّة انتقل الحقّ من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن، وتبرأ ذمّة المضمون عنه بالإجماع والنصوص، خلافاً للجمهور، حيث إنّ الضمان عندهم ضمّ ذمّة إلى ذمّة، وظاهر كلمات الأصحاب عدم صحّة ما ذكروه حتّى مع التصريح به على هذا النحو، ويمكن[1002] الحكم[1003] بصحّته[1004] حينئذ للعمومات. (مسألة 3): إذا أبرأ المضمون له ذمّة الضامن برئت ذمّته وذمّة[1005] المضمون عنه، وإن أبرأ ذمّة المضمون عنه لم يؤثّر شيئاً، فلا تبرأ ذمّة الضامن ; لعدم المحلّ للإبراء بعد براءته بالضمان، إلاّ إذا استفيد منه الإبراء من الدين الذي كان عليه بحيث يفهم منه عرفاً إبراء ذمّة الضامن، وأمّا في الضمان بمعنى ضمّ ذمّة إلى ذمّة فإن أبرأ ذمّة المضمون عنه برئت ذمّة الضامن أيضاً وإن أبرأ ذمّة الضامن فلا تبرأ ذمّة المضمون عنه، كذا قالوا[1006]، ويمكن أن يقال[1007] ببراءة ذمّتهما على التقديرين. (مسألة 4): الضمان لازم من طرف الضامن والمضمون له، فلا يجوز للضامن فسخه حتّى لو كان بإذن المضمون عنه وتبيّن إعساره، وكذا لا يجوز للمضمون له فسخه والرجوع على المضمون عنه، لكن بشرط ملاءة الضامن حين الضمان أو علم المضمون له بإعساره، بخلاف ما لو كان معسراً حين الضمان وكان جاهلاً بإعساره، ففي هذه الصورة يجوز[1008] له الفسخ على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف فيه، ويستفاد من بعض الأخبار أيضاً، والمدار[1009] كما أشرنا إليه في الإعسار واليسار على حال الضمان، فلو كان موسراً ثمّ أعسر لا يجوز له الفسخ، كما أنّه لو كان معسراً ثمّ أيسر يبقى الخيار[1010]، والظاهر عدم الفرق في ثبوت الخيار مع الجهل بالإعسار بين كون المضمون عنه أيضاً معسراً أو لا، وهل يلحق بالإعسار تبيّن كونه مماطلاً مع يساره في ثبوت الخيار أو لا ؟ وجهان[1011]. (مسألة 5): يجوز[1012] اشتراط الخيار[1013] في الضمان للضامن والمضمون له ; لعموم أدلّة الشروط، والظاهر جواز اشتراط شيء لكلّ منهما، كما إذا قال الضامن: أنا ضامن بشرط[1014] أن تخيط لي ثوباً، أو قال المضمون له: أقبل الضمان بشرط أن تعمل لي كذا، ومع التخلّف يثبت للشارط خيار تخلّف الشرط. (مسألة 6): إذا تبيّن كون الضامن مملوكاً وضمن من غير إذن مولاه أو بإذنه وقلنا: إنّه يتبع بما ضمن بعد العتق، لا يبعد ثبوت الخيار للمضمون له. (مسألة 7): يجوز ضمان الدين الحالّ حالاّ ومؤجّلاً، وكذا ضمان المؤجّل حالاّ ومؤجّلاً بمثل ذلك الأجل أو أزيد أو أنقص، والقول بعدم صحّة الضمان إلاّ مؤجّلاً وأنّه يعتبر فيه الأجل كالسلم ضعيف، كالقول بعدم صحّة ضمان الدين المؤجّل حالاّ أو بأنقص، ودعوى: أنّه من ضمان ما لم يجب، كماترى. (مسألة 8): إذا ضمن الدين الحالّ مؤجّلاً بإذن المضمون عنه فالأجل للضمان لا للدين، فلو أسقط الضامن أجله وأدّى الدين قبل الأجل يجوز له الرجوع على المضمون عنه ; لأنّ الذي عليه كان حالاّ ولم يصر مؤجّلاً بتأجيل الضمان، وكذا إذا مات قبل انقضاء أجله وحلّ ما عليه وأخذ من تركته يجوز لوارثه الرجوع على المضمون عنه، واحتمال صيرورة أصل الدين مؤجّلاً حتّى بالنسبة إلى المضمون عنه ضعيف. (مسألة 9): إذا كان الدين مؤجّلاً فضمنه الضامن كذلك، فمات وحلّ ما عليه وأخذ من تركته ليس لوارثه الرجوع على المضمون عنه إلاّ بعد حلول أجل أصل الدين ; لأنّ الحلول على الضامن بموته لا يستلزم الحلول على المضمون عنه، وكذا لو أسقط أجله وأدّى الدين قبل الأجل لا يجوز له الرجوع على المضمون عنه إلاّ بعد انقضاء الأجل. (مسألة 10): إذا ضمن الدين المؤجّل حالاّ بإذن المضمون عنه[1015]، فإن فهم من إذنه رضاه بالرجوع عليه يجوز للضامن ذلك وإلاّ فلا يجوز إلاّ بعد انقضاء الأجل، والإذن في الضمان[1016] أعمّ من كونه حالاًّ. (مسألة 11): إذا ضمن الدين المؤجّل بأقلّ من أجله وأدّاه، ليس له[1017] الرجوع على المضمون عنه إلاّ بعد[1018] انقضاء أجله، وإذا ضمنه بأزيد من أجله فأسقط الزائد وأدّاه، جاز له الرجوع عليه على ما مرّ من أنّ أجل الضمان لا يوجب صيرورة أصل الدين مؤجّلاً، وكذا إذا مات بعد انقضاء أجل الدين قبل انقضاء الزائد فأخذ من تركته، فإنّه يرجع على المضمون عنه. (مسألة12): إذا ضمن بغير إذن المضمون عنه برئت ذمّته، ولم يكن له الرجوع عليه وإن كان أداؤه بإذنه أو أمره، إلاّ أن يأذن له في الأداء عنه تبرّعاً منه في وفاء دينه كأن يقول: أدّ ما ضمنت عنّي وارجع به عليّ، على إشكال[1019] في هذه الصورة أيضاً، من حيث إن مرجعه حينئذ إلى الوعد[1020] الذي لا يلزم الوفاء به، وإذا ضمن بإذنه فله الرجوع عليه بعد الأداء وإن لم يكن بإذنه ; لأنّه بمجرد الإذن في الضمان اشتغلت ذمّته من غير توقّف على شيء. نعم لو أذن له في الضمان تبرّعاً فضمن ليس له الرجوع عليه ; لأنّ الإذن على هذا الوجه كلا إذن. (مسألة 13): ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه في صورة الإذن، إلاّ بعد أداء مال الضمان على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف فيه، وإنّما يرجع عليه بمقدار ما أدّى، فليس له المطالبة قبله، إمّا لأنّ ذمّة الضامن وإن اشتغلت حين الضمان بمجرّده إلاّ أنّ ذمّة المضمون عنه لا تشتغل إلاّ بعد الأداء وبمقداره، وإمّا لأنّها تشتغل حين الضمان لكن بشرط الأداء، فالأداء على هذا كاشف عن الاشتغال من حينه، وإمّا لأنّها وإن اشتغلت بمجرّد الضمان إلاّ أنّ جواز المطالبة مشروط بالأداء، وظاهرهم هو الوجه الأوّل[1021]، وعلى أيّ حال لا خلاف في أصل الحكم وإن كان مقتضى القاعدة[1022] جواز المطالبة واشتغال ذمّته من حين الضمان في قبال اشتغال ذمّة الضامن، سواء أدّى أو لم يؤدّ، فالحكم المذكور على خلاف القاعدة ثبت بالإجماع وخصوص الخبر: عن رجل ضمن ضماناً ثمّ صالح عليه قال: ليس له إلاّ الذي صالح عليه، بدعوى الاستفادة منه أن ليس للضامن إلاّ ما خسر، ويتفرّع على ما ذكروه أنّ المضمون له لو أبرأ ذمّة الضامن عن تمام الدين ليس له الرجوع على المضمون عنه أصلاً، وإن أبرأه من البعض ليس له الرجوع بمقداره، وكذا لو صالح معه بالأقلّ كما هو مورد الخبر، وكذا لو ضمن عن الضامن ضامن تبرّعاً فأدّى، فإنّه حيث لم يخسر بشيء لم يرجع على المضمون عنه وإن كان بإذنه، وكذا لو وفّاه عنه غيره تبرّعاً. (مسألة 14): لو حسب المضمون له على الضامن ما عليه ; خمساً أو زكاة أو صدقة، فالظاهر أنّ له الرجوع على المضمون عنه ولا يكون ذلك في حكم الإبراء، وكذا لو أخذه منه ثمّ ردّه عليه هبة، وأمّا لو وهبه ما في ذمّته فهل هو كالإبراء أو لا ؟ وجهان[1023]، ولو مات المضمون له فورثه الضامن لم يسقط جواز الرجوع به على المضمون عنه. (مسألة 15): لو باعه أو صالحه المضمون له بما يسوى أقلّ من الدين، أو وفّاه الضامن بما يسوى أقلّ منه، فقد صرّح بعضهم بأنّه لا يرجع على المضمون عنه إلاّ بمقدار ما يسوى، وهو مشكل[1024] بعد كون الحكم على خلاف القاعدة[1025]، وكون القدر المسلّم غير هذه الصور، وظاهر خبر الصلح الرضا من الدّين بأقلّ منه لا ما إذا صالحه بما يسوى أقلّ منه، وأمّا لو باعه أو صالحه[1026] أو وفّاه الضامن بما يسوى أزيد، فلا إشكال في عدم جواز الرجوع بالزيادة. (مسألة 16): إذا دفع المضمون عنه إلى الضامن مقدار ما ضمن قبل أدائه، فإن كان ذلك بعنوان الأمانة ليحتسب بعد الأداء عمّا له عليه، فلا إشكال ويكون في يده أمانة لا يضمن لو تلف إلاّبالتعدّي أوالتفريط، وإن كان بعنوان وفاء ما عليه فإن قلنا باشتغال ذمّته حين الضمان وإن لم يجب عليه دفعه إلاّ بعد أداء الضامن، أو قلنا باشتغاله حينه بشرط الأداء بعد ذلك على وجه الكشف فهو صحيح، ويحتسب وفاء لكن بشرط حصول الأداء من الضامن على التقدير الثاني، وإن قلنا إنّه لا تشتغل ذمّته إلاّ بالأداء وحينه كما هو ظاهر المشهور[1027] فيشكل صحّته وفاء ; لأنّ المفروض عدم اشتغال ذمّته بعد فيكون في يده كالمقبوض بالعقد الفاسد، وبعد الأداء ليس له الاحتساب[1028] إلاّ بإذن جديد أو العلم ببقاء الرضا به. (مسألة 17): لو قال الضامن للمضمون عنه: ادفع عنّي إلى المضمون له ما عليّ من مال الضمان، فدفع برئت ذمّتهما معاً، أ مّا الضامن فلأنّه قد أدّى دينه، وأمّا المضمون عنه فلأنّ المفروض أنّ الضامن لم يخسر، كذا قد يقال، والأوجه أن يقال[1029]: إنّ الضامن حيث أمر المضمون عنه بأداء دينه فقد اشتغلت ذمّته بالأداء والمفروض أنّ ذمّة المضمون عنه أيضاً مشغولة له، حيث إنّه أذن له في الضمان فالأداء المفروض موجب لاشتغال ذمّة الضامن من حيث كونه بأمره، ولاشتغال ذمّة المضمون عنه حيث إنّ الضمان بإذنه وقد وفي الضامن، فيتهاتران أو يتقاصّان[1030]، وإشكال صاحب «الجواهر» في اشتغال ذمّة الضامن بالقول المزبور في غير محلّه. (مسألة 18): إذا دفع المضمون عنه إلى المضمون له من غير إذن الضامن برئا معاً، كما لو دفعه أجنبيّ عنه. (مسألة 19): إذا ضمن تبرّعاً فضمن عنه ضامن بإذنه وأدّى، ليس له الرجوع على المضمون عنه، بل على الضامن، بل وكذا لو ضمن بالإذن فضمن عنه ضامن بإذنه، فإنّه بالأداء يرجع على الضامن ويرجع هو على المضمون عنه الأوّل. (مسألة 20): يجوز أن يضمن الدين بأقلّ منه برضا المضمون له، وكذا يجوز[1031] أن يضمنه بأكثر منه[1032]، وفي الصورة الاُولى لا يرجع على المضمون عنه مع إذنه في الضمان إلاّ بذلك الأقلّ، كما أنّ في الثانية لا يرجع عليه إلاّ بمقدار الدين، إلاّ إذا أذن المضمون عنه في الضمان بالزيادة. (مسألة 21): يجوز[1033] الضمان بغير جنس الدين[1034]، كما يجوز الوفاء بغير الجنس، وليس له أن يرجع على المضمون عنه إلاّ بالجنس الذي عليه إلاّ برضاه. (مسألة 22): يجوز الضمان بشرط الرهانة[1035] فيرهن بعد الضمان، بل الظاهر جواز اشتراط كون الملك الفلاني رهناً بنحو شرط النتيجة في ضمن عقد الضمان. (مسألة 23): إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن، فهل ينفكّ بالضمان أو لا ؟ يظهر من «المسالك» و«الجواهر» انفكاكه[1036] ; لأنّه بمنزلة الوفاء، لكنّه لا يخلو عن إشكال[1037]. هذا مع الإطلاق، وأمّا مع اشتراط البقاء أو عدمه فهو المتّبع. (مسألة24): يجوز اشتراط الضمان في مال معيّن على وجه التقييد[1038]، أو على نحو الشرائط في العقود، من كونه من باب الالتزام في الالتزام، وحينئذ يجب على الضامن الوفاء من ذلك المال بمعنى صرفه فيه، وعلى الأوّل إذا تلف ذلك المال يبطل الضمان ويرجع المضمون له على المضمون عنه، كما أنّه إذا نقص يبقى الناقص في عهدته، وعلى الثاني لا يبطل، بل يوجب الخيار[1039] لمن له الشرط، من الضامن أو المضمون له أو هما، ومع النقصان يجب على الضامن الإتمام مع عدم الفسخ، وأمّا جعل الضمان في مال معيّن من غير اشتغال ذمّة الضامن بأن يكون الدين في عهدة ذلك المال فلا يصحّ. (مسألة 25): إذا أذن المولى لمملوكه في الضمان في كسبه، فإن قلنا: إنّ الضامن هو المولى ; للانفهام العرفي أو لقرائن خارجيّة، يكون من اشتراط الضمان في مال معيّن ; وهو الكسب الذي للمولى، وحينئذ فإذا مات العبد تبقى ذمّة المولى مشغولة إن كان على نحو الشرط في ضمن العقود، ويبطل إن كان على وجه التقييد[1040]، وإن انعتق يبقى[1041] وجوب الكسب[1042] عليه[1043]، وإن قلنا: إنّ الضامن هو المملوك وإنّ مرجعه إلى رفع الحجر عنه بالنسبة إلى الضمان، فإذا مات لا يجب على المولى شيء وتبقى ذمّة المملوك مشغولة يمكن تفريغه بالزكاة ونحوها، وإن انعتق يبقى الوجوب عليه. (مسألة 26): إذا ضمن اثنان أو أزيد عن واحد، فإمّا أن يكون على التعاقب أو دفعة، فعلى الأوّل الضامن من رضي المضمون له بضمانه، ولو أطلق الرضا بهما كان الضامن هو السابق، ويحتمل قوّياً[1044] كونه كما إذا ضمنا دفعة[1045] خصوصاً بناءً على اعتبار القبول من المضمون له، فإنّ الأثر حاصل بالقبول نقلاً لا كشفاً، وعلى الثاني إن رضي بأحدهما دون الآخر فهو الضامن، وإن رضي بهما معاً ففي بطلانه كما عن «المختلف» و«جامع المقاصد» واختاره صاحب «الجواهر»، أو التقسيط بينهما بالنصف أو بينهم بالثلث إن كانوا ثلاثة وهكذا، أو ضمان كلّ منهما فللمضمون له مطالبة من شاء كما في تعاقب الأيدي وجوه[1046]، أقواها الأخير[1047]، وعليه إذا أبرأ المضمون له واحداً منهما برئ دون الآخر، إلاّ إذا علم إرادته إبراء أصل الدين لا خصوص ذمّة ذلك الواحد. (مسألة 27): إذا كان له على رجلين مال فضمن كلّ منهما ما على الآخر بإذنه فإن رضي المضمون له بهما صحّ، وحينئذ فإن كان الدينان متماثلين جنساً وقدراً تحوّل ما على كلّ منهما إلى ذمّة الآخر، ويظهر الثمر في الإعسار واليسار وفي كون أحدهما عليه رهن دون الآخر بناءً على افتكاك الرهن بالضمان، وإن كانا مختلفين قدراً أو جنساً أو تعجيلاً وتأجيلاً أو في مقدار الأجل فالثمر ظاهر، وإن رضي المضمون له بأحدهما دون الآخر كان الجميع عليه، وحينئذ فإن أدّى الجميع رجع على الآخر بما أدّى، حيث إنّ المفروض كونه مأذوناً منه، وإن أدّى البعض فإن قصد كونه ممّا عليه أصلاً أو ممّا عليه ضماناً فهوالمتّبع، ويقبل قوله إن ادّعى ذلك، وإن أطلق ولم يقصد أحدهما فالظاهرالتقسيط[1048]، ويحتمل القرعة ويحتمل كونه مخيّراً في التعيين بعد ذلك، والأظهر الأوّل، وكذا الحال في نظائر المسألة كما إذا كان عليه دين عليه رهن ودين آخر لا رهن عليه فأدّى مقدار أحدهما، أو كان أحدهما من باب القرض والآخر ثمن مبيع وهكذا، فإنّ الظاهر في الجميع التقسيط، وكذا الحال إذا أبرأ المضمون له مقدار أحد الدينين مع عدم قصد كونه من مال الضمان أو من الدين الأصلي، ويقبل قوله إذا ادّعى التعيين في القصد ; لأنّه لا يعلم إلاّ من قبله. (مسألة 28): لا يشترط علم الضامن حين الضمان بثبوت الدين على المضمون عنه، كما لا يشترط العلم بمقداره، فلو ادّعى رجل على آخر ديناً فقال: عليّ ما عليه صحّ، وحينئذ فإن ثبت بالبيّنة يجب عليه أداؤه، سواء كانت سابقة أو لاحقة، وكذا إن ثبت بالإقرار السابق على الضمان أو باليمين المردودة[1049] كذلك، وأمّا إذا أقرّ المضمون عنه بعد الضمان، أو ثبت باليمين المردودة، فلا يكون حجّة على الضامن إذا أنكره، ويلزم عنه[1050] بأدائه في الظاهر، ولو اختلف الضامن والمضمون له في ثبوت الدين أو مقداره فأقرّ الضامن، أو ردّ اليمين على المضمون له فحلف، ليس له الرجوع على المضمون عنه إذا كان منكراً وإن كان أصل الضمان بإذنه، ولابدّ في البيّنة المثبتة للدين أن تشهد بثبوته حين الضمان، فلو شهدت بالدين اللاحق أو أطلقت ولم يعلم سبقه على الضمان أو لحوقه، لم يجب على الضامن أداؤه. (مسألة 29): لو قال الضامن: عليّ ما تشهد به البيّنة وجب عليه أداء ما شهدت بثبوته حين التكلّم بهذا الكلام ; لأنّها طريق إلى الواقع وكاشف عن كون الدين ثابتاً حينه فما في «الشرائع» من الحكم بعدم الصحّة لا وجه له[1051]، ولا للتعليل الذي ذكره بقوله ; لأنّه لا يعلم ثبوته في الذمّة، إلاّ أن يكون مراده في صورة إطلاق البيّنة المحتمل للثبوت بعد الضمان، وأمّا ما في «الجواهر» من أنّ مراده بيان عدم صحّة ضمان ما يثبت بالبيّنة من حيث كونه كذلك ; لأنّه من ضمان ما لم يجب حيث لم يجعل العنوان ضمان ما في ذمّته لتكون البيّنة طريقاً، بل جعل العنوان ما يثبت بها والفرض وقوعه قبل ثبوته بها، فهو كما ترى لا وجه له. (مسألة 30): يجوز الدور في الضمان، بأن يضمن عن الضامن ضامن آخر، ويضمن عنه المضمون عنه الأصيل، وما عن «المبسوط» من عدم صحّته لاستلزامه صيرورة الفرع أصلاً وبالعكس، ولعدم الفائدة لرجوع الدين كما كان، مردود، بأنّ الأوّل غير صالح للمانعيّة، بل الثاني أيضاً كذلك، مع أنّ الفائدة تظهر في الإعسار واليسار، وفي الحلول والتأجيل، والإذن وعدمه، وكذا يجوز التسلسل بلا إشكال. (مسألة 31): إذا كان المديون فقيراً، يجوز أن يضمن[1052] عنه بالوفاء من طرف الخمس أو الزكاة أو المظالم أو نحوها من الوجوه التي تنطبق عليه، إذا كانت ذمّته مشغولة بها فعلاً، بل وإن لم تشتغل فعلاً على إشكال[1053]. (مسألة 32): إذا كان الدين الذي على المديون زكاة أو خمساً، جاز أن يضمن عنه ضامن للحاكم الشرعيّ، بل ولآحاد الفقراء على إشكال[1054]. (مسألة 33): إذا ضمن في مرض موته، فإن كان بإذن المضمون عنه فلا إشكال في خروجه من الأصل ; لأنّه ليس من التبرّعات، بل هو نظير القرض والبيع بثمن المثل نسيئة، وإن لم يكن بإذنه فالأقوى خروجه من الأصل كسائر المنجّزات. نعم على القول بالثلث[1055]يخرج منه. (مسألة 34): إذا كان ما على المديون يعتبر فيه مباشرته، لا يصحّ ضمانه، كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة، وكما إذا اشترط أداء الدين من مال معيّن للمديون، وكذا لا يجوز ضمان الكلّي في المعيّن كما إذا باع صاعاً من صبرة معيّنه، فإنّه لا يجوز الضمان عنه والأداء[1056] من غيرها مع بقاء[1057] تلك الصبرة موجودة. (مسألة 35): يجوز ضمان النفقة الماضية للزوجة ; لأنّها دين على الزوج، وكذا نفقة اليوم الحاضر لها إذا كانت ممكّنة في صبيحته ; لوجوبها عليه حينئذ وإن لم تكن مستقرّة ; لاحتمال نشوزها في أثناء النهار بناءً على سقوطها بذلك ; وأمّا النفقة المستقبلة فلا يجوز[1058]ضمانها عندهم ; لأنّه من ضمان ما لم يجب ولكن لا يبعد[1059] صحّته[1060] ; لكفاية وجود المقتضي وهو الزوجيّة، وأمّا نفقة الأقارب فلا يجوز ضمانها بالنسبة إلى ما مضى ; لعدم كونها ديناً على من كانت عليه، إلاّ إذا أذن للقريب أن يستقرض وينفق على نفسه، أو أذن له الحاكم في ذلك، إذ حينئذ يكون ديناً عليه، وأمّا بالنسبة إلى ما سيأتي فمن ضمان ما لم يجب، مضافاً إلى أنّ وجوب الإنفاق حكم تكليفي ولا تكون النفقة في ذمّته، ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال[1061]. (مسألة 36): الأقوى جواز[1062] ضمان مال الكتابة، سواء كانت مشروطة أو مطلقة ; لأنّه دين في ذمّة العبد وإن لم يكن مستقرّاً ; لإمكان تعجيز نفسه، والقول بعدم الجواز مطلقاً أو في خصوص المشروطة معللاّ بأنّه ليس بلازم ولا يؤول إلى اللّزوم ضعيف، كتعليله، وربما يعلّل بأنّ لازم ضمانه لزومه مع أنّه بالنسبة إلى المضمون عنه غير لازم، فيكون في الفرع لازماً مع أنّه في الأصل غير لازم، وهو أيضاً كماترى. (مسألة 37): اختلفوا في جواز ضمان مال الجعالة قبل الإتيان بالعمل، وكذا مال السبق والرماية، فقيل بعدم الجواز ; لعدم ثبوته في الذمّة قبل العمل، والأقوى وفاقاً لجماعة الجواز[1063] لا لدعوى ثبوته في الذمّة من الأوّل وسقوطه إذا لم يعمل، ولا لثبوته من الأوّل بشرط مجيء العمل في المستقبل، إذ الظاهر أنّ الثبوت إنّما هو بالعمل، بل لقوله تعالى: (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِير وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)([1064]) ولكفاية المقتضي للثبوت في صحّة الضمان ومنع اعتبار الثبوت الفعلي، كما أشرنا إليه سابقاً. (مسألة 38): اختلفوا في جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب والمقبوض بالعقد الفاسد ونحوهما على قولين ; ذهب إلى كلّ منهما جماعة، والأقوى الجواز[1065]، سواء كان المراد ضمانها بمعنى التزام ردّها عيناً ومثلها، أو قيمتها على فرض التلف، أو كان المراد ضمانها بمعنى التزام مثلها أو قيمتها إذا تلفت، وذلك لعموم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الزعيم غارم»، والعمومات العامّة مثل قوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([1066]) ودعوى: أنّه على التقدير الأوّل يكون من ضمان العين بمعنى الالتزام بردّها مع أنّ الضمان نقل الحقّ من ذمّة إلى اُخرى، وأيضاً لا إشكال في أنّ الغاصب أيضاً مكلّف بالردّ فيكون من ضمّ ذمّة إلى اُخرى وليس من مذهبنا، وعلى الثاني يكون من ضمان ما لم يجب كما أنّه على الأوّل أيضاً كذلك بالنسبة إلى ردّ المثل أو القيمة عند التلف، مدفوعة، بأنّه لا مانع منه بعد شمول العمومات، غاية الأمر أنّه ليس من الضمان المصطلح، وكونه من ضمان ما لم يجب لا يضرّ بعد ثبوت المقتضي، ولا دليل على عدم صحّة ضمان ما لم يجب من نصّ أو إجماع وإن اشتهر في الألسن، بل في جملة من الموارد حكموا بصحّته، وفي جملة منها اختلفوا فيه، فلا إجماع، وأمّا ضمان الأعيان الغير المضمونة كمال المضاربة والرهن والوديعة قبل تحقّق سبب ضمانها من تعدٍّ أو تفريط، فلا خلاف بينهم في عدم صحّته، والأقوى[1067] بمقتضى العمومات صحّته[1068] أيضاً. (مسألة 39): يجوز[1069] عندهم بلا خلاف بينهم ضمان درك[1070] الثمن للمشتري إذا ظهر كون المبيع مستحقّاً للغير، أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحّته إذا كان ذلك بعد قبض الثمن، كما قيّد به الأكثر، أو مطلقاً كما أطلق آخرون وهو الأقوى، قيل: وهذا مستثنى[1071] من عدم ضمان الأعيان. هذا، وأمّا لو كان البيع صحيحاً وحصل الفسخ بالخيار أو التقايل أو تلف المبيع قبل القبض فعلى المشهور[1072] لم يلزم الضامن، ويرجع على البائع ; لعدم ثبوت الحقّ وقت الضمان فيكون من ضمان ما لم يجب، بل لو صرّح بالضمان إذا حصل الفسخ لم يصحّ بمقتضى التعليل المذكور. نعم في الفسخ بالعيب السابق أو اللاحق اختلفوا في أنّه هل يدخل في العهدة ويصحّ الضمان أو لا ؟ فالمشهور على العدم، وعن بعضهم دخوله ولازمه الصحّة مع التصريح بالاُولى، والأقوى في الجميع الدخول مع الإطلاق، والصحّة مع التصريح، ودعوى: أنّه من ضمان ما لم يجب، مدفوعة بكفاية وجود السبب. هذا بالنسبة إلى ضمان عهدة الثمن إذا حصل الفسخ، وأمّا بالنسبة إلى مطالبة الأرش فقال بعض من مَنَع من ذلك بجوازها ; لأنّ الاستحقاق له ثابت عند العقد، فلا يكون من ضمان ما لم يجب، وقد عرفت أنّ الأقوى صحّة الأوّل أيضاً، وأنّ تحقّق السبب حال العقد كاف، مع إمكان دعوى: أنّ الأرش أيضاً لا يثبت[1073] إلاّ بعد اختياره ومطالبته، فالصحّة فيه[1074] أيضاً من جهة كفاية تحقّق السبب، وممّا ذكرنا ظهر حال ضمان درك المبيع[1075] للبائع. (مسألة 40): إذا ضمن عهدة الثمن فظهر بعض المبيع مستحقّاً فالأقوى اختصاص ضمان الضامن بذلك البعض، وفي البعض الآخر يتخيّر المشتري بين الإمضاء والفسخ لتبعّض الصفقة، فيرجع على البائع بما قابله[1076]، وعن الشيخ جواز الرجوع على الضامن بالجميع، ولا وجه له. (مسألة 41): الأقوى وفاقاً للشهيدين[1077] صحّة ضمان ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس في الأرض المشتراة، إذا ظهر كونها مستحقّة للغير وقلع البناء والغرس، فيضمن الأرش وهو تفاوت ما بين المقلوع والثابت عن البائع خلافاً للمشهور[1078] ; لأنّه من ضمان ما لم يجب وقد عرفت كفاية السبب، هذا ولو ضمنه البائع قيل لا يصحّ[1079] أيضاً كالأجنبي وثبوته بحكم الشرع لا يقتضي صحّة عقد الضمان المشروط بتحقّق الحقّ حال الضمان، وقيل بالصحّة ; لأنّه لازم بنفس العقد فلا مانع من ضمانه ; لما مرّ من كفاية تحقّق السبب، فيكون حينئذ للضمان سببان: نفس العقد والضمان بعقده، ويظهر الثمر فيما لو أسقط المشتري عنه حقّ الضمان الثابت بالعقد، فإنّه يبقى الضمان العقدي، كما إذا كان لشخص خياران بسببين فأسقط أحدهما، وقد يورد عليه بأنّه لامعنى لضمان شخص عن نفسه والمقام من هذا القبيل، ويمكن أن يقال[1080]: لا مانع منه مع تعدّد الجهة. هذا كلّه إذا كان بعنوان عقد الضمان، وأمّا إذا اشترط ضمانه فلا بأس به ويكون مؤكّداً[1081] لما هو[1082] لازم العقد. (مسألة 42): لو قال عند خوف غرق السفينة: ألق متاعك في البحر وعليّ ضمانه، صحّ بلا خلاف بينهم، بل الظاهر الإجماع عليه وهو الدليل عندهم، وأمّا إذا لم يكن لخوف الغرق بل لمصلحة اُخرى من خفّة السفينة أو نحوها فلا يصحّ[1083] عندهم[1084]، ومقتضى العمومات صحّته[1085] أيضاً. _______________________________________ [968]. محلّ تأ مّل. (خميني). ـ بالدلالة الظاهرة على إنشاء الضمان به، لكن فرضه مشكل. (لنكراني). [969]. إذا لم يكن الإيجاب باللفظ، وإلاّ ففيه إشكال كما مرّ. (لنكراني). [970]. وهو الأقوى. (خميني). ـ ولعلّه الأظهر. (لنكراني). [971]. هذا إذا أبرزه في الخارج بمبرز. (خوئي ـ صانعي). [972]. وفي صورة الاستلزام الحكم بالبطلان غير واضح. (لنكراني). [973]. اعتبار عدم الضرر والحرج على المضمون عنه في صحّة الضمان غير معلوم. (خميني). [974]. بل ولو استلزم ذلك فإنّ التكليف لا يرتبط بالوضع. (خوئي). [975]. الظاهر الجواز إذا كانت فيه مصلحة وإن كان هذا الفرض نادراً، وأولى بالجواز ما إذا كان المضمون له صبياً. (خوئي). ـ غير معتدّ به، فالصحّة مع الإذن لا تخلو من قوّة. (صانعي). [976]. وكذا المضمون له في قبوله. (خميني). ـ وكذا المضمون له فلا يصحّ قبوله مع الإكراه. (صانعي). [977]. وكذا لا يصحّ الضمان للمكره. (لنكراني). [978]. وكذلك المضمون له. (خوئي). [979]. في الرجوع إلى ما تعلّق به الحجر، وأمّا بغيره أو بعد رفعه فلا مانع من الرجوع إليه بسبب إذنه في حال الحجر. (خميني). ـ إنّما لا ينفع اُذن المفلس في جواز الرجوع إليه حال حجره بالزائد عن نصيب المضمون له عن أمواله، وأمّا الرجوع عليه حال الحجر بمقدار النصيب المضمون له فلا مانع منه لأنّه بالضمان وانتقال ما في ذمّته إلى ذمّة الضامن صار مؤدّياً لذلك المقدار من المال ومعه يكون الحجر مرتفاً بالنسبة إليه، من دون لزوم رفع الحاكم حجره، وكذا لا مانع من رجوعه إليه بغير ما تعلّق به الحجر أو بعد ارتفاع الحجر ولو بمقدار زائد عن نصيب المضمون له، كما هو واضح. (صانعي). ـ في الزائد على مقدار تعلّق به الحجر ; وهو مقدار نصيب المضمون له، وأمّا ذلك المقدار فلا مانع من تأثير إذنه في جواز الرجوع عليه حال حجره، كما أنّه يؤثّر مطلقاً بعد رفع الحجر. (لنكراني). [980]. أي في أمواله الموجودة التي تكون مورداً للحجر. (خوئي). [981]. وهو الأقوى، ودعوى الانصراف غير وجيهة، وضمان الإتلاف خارج عنها تخصّصاً. (خميني). ـ وهو الأقوى. (لنكراني). ــــــــــــــــــــــــــــــــ (أ) النحل (16): 75. [983]. محلّ تأ مّل. (خميني). [984]. وعلى فرض عدمه فالأقوى كونه في كسب المملوك. (صانعي). ـ لا إشكال فيه على فرض الانفهام، وأمّا على تقدير العدم والتردّد بين كونه في ذمّة نفسه أو في ذمّة العبد فالبطلان لا يخلو عن قوّة. (لنكراني). [985]. على الأحوط. (خميني ـ لنكراني). ـ على الأحوط، وإن كان عدم اعتباره لا يخلو من قوّة بل هو الأقوى. (صانعي). [986]. فيه إشكال، والاحتياط لا يترك. (خوئي). [987]. كون تعليق الوفاء عين تعليق الضمان ممنوع، وعلى فرض عدم تعقّل التفكيك كيف يعقل فرض إمكانه في بعض الموارد، مع أنّه إنّما يلائم على قول غيرنا من كون الضمان عبارة عن ضمّ ذمة إلى ذمّة، مع أنّ دعوى كون حقيقة الضمان في الأعيان المضمونة راجعة إلى قضية تعليقيّة ممنوعة أيضاً، وتوقّف ترتّب الأثر على مثل التلف فيها لا يوجب كون الضمان بنفسه قضية تعليقية، وإلاّ يلزم القول بمثله في المقام مطلقاً ولو في موارد عدم التعليق، فإنّ أثر الضمان إنّما يظهر على تقدير بقاء الدين وعدم سقوطه بأداء متبرّع ونحوه مثلاً، مع أنّه لم يعهد منهم دعوى التعليق في المقام في موارد العدم. (لنكراني). [988]. كيف يمكن مع دعوى امتناع التفكيك، مع أنّ هذا النحو من الضمان غير ما عندنا من كونه ناقلاً. (خميني). ـ لعلّه يريد بذلك أنّ الضمان في مورد تعليق الوفاء على عدم وفاء المديون، ليس بمعنى النقل إلى الذمّة ليرجع تعليق الوفاء عليه إلى تعليق الضمان، بل هو بمعنى تعهّد ما في ذمّة الغير على حذو تعهّد العين الخارجية، وعليه فالضمان فعلي وأثره الانتقال إلى الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون، كما أن أثره في ضمان العين الخارجية ذلك على تقدير تلفها، وعلى هذا فلا بأس بما أفاده(قدس سره)، ولا يبعد أن يكون الضمان بالمعنى المزبور من المرتكزات العرفية. (خوئي). [989]. بل الظاهر الامتناع على فرض كون الضمان ضماناً ناقلا نعم يصحّ على فرض كون الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة اُخرى. (صانعي). [990]. كون حقيقة ضمان اليد قضيّة تعليقيّة في محلّ المنع، ولا يسع المقام تفصيله. (خميني). [991]. محلّ إشكال، مع أنّه ليس من أمثلة المقام. (خميني ـ صانعي). ـ لا موقع لذكره في المقام، فإنّ الكلام إنّما هو في ضمان الدين. (خوئي). ـ ليس هذا من أمثلة المقام. (لنكراني). [992]. وهو الأقوى. (خميني). ـ فيه إشكال والاحتياط لا يترك، ولا يبعد تفرّع هذا الشرط على سابقه. (خوئي). ـ وهو الأحوط بل الأقوى. (لنكراني). [993]. بل لا يخلو عن قوّة، لما ذكره من الصدق والعمومات، وعليه فالضمان المتعارف في زماننا ممّا يكون قبل القرض وقبل اشتغال ذمّة المقترض صحيح من هذه الجهة، كما أنّ إشكال التعليق الحاصل فيه من قول الضامن «أنا ضامن إن لم يؤد المستقرض» مرتفع أيضاً بما مرّ في الشرط السابع من عدم الدليل على مانعيته. (صانعي). [994]. هذا إذا كان كلاهما حالين أو كلاهما مؤجلين بمدّة متساوية، وإلاّ فلا وجه للتهاتر. (خوئي). [995]. على الأحوط. (لنكراني). [996]. هذا مع قبول المضمون له، وإلاّ فلا يصحّ، وبذلك يظهر حال ما بعد هذا الفرع. (خوئي). [997]. الاستدلال بالروايتين لا يخلو من الإشكال من جهات. (لنكراني). [998]. لكن في الروايتين ضعف سنداً بل ودلالة، ولكن ما في المتن لا يخلو من قوّة مطلقاً من غير فرق بين الضمان التبرّعي وغيره. (خميني). [999]. لكنّه بعيد. (خوئي). [1000]. بل لا يعتبر في شيء منهما. (صانعي). [1001]. والأقرب منه العدم. (لنكراني). [1002]. ولكنّه مشكل. (لنكراني). [1003]. لكنّه ضعيف جدّاً. (خوئي). [1004]. محلّ إشكال. (خميني). ـ وهو الأقوى كما مرّ في الثامن. (صانعي). [1005]. في العبارة مسامحة. (لنكراني). [1006]. وهو الوجه على هذا المبنى. (خميني). [1007]. لكنه غير تمام على ذلك القول لأنّ الضمان عليه نحو وثيقة على الدَين وإسقاط الوثيقة لايستلزم سقوط نفس الدين. (صانعي). ـ لكنّه ضعيف على تقدير كون المراد من ضمّ الذمّة إلى اُخرى أن تكون ذمّة الضامن وثيقة للدين، ضرورة أنّ إسقاط الوثيقة لا يلازم إسقاط الدين، وأمّا لو كان المراد منه تعدّد الذمم بالإضافة إلى دين واحد، كما في الأيادي المتعدّدة في ضمان الأعيان المضمونة، ويؤيّده حكم بعض القائلين بهذا القول بجواز رجوع المضمون له إلى كلّ واحد منهما على التخيير، فهذا الاحتمال ليس بضعيف.(لنكراني). [1008]. ولكن للمناقشة فيه مجال واسع، وليس في المسألة رواية تدلّ على الخيار وجوازالفسخ.(خوئي). [1009]. بل المعيار الضرر على المضمون له، فإنّ الخيار عند العقلاء في مثل باب الضمان والحوالة لدفع الضرر عن المضمون له ودائرة مداره، وهذا هو المنسبق من الأخبار أيضاً. (صانعي). [1010]. إلاّ إذا كان العلم بالإعسار بعد حدوث اليسار، ففيه يكون بقاء الخيار محلّ تأ مّل وارتياب. (لنكراني). [1011]. أوجههما العدم. (خميني ـ خوئي). ـ أوجههما الوجه الأوّل، لقاعدة نفي الضرر وكون الضمان للإرفاق، ومن ذلك يظهر الخيار مع عدم كونه وفيّاً بطريق أولى. (صانعي). ـ أظهرهما العدم. (لنكراني). [1012]. على إشكال فيه وفي ثبوت الخيار عند تخلّف الشرط. (لنكراني). [1013]. فيه إشكال بل منع، وكذا في ثبوت الخيار عند تخلّف الشرط، والوجه فيه أنّ انفساخ عقد ما إذا لم يمكن في نفسه ولو بالتقايل فأدلّة الشروط لا تفي بصحّة جعل الخيار فيه، وبذلك يظهر الحال في المسألة الآتية. (خوئي). [1014]. أي مع شرط. (لنكراني). [1015]. إذا صرّح بضمانه حالاّ فالأقرب الرجوع عليه مع أدائه. (خميني). [1016]. لعلّ المراد به أنّ الإذن في الضمان حالاًّ أعمّ من الرجوع عليه في الحال، ولا يبعد أن يقال بكفاية الإذن الصريح في الضمان حالاّ في جواز الرجوع عليه كذلك. (لنكراني). [1017]. إلاّ إذا صرّح المضمون عنه بضمانه أقلّ من أجله، فإنّ الأقرب معه جواز الرجوع عليه مع الأداء. (خميني). ـ إلاّ إذا فهم من اذنه رضاه بالرجوع. (صانعي). [1018]. أو تصريحه بالإذن في الضمان كذلك، على ما ذكرناه في الحاشية السابقة. (لنكراني). [1019]. الظاهر أنّه لا إشكال فيه، وليس مرجعه إلى الوعد. (خوئي). [1020]. بل الظاهر أنّه إمضاء في ضمانه وإذن في الرجوع إليه. (صانعي). [1021]. وهو الذي تقتضيه القاعدة. (خوئي). [1022]. كون مقتضى القاعدة ما ذكره ممنوع، بل الظاهر أنّ مجرّد إذنه بالضمان وضمانه واشتغال ذمّته لا يوجب اشتغال ذمّة المضمون عنه، ولو للأصل وعدم الدليل عليه. نعم بعد الأداء لا إشكال نصّاً وفتوىً في جواز الرجوع واشتغال ذمّته، ويمكن استفادة ما ذكر من الرواية المشار إليها أيضاً. (خميني ـ صانعي). ـ الظاهر أنّ الأوفق بالقاعدة ولو من جهة الأصل وعدم الدليل على خلافه هو الوجه الأوّل، فإنّ عقد الضمان لا يؤثّر إلاّ في ثبوت الاشتغال للضامن، وانتقال ما في ذمّة المضمون عنه إليه، وليس فيه من اشتغال ذمة المضمون عنه للضامن عين ولا أثر، وليس له الرجوع عليه من دون الإذن في الضمان، فالاشتغال إنّما هو في صورة الإذن، وحيث لا دليل على ثبوته بمجرّد الضمان فمقتضى الاستصحاب عدم حدوثه إلاّ بعد الأداء ; لأنّه لا إشكال نصّاً وفتوى في ثبوته بعده. ثمّ لو فرضنا أنّ مقتضى القاعدة ما أفاده الماتن(قدس سره) فثبوت الإجماع والخبر على خلافه ممنوع. أ مّا الأوّل ; فلأنّه حكم الشيخ(قدس سره) وبعض آخر بأنّه يجوز للضامن مطالبة المضمون عنه بتخليصه من الدين وإن لم يطالبه المضمون له، وذلك ظاهر في ثبوت الاشتغال قبل الأداء ومطالبة المضمون له. ودعوى أنّ الحكم بجواز المطالبة بذلك غير الحكم باشتغال ذمّة المضمون عنه واضحة الفساد، فإنّه كيف يعقل جواز المطالبة منه مع عدم اشتغال ذمّته بشيء. وأمّا الثاني ; فلأنّه لا منافاة بين كون الاشتغال من حين الضمان، وبين عدم جواز الرجوع إلاّ بالمقدار الذي صولح الضامن عمّا ضمنه بذلك المقدار. غاية الأمر أنّه لو كانت المصالحة بعد أخذ مال الضمان يجب عليه ردّ الزائد. (لنكراني). [1023]. أقواهما الأوّل. (خميني). ـ لا يبعد أن يكون ثانيهما أقرب. (خوئي ـ صانعي). ـ ولا يبعد أن يكون الثاني أقرب. (لنكراني). [1024]. الظاهر أنّه لا إشكال فيه لما مرّ من عدم كون الحكم على خلاف القاعدة، والظاهر عدم الفرق بين مورد خبر الصلح وبين هذين الموردين لو لم نقل بشموله لهما وعدم اختصاصه به، كما لا تبعد دعواه. (لنكراني). [1025]. مرّ منع كونه على خلاف القاعدة، لكن المسألة مع ذلك محلّ إشكال بجميع صورها. (خميني). ـ الظاهر أنّه لا إشكال فيه، والحكم على طبق القاعدة، وخبر الصلح مطلق. (خوئي). ـ مرّ عدم كونه على خلاف القاعدة. (صانعي). [1026]. الظاهر عدم الفرق بينهما، فما صرّح به بعضهم مطابق للخبر ويكون موجّهاً. (صانعي). [1027]. وهو الأشبه كما مرّ. (خميني ـ صانعي). ـ وقد مرّ أنّه الأوفق بالقاعدة. (لنكراني). [1028]. إلاّ مع علم المضمون عنه بعدم اشتغال ذمّته قبل أداء الضامن ; لكفاية اذنه كذلك. (صانعي). [1029]. أي بناءً على ما هو ظاهر المشهور، وأمّا بناءً على القول بحدوث الاشتغال للمضمون عنه بمجرّد الضمان، فهو أي التهاتر واضح لا ارتياب فيه. (لنكراني). [1030]. لا معنى للتقاصّ هاهنا، وأمّا التهاتر فوجيه. (خميني). ـ لا موقع للمقاصّة في المقام، وبراءة الذمّتين إنّما هي من جهة التهاتر. (خوئي). ـ المورد من الموارد الواضحة للتهاتر ويكون أجنبياً من التقاص كما هو ظاهر. (صانعي). ـ لا موقع للمقاصّة هنا. (لنكراني). [1031]. محلّ تأ مّل وإشكال. (لنكراني). [1032]. فيه إشكال. (خميني). ـ فيه إشكال بل منع. (خوئي). [1033]. فيه إشكال إلاّ إذا رجع إلى اشتراط الوفاء من غير الجنس. (لنكراني). [1034]. فيه إشكال بل منع. (خوئي). [1035]. هذا إنّما يتمّ فيما إذا كان الشرط بنحو شرط النتيجة، وأمّا إذا كان الشرط بنحو شرط الفعل فلا يصحّ ; لأنّ مرجعه إلى جعل الخيار فيه وقد تقدّم أنّ الخيار لا يدخل في عقد الضمان. (خوئي). [1036]. وهو الصحيح. (خوئي). ـ وهو الظاهر. (لنكراني). [1037]. لكن الفكّ هو الأقوى. (خميني ـ صانعي). [1038]. صحّته كذلك محلّ إشكال بل منع، إلاّ إذا كان كلّياً في المعيّن، فإنّ له وجه صحّة، فإنّ الكلّي في المعيّن لا يخرج عن الكلّية والذمّة على ما هو التحقيق، فيكون ضمانه في دائرة المعيّن، فمع تلف الكلّ يبطل الضمان، ومع بقاء مقدار الدين لا يبطل ويتعيّن للأداء، ومع بقاء ما ينقص عنه يبطل بالنسبة. (خميني ـ صانعي). ـ لا يظهر معنى متحصّل للتقييد في المقام، فينحصر الأمر في الاشتراط ولا يترتّب عليه إلاّ وجوب الوفاء بالشرط ; لما مرّ من الإشكال في ثبوت الخيار بتخلّفه. (خوئي). ـ لا يظهر معنى معقول لتقييد الضمان، الذي هو عبارة عن اشتغال ذمّة الضامن بما على عهدة المضمون عنه بالمال المعيّن الموجود في الخارج، إلاّ إذا كان بنحو الكلّي في المعيّن، حيث إنّه يجتمع فيه الذمّة والمعيّن معاً، فيكون ضمانه في حدوده ولا يتجاوز عنه، فإذا تلف الجميع يرتفع اشتغال الذمّة، ومع بقاء مقداره أو بعض منه يتعيّن للأداء. (لنكراني). [1039]. قد مرّ الإشكال في ثبوت الخيار في الضمان مطلقاً. (لنكراني). [1040]. مرّ آنفاً أنّه لا محصّل له في المقام. (خوئي). ـ قد مرّ الإشكال في أصل الضمان بنحو التقييد. (صانعي). [1041]. لا وجه لبقاء وجوب الكسب عليه مع كون الضامن هو المولى على الفرض، كما أنّه لا وجه لبقاء ذمّة المولى مشغولة لتعذّر الكسب بما هو مال للمولى. (لنكراني). [1042]. لا وجه له في الفرض. (خميني). [1043]. بل تبقى ذمّة المولى مشغولة كما في الموت. (خوئي). ـ بعد كون المفروض إنّ الضامن هو المولى، لا وجه لبقاء وجوب الكسب عليه فإنّ الانعتاق بمنزلة التلف لأنّ كسبه بعد الانعتاق ليس من أموال المولى بل يكون من أمواله. (صانعي). [1044]. وهذا هو المتعيّن ; لما مرّ من أنّ الأقوى اعتبار القبول، وهو الملاك في التعاقب والدفعة لا الإيجاب. (لنكراني). [1045]. هذا هو المتعيّن. (خوئي). [1046]. هذا إذا لم يكن ضمان المتعدّد من ضمان المجموع، وإلاّ فلا ينبغي الشكّ في لزوم التقسيط، وأمّا إذا كان بنحو ضمان المتعدّد استقلالاً فهو باطل على الأظهر. (خوئي). [1047]. بل أضعفها ; لعدم إمكان ضمان الاثنين تمام المال على وجه النقل الذي هو معنى الضمان على المذهب الحقّ، ولا يبعد كون الأوّل أقرب الوجوه. (خميني). ـ بل أضعفها في ضمانهما بالمعنى المصطلح، لعدم إمكان ضمان الاثنين تمام المال على وجه النقل الذي هو معنى الضمان في المذهب، ولا يبعد كون الأوّل أقرب الوجوه بهذا المعنى، وأمّا إذا كان على النحو المتعارف الخارج عن الضمان المصطلح الذي مرّ صحّته، فالظاهر هو الصحّة.(صانعي). ـ لا وجه لأقوائيته على ما هو الحقّ في معنى الضمان. نعم، لها وجه على ما يراه غيرنا في معناه، فالأظهر على مسلكنا هو الوجه الأوّل. (لنكراني). [1048]. محلّ تأ مّل، بل احتمال القرعة أقرب، وأقرب منه عدم جواز الرجوع إلى المضمون عنه إلاّ مع العلم بالأداء لما عليه ضماناً، وكذا نظائر المسألة فلا يفكّ الرهان إلاّ مع العلم بافتكاكه بأداء الدين الذي له رهن وكذا الحال في الإبراء. (خميني ـ صانعي). ـ بل الظاهر أنّه يقع وفاءً لما في ذمّته أصلاً، فلا يجوز له الرجوع على المضمون عنه ما لم يقصد وفاء ما وجب عليه من قبله، والوجه في ذلك أنّ الرجوع عليه من آثار أداء ما ثبت في ذمّته من قبله، فما لم يقصد بخصوصه لا يترتّب أثره، وبذلك يظهر حال نظائر المسألة. (خوئي). ـ والأظهر وقوعه وفاءً لما في ذمّته أصلاً ; لأنّ ترتّب الآثار الاُخر من جواز الرجوع وافتكاك الرهن وسقوط الخيار إنّما يتوقّف على تعلّق القصد بموضوعاتها، وأمّا براءة الذمّة من الدين الأصلي فترتّبها على أداء الدين قهريّ منشؤه الانصراف. (لنكراني). [1049]. أي كذلك. (لنكراني). [1050]. أي يلزم المضمون عنه. (لنكراني). [1051]. بل هو وجيه إن كان الثبوت بالبيّنة على وجه التقييد، بخلاف ما إذا كان على وجه المعرّفيّة والمشيريّة إلى ما في ذمّته أو مقدار منه. (خميني). ـ بل لا وجه إلاّ له إذا كان المراد ما يثبت بالبيّنة على وجه التقييد ; لأنّ الضمان لابدّ وأن يتعلّق بالدين، وما تشهد به البيّنة بهذا العنوان لا يكون كذلك. (لنكراني). [1052]. محلّ إشكال. نعم لا يبعد الجواز في بعض الأحيان للوليّ، فيشتغل ذمّته بعنوان الولاية فيؤدّي من الوجوه المنطبقة، وعليه لا دخالة فيه لاشتغال ذمّته بها. (خميني). [1053]. لا يبعد عدم الجواز فيه، بل وفي سابقه. (خوئي). ـ بل على إشكال في الأوّل أيضاً. نعم الظاهر عدم الإشكال في الضمان بمعنى عهدة الأداء مثل غيره من ضمان العهدة من غير فرق بين الأوّل والثاني. (صانعي). ـ فيه بل وفي الأوّل أيضاً. (لنكراني). [1054]. بل منع. (خميني). ـ لا وجه لجوازه. (خوئي). ـ الظاهر عدم الإشكال في كفاية قبوله وكفاية كونه مصرفاً في قبول الضمان وصحّته. (صانعي). ـ فيه وفي سابقه. (لنكراني). [1055]. الذي هو الأقوى. (صانعي). [1056]. بل والأداء منها أيضاً، فإنّ جواز الضمان فيه مشكل. (لنكراني). [1057]. وكذا مع عدم بقائها. (خميني). ـ وكذا مع عدم بقائها كذلك. (لنكراني). [1058]. وهو الأقوى. (خميني). [1059]. مرّ الكلام فيه في أوائل كتاب الضمان. (لنكراني). [1060]. مرّ الكلام فيه. (خوئي). [1061]. لا إشكال في بطلان الضمان. (خميني). ـ لا ينبغي الإشكال في بطلان الضمان. (خوئي). ـ وهو عدم كونه ضماناً بمعنى نقل ذمّة إلى ذمّة، لكن الأقوى مع ذلك الصحّة، قضاءً لعمومات العقود، بل لعمومات الضمان وبمثله أجاز الضمان مع وجود المقتضي في الشرط الثامن. (صانعي). ـ بل لا ينبغي الإشكال في البطلان. (لنكراني). [1062]. محلّ إشكال. (لنكراني). [1063]. محلّ إشكال. (خميني ـ لنكراني). ـ فيه إشكال والاحتياط لا يترك. (خوئي). ــــــــــــــــــــــــــــــــ (أ) يوسف (12): 72. [1065]. بل الأقوى عدم الجواز. (خميني). ـ الظاهر فيه التفصيل، فإنّ المنشأ إذا كان هو التعهّد الفعلي للعين المضمونة ليترتب عليه وجوب ردّها مع بقائها ودفع البدل عند تلفها فلا بأس به للعمومات ولا سيما أنّه متعارف في الخارج، وإذا كان اشتغال الذمّة بالبدل فعلاً على تقدير تلفها واشتغال ذمّة الضامن الأوّل به متأخراً فهو واضح الفساد، بل صحّته غير معقولة، وإذا كان اشتغال الذمّة بعد اشتغال ذمّة الضامن الأوّل به على نحو الواجب المشروط فصحّته مبتنية على عدم اعتبار التنجيز، وبذلك يظهر الحال في ضمان الأعيان غير المضمونة. (خوئي). ـ بل الظاهر العدم، سواء كان المراد به أحد الأمرين المذكورين في المتن، أو كان المراد به هو التعهّد الفعلي لنفس العين المضمونة على حذو ثبوتها في عهدة الضامن الأوّل، المترتّب عليه وجوب الردّ مع البقاء والبدل مثلاً، أو قيمة مع التلف، من دون فرق بين أن يكون المراد ضمّ عهدته إلى عهدة الأوّل، أو النقل عنها إليها. (لنكراني). ــــــــــــــــــــــــــــــــ (أ) المائدة (5): 1. [1067]. بل الأقوى البطلان. (لنكراني). [1068]. بل الأقوى بطلانه. (خميني). [1069]. محلّ إشكال مع بقاء الثمن، سواء كان قبل القبض أو بعده، وأمّا فيما إذا تلف في يد البائع فلا إشكال في الجواز. (لنكراني). [1070]. مع بقاء الثمن في يد البائع محلّ تردّد. نعم لا إشكال فيه مع تلفه. (خميني). [1071]. الاستثناء لم يثبت، بل الحال فيه هو الحال في ضمان بقية الأعيان الخارجية، وبذلك يظهر حال بقية المسألة. (خوئي). [1072]. وهو المنصور فيه وفيما بعده. نعم لا يبعد ذلك في الأرش. (خميني). ـ وهو الحقّ فيه وفيما بعده. (لنكراني). [1073]. نعم، ولكن الملاك هو الاستحقاق، وهو ثابت بالعقد بلا إشكال، فلا يبعد الجواز فيه.(لنكراني). [1074]. لا وجه للصحّة لفرض أنّ الذمّة غير مشغولة بالأرش إلاّ بعد المطالبة، وعليه فلا يصحّ ضمانه لأنّه من ضمان ما لا يجب. (خوئي). [1075]. يأتي فيه ما قوّينا في ضمان درك الثمن. (خميني). [1076]. ولكن له الرجوع على الضامن أيضاً لأنّه من موارد الضمان بالفسخ بالنسبة إلى ما قابله وقد مرّ في المسألة السابقة أنّ الأقوى في الجميع الدخول مع الإطلاق والصحّة مع التصريح. (صانعي). [1077]. فيه إشكال والاحتياط لا يترك. (خوئي). [1078]. وهو المنصور. (خميني). ـ وهو الأقوى. (لنكراني). [1079]. وهو الأقوى، بل لاوجه لضمان الشخص عن نفسه ولو مع تعدّد الجهة. (خميني ـ صانعي). ـ وهو الأصحّ، وتعدّد الجهة لا يجدي في التصحيح. (لنكراني). [1080]. لكنّه بعيد، بل لا وجه له أصلاً. (خوئي). [1081]. أي ظاهراً، فلا ينافي البطلان المستكشف بظهور المبيع مستحقّاً وردّ المالك البيع والغرض عدم تأثير الشرط في الخلل في البيع لعدم كونه فاسداً. (لنكراني). [1082]. هذا الشرط إن كان بعنوان شرط النتيجة فهو غير صحيح، وإن كان بعنوان شرط الفعل فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنّه لا يكون مؤكداً. (خوئي). [1083]. وهو الأقوى، وأمّا الأوّل فقد ادّعى الشيخ إجماع الفرقة، بل إجماع الاُمّة ـ عدا أبي ثور ـ عليه ولا بأس به، لكنّه ليس من فروع هذا الكتاب وغير مربوط بالضمان المذكور فيه. (خميني). [1084]. كما هو الحقّ، بل الأوّل أيضاً محلّ تأ مّل. (لنكراني). [1085]. بل السيرة القطعية العقلائية قائمة على الصحّة. (خوئي).
|