موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مع أساتذة الدراسات الاسلامية من جامعة لوند السويدية
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله الشريف)مع أساتذة الدراسات الاسلامية من جامعة لوند السويدية
أتصوّر أنه لا يعذّب غير المؤمن الذي لا يعادي، بل هو سيحصل على حسن الثواب إذا كانت لديه أعمال صالحة، هناك اختلاف بين المعاند والكافر، فالملايين من البشر لايؤمنون باللّه لكنهم لايعادونه، وهؤلاء سيجزون حسن الثواب إذا عملوا الصالحات.
حقوق البشر وتعارضها أو انسجامها مع الإسلام كانت ولا زالت من المواضيع الأصلية للنقاشات التي تدور بين العلماء الدينيين وغيرهم. وفي هذا المضمار التقى سماحة الشيخ الصانعي مجموعة من أساتدة الدراسات الإسلامية من جامعة لوند السويدية في أواخر العام 1383 هـ ش ودار الحديث التالي:
مع تأكيده على المعنى السابق أجاب فضيلته على الأسئلة الأساسية التي طرحها الأساتذة السويديون قائلاً:
القضية التي ينبغي دراستها بعمق لأجل التعرّف على ثقافة الإسلام هي قضية حقوق الانسان في الإسلام، وأعتقد شخصياً أنَّا إذا تعرّفنا على قضية حقوق البشر في الإسلام فلا تتبلور لدينا شبهة اعتقادية، وإذا تبلورت لدينا شبهة فهي ناشئة عن عدم إلمامنا بحقوق البشر في الإسلام. إذا أصبح للبشر مواثيق تخص حقوقه بعد الحرب العالمية الثانية فان هذه المواثيق قد كتبت في الإسلام قبل 14 قرناً، حيث لم يكن للبشرية إلاَّ ثقافة بدائية.
ابتنيت حقوق الانسان في الإسلام على الكرامة الانسانية، فالإسلام والقرآن يوليان للانسان احتراماً فائقاً، والكرامة مبنى حقوق البشر، ولا دخل للجنس والدين والقومية والجغرافية في حقوق البشر الإسلامي.
مع تأكيده على تساوي الحقوق بين البشر في الإسلام ونفي التمييز أشار آية العظمى الصانعي إلى المسألة الوحيدة المثيرة للشك وهي مسألة الإرث واعتبرها محلولة ببيان منطقي ومبرهن وقال:
في مجال التساوي في الإسلام كان الرسول يسعى لإقرار التساوي حتى في نظراته إلى الصحابة ليتقاسموها بالتساوي.
وفي معرض اجابته على سؤال آخر حول جهنَّم وتوصيفها في القرآن وارتباط هذا الأمر برحمانية اللّه قال هذا الفقيه المجدّد:
ينبغي النظر في أن هذا العذاب ينصب على أيٍّ من البشر؟ وهل تتساوى عقوبة الذي يدمّر شعباً كاملاً بقراراته مع الذي يصفع أحد زملائه؟
هل ينبغي ترك ا لذي شكك في شخصتيك الاجتماعية وأثار أحاسيس الشعب ضدك وأهانك أم ينبغي عقابه؟
أي عذاب يستحق هؤلاء الذين يختطفون صحفياً ويقطعون رأسه بشكل بشع؟
وما رأيكم بقادة القاعدة وابن لادن؟
هل ترون العذاب في هذه الموارد جناية أم أنه أمر يتناسب مع الجناية؟ هؤلاء أهل لمثل هذا العذاب وإلاَّ فان رحمة اللّه متقدّمة على عذابه، ألا ينبغي التمييز بين الناس وبين اولئك الذين يرتكبون المجارز الجماعية بعملية انتحارية واحدة في العراق؟
وأضاف فضيلته: أتصوّر أن غير المؤمن لايعذّب إذا لم يعادِ، ويترتب الثواب على أعماله الحسنة، وهناك فرق بين الكافر والمعاند، فالملايين من البشر لايؤمنون باللّه لكنهم لايعادون دينه، وسيجزى هؤلاء على حسن أعمالهم، وسيعاقب الذي يعادي دين اللّه عن علم وعناد.
وقد أكَّد سماحة آية اللّه العظمى الصانعي على أن عدم رعاية حقوق البشر لايمتُّ صلة له بالاسلام بل ناتج عن سوء إجراءات الحكومات، وقال:
ينبغي للقوانين أن تدوّن بنحو تتوفّر من خلالها أرضية رعاية حقوق البشر. ومثل هذا الكلام والحوار هو الذي يوفّر الأرضية المرجوّة.
وفي إجابته عن سؤال آخر فيما يخص هدف المرحوم الامام الخميني من اُطروحة ولاية الفقيه نظرياً وعملياً وما إذا كان قد حصل على جميع الأهداف التي توخّاها أم لا؟ أكَّد سماحة المرجع:
اقترب الامام إلى ماكان يصبو إليه اثناء حياته، وكان على وشك بلوغ ذلك عملياً لكن تبلورت مشاكل بعده نأمل ارتفاعها.
كنت المدعي العام للبلاد فترة 1360 ـ 1362 هـ ش، وخلال هذين السنتين لم أتلقَّ اتصالاً وتوصية ولو تلفونياً من أيٍّ من ذوي الامام وأقاربه إلاَّ اتصالاً واحداً من بنته، استفسرت فيه عن مسألة شرعية، وكان ذلك نتيجة سيرة الإمام في تربية العائلة، بحيث جعلت منه فريداً في تاريخ العظماء والكبار.
وأكَّد فضيلة الشيخ على حسن تعامل الرسول مع جميع الناس من المؤمنين وغيرهم وأهل الكتاب، بل اعتبر هذا هو رأي الإسلام في هذا المضمار، فإنه يمنح الحقوق لجميع البشر إلاَّ من عادى.
وفي شأن القومية أضاف سماحته: المستفاد من قضية القومية أنها مجموعة من القرارات والنظم الاجتماعية التي تتبناها قومية ما لنفسها، ولها حدود يدخل البعض في هذه القومية أو يخرج منها بسببها. وكل قومية تحدد سلوكها وطريقة عيشها بما ينسجم مع ثقافتها، والثقافات المزبورة لا تتنافى مع الإسلام، ونحن الايرانيون لنا طريقة عيش تختلف عن طرائق عيش القوميات الاُخرى، وهذه الثقافات هي التي أوجدت الحدود بين القوميات، ولايمكن مواجهتها، لكن على أصحاب هذه الثقافات أن تحارب وتواجه بعض الجوانب الثقافية المضرّة وغير السليمة، وهذه العملية ينهض بها أتباع الثقافة أنفسهم لاغيرهم، أمّا الإسلام فلا يواجه أيّاً من هذه الثقافات. وعلى سبيل المثال الأفغان الذين لجؤوا إلى ايران يتمتعون بجميع الحقوق التي يتمتع بها الايرانيون.
وفي جانب آخر من حواره أكَّد آية اللّه العظمى الصانعي على أن الشيعة تعتقد بحلول عصر يعيش فيه الشعوب تحت راية وشعار واحد، وهو العصر الذي تتكامل فيه أفكار البشر وعقولهم، ثمَّ صرَّح قائلاً:
البشر حالياً يقتربون تدريجياً إلى الوحدة، وعلى سبيل المثال تشكلت محكمة لمتابعة الجرائم التي ترتكب بحق البشرية، وبذلك بلغ الربانيون مستوى التفاهم المتبادل وتقاربوا كثيراً، وهذا كله لأجل بلوغ هدف وثقافة واحدة وهي القسط والعدالة والحق.
مسعاكم وتحملكم المشاق لأجل المجيء إلى هنا استهدف تبادل الأفكار وتقريب بعضها إلى الآخر، وهذا نموذج لما هو أشمل وأكمل.
وقد أعرب سماحة الشيخ عن أسفه لهروب العقول وعدم رضا النخبة الايرانيين تجاه القضايا الداخلية، واعتبر مسؤولية هذه القضية على عهدة رجال الدولة، وطرح حلاً قائلاً:
بامكان الحكومة أن تفعل مايوجب عدم هروب أيٍّ من الايرانيين إلى الخارج، ينبغي عدم سلب الناس الحريات التي منحها الإسلام إيّاهم، لكي لايرد ضغط عليهم ويحافظ المجتمع على حيويته ونشاطه.
وفي إجابته على سؤال آخر فيما يخص الانحراف عن مبادىء الثورة قال:
في هذا المجال حصلت أخطاء، وبما أنها أخطاء لا أكثر فبالامكان جبرآنها وبالامكان العدول عن الطريق الفعلي إلى طريق الثورة الأصيل، ومن هذا القبيل قضية الدكتور آقا جري فقد حكموا عليه حكماً خاطئاً ثم رجعوا عن حكمهم وجبروا خطأهم. امكانية الاصلاح موجودة مادامت أعمالهم غير صادرة عن سوء نية، وأنا أتمنَّى أن تقلَّ أخطاء المسؤولين وأن لا تهرب العقول إلى الخارج بل تخدم شعبها داخل البلاد.
وفي هذا اللقاء أكَّد آية اللّه العظمى الصانعي على أن للمرأة الصلاحية لبلوغ جميع المقامات والدرجات وبامكانها أن تصبح رئيساً للجمهورية وقاضياً وما شابه ذلك..
وفي نهاية اللقاء أشار إلى مسألة العرفان وتوجهات المرحوم الإمام الخميني العرفانية مؤكداً على أن عرفان الإمام لم يكن من قبيل الانزواء والابتعاد عن الناس ومشاكلهم، فقد كان أكبر عارف لكن كان للامة بكل مايملك، فالعارف لاينفع إذا كان خاصاً لنفسه والتزم الانزواء. التاريخ : 2005/03/14 تصفّح: 12054