أوّلها: المرجع في تعريف السبّ وبیان معناه ـ كغيره من الموضوعات الغير الاختراعيّـة للشرع ـ هو العرف، والظاهر منه، بل ومن اللغة ([534]) اعتبار الإهانة والتنقيص والإزراء والتعيير فيه، وأنّ السبّ والشتم بمعنى واحد.

وعلى هذا، فما في جـامع المقـاصد مـن تفسيره: «بإسناد ما يقتضي نقصه إليه، مثـل الوضيع والناقص»،([535])وما في كلام بعض آخر: «أنّ السبّ والشتم بمعنى واحد»،([536]) وما في كلام ثالث:

والشتم، السبّ بأن تصف الشخص بما هو إزراء ونقص، فيدخل في السبّ كلّ ما يوجب الأذى، كالقذف والحقير والوضيع والكلب والكافر والمرتدّ، والتعيير بشيء من بلاء الله تعالى، كالأجذم والأبرص.([537])

كلّها تفاسيرٌ وتعاريفٌ صحيحةٌ وموافقةٌ مع العرف واللغة.

ثمّ إنّ الظاهر أنّـه لا يعتبر في صدق السبّ مواجهة المسبوب. نعم، يعتبر فيه قصد الإهانة والنقص، وهذا بخلاف الغيبة، فإنّ قصد الإهانة والتنقيص وإن كان معتبراً فيها کالسبّ، لکنّ المواجهة عدمها معتبرة فيه، فالنسبة بينهما التناقض كذلك. ومن الواضح أنّ مع النسبة كذلك لاتصل النوبة إلى التباين بينهما بالإنشاء والإخبار، كما في تعليقة الإيرواني،([538]) ولا بالعموم من وجه، كما ذكره الشيخ الأعظم.([539])

فرعٌ: لو شكّ في قصد المتكلّم الهتك والإهانة فيما يعتبر فيه القصد، الأصل قبول قوله بعد ادّعائه عدم قصد الهتك والإهانة؛ لأنّ القصد لا يعلم إلّا من قبل صاحبه، إلّا مع قيام القرينة والحجّة على قصده، الهتك والإهانة.