الشرائط المعتبرة في القصاص (درس39)
الدرس دروس خارج الفقه _AyatollahSanei القصاص الدرس 39 التاريخ : 2008/12/14 بسم الله الرحمن الرحيم مسألة 1: لا فرق بين أصناف الكفّار من الذمّي والحربيّ والمستأمن وغيره، ولو كان الكافر محرّم القتل كالذمّي والمعاهد يعزر لقتله، ويغرم المسلم دية الذمّي لهم. لا فرق بينهم في قصاص المسلم بهم مطلقاً حتى الحربيّ منهم ولا تعزير مع القصاص، كما أنَّه على الشرطيّة وعدم القصاص فالتعزير ثابت مطلقاً; لأنّ دم الحربيّ كماله محترم، وإنَّما الهدر منحصر بحال الحرب فقط. وقد عرفت أنَّ عدم القصاص وغرم المسلم دية الذمّي وإنْ كان مدلولاً للأخبار لكنّها بمخالفتها مع الكتاب غير حجّة. وكيف كان ، البحث في هذه المسألة ظاهر ممّا مرّ ولا احتياج إلى الإعادة. مسألة 2: لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمّة جاز الاقتصاص منه بعد ردّ فاضل ديته، وقيل: إنَّ ذلك حدّ لا قصاص، وهو ضعيف. قد ظهر ممّا مرّ أنَّ قتل المعتاد من باب الحدّ ورواياته ظاهرة فيه وأنَّ المسلم المعتاد قتل الكافر وغير المسلم محكوم بحكمين، أحدهما: القصاص من جهة القتل الموجب له، وإنْ كان المقتول غير مسلم مطلقاً، ثانيهما: من جهة حدّ الاعتياد. والأوّل حق اللّه تعالى، والثاني حق الناس. ودليلالأوّل الأصل أي عمومات القصاص وإطلاقاتها. ودليل الثاني أخبار الهاشمي المستدلّ بها في بحث السنة، وفيها الصحيح، وصحيح محمد بن فضل عن أبي الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ الذي يكون مثل الصحيح من أخبار الهاشمي على مافي (الوسائل)[1]. وفي (الجواهر ) في قتل المتعوّد: (وعلى كلّ حال، لم يحك القول بالقتل حدّاً في (غاية المراد) إلاَّ عن أبي علي والتقي، نعم، في (كشف اللثام) حكايته عن (المختلف) وظاهر (الغنية)، بل وعن (الفقيه) أنّه يقتل عقوبة لخلافه على الإمام)، إلى أن قال بعد نقل ما في (الفقيه) و(المقنع): (وهما معاً كما ترى لا يستأهلان ردّاً كما عرفت، بل وسابقهما أي القتل حدّاً بعد النصوص المزبورة المعتضدة بما عرفت، ولولاهما لأمكن القول به على معنى إيكال أمر ذلك إلى الإمام، خصوصاً بعد خبر سماعة: سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن مسلم قتل ذمّياً؟ فقال: ((هذا شيء شديد لا يحتمله الناس، فليعطِ أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد وعن قتل الذمّي)) ثم قال: ((لو أن مسلماً غضب على ذمّي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدّي إلى أهلهثمانمائة درهم إذاً يكثر (القتل)[2]في الذمّيين، ومن قتل ذمّياً ظلماً فإنَّه ليحرم على المسلم أن يقتل ذمّياً حراماً ما آمن[3] بالجزية وأدّاها ولم يجحدها))[4] الذي جعله الشيخ شاهداً على الجمع بين مادلَّ على أنَّ ديته ثمانمائةدرهم وبين ما دلَّ على أنَّها أربعة آلاف أو دية المسلم، بحمل الأوّل على غير المتعوّد وغيره على المتعوّد الذي يرجع في تنكيله إلى مايراه الإمام صلاحاً. مويَّداً ذلك بأنَّ ظاهر بعض النصوص المزبورة استيفاء الكافر منه ذلك، ولا ريب في أنّه سبيل له، وستعرف أنّه حيث يكون للكافر قصاص على المسلم في طرف يستوفيه الإمام دونه، كما تسمعه في مسألة المرتد. بل وبغير ذلك ممّا دلّ على عدم قتل الواحد من الشيعة بألف من العامّة إذا قام الحق المستفاد من فحواها عدم قتل الواحد منهم بألف من الكفّار وغيره. اللهمّ إلاّ أنْ يقال: إنَّ ذلك كلّه لا يقابل ماعرفت من النصّ والفتوى على قتله به قصاصاً لاحدّاً، وفائدة ذلك واضحة، ضرورة سقوطه بالعفو وعدم استيفائه منه إلاّ بعد طلب الولي وردّ الأولياء فاضل الدية على الأوّل بخلاف الثاني. ومن الغريب ما في (الروضة) من احتمال القول بالقتل حدّاً مع ردّ فاضل الدية، إذ هو ـ مع أنَّه إحداث قولٍٍ يمكن دعوى الإجماع المركب على خلافه وإنْ سبقه إليه الكركي في حاشية الكتاب ـ غير واضح الوجه، ومناف لما سمعته من النصوص، فليس حينئذ إلاّ القول بقتله قصاصاً)[5] انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه. نقلناها بطولها لما فيها من الفوائد والمحالّ للأنظار، وفيها مايلي: أوّلاً: وجود القول بالحدّ مضافاً إلى أبي علي[6] والتقي[7] من (المختلف)[8] و(الغنية) ووجود القائلين بذلك من مثلهم يخرج ذلك القول عن كونه نادراً إلى خلاف المشهور إنْ لم يكن موجباً لصيرورة المسألة ذات قولين، وهذه فائدة جيّدة للمختار ومعتضد له، كما لا يخفى. ثانياً: وفي ما ذكره تأييداً للممكن من القول بالحدّ بقوله: (بأنّ ظاهر ذلك الخ)، وقوله: (بل وبغير ذلك ممّا دلّ الخ) فائدة اُخرى أيضاً: وهي أنَّهما كما فيهما التأييد لاحتمال الحدّ بذلك المعنى، فكذلك فيهما التأييد للمختار من معنى الحديث أنَّ التأييد من حيث عدم مناسبة الوجهين مع القصاص الشامل للحدّ بالمعنيين، بل بالحدّ على مختار الصدوق أيضاً . ثالثاً: النصوص التي أشار إليها في كلامهمرَّتين تضعيفاً للقول بالحدّ، ففيه: أنَّه لو جعلها تقوية ودليلاً على الحديّة لكان أولى بل كان متعيّناً لما مرّ من ظهورها في الحدّ أو لا أقل من الاحتمال المسقط للاستدلال . رابعاً: ما اعتمد عليه من الفتوى؛ اعتضاداً للأخبار، ولكونه[9] موجباً لعدم مقابلة القول الممكن في الحدّ به، وبالنصّ، ليس بتلك المثابة مع مافي ظاهر (الشرائع)[10] و(القواعد)[11] و (اللمعة)[12] من التردّد في المسألة ومع مخالفة ابن ادريس[13] فيها كما صرّح صاحب (الجواهر) بكليهما في أوائل المسألة بقوله ـ قدس سره ـ: (فإنّه يخالف فيها أحد منّا سوى ابن ادريس)، وقوله ـ قدس سره ـ: (وظاهر المتن و(القواعد) و(اللمعة) التردّد)[14]. هذا مع عدم ظهور كلماتهم في الحديّة كما لا يخفى على من راجعها. وبالجملة عباراتهم مأخوذة من النصوص فليس فيها إلاّ ما فيها. -------------------------------------------------------------------------------- [1] - وسائل الشيعة 29: 107، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث 1. [2] - كلمة (القتل) موجودة في (الوسائل) وسقطت عند النقل في (الجواهر). [3] - في الوسائل: (ما آمن). [4] - وسائل الشيعة 29: 221، كتاب الديات، أبواب ديات النفس، الباب 14، الحديث 1. [5] - جواهر الكلام 42: 153. [6] - مختلف الشيعة 9: 335. [7] - الكافي في الفقه: 384. [8] - مختلف الشيعة 9: 335. [9] - جواهر الكلام 42: 155، قوله ـ قدس سره ـ (إنّ ذلك كلّه لا يقابل ماعرفت من النص والفتوى على قتله به قصاصاً لا حداً). [10] - شرائع الإسلام 4: 986. [11] - قواعد الأحكام 2: 290. [12] - الروضة البهيّة 2: 405. [13] - كتاب السرائر 3: 351. [14] - جواهر الكلام 42: 151.
|