القول فيما يثبت به القود (درس66)
الدرس دروس خارج الفقه _AyatollahSanei القصاص الدرس 66 التاريخ : 2008/11/24 القول فيما يثبت به القود (درس66) بسم الله الرحمن الرحيم ثانيهما: البحث في حكم المسألة من حيث النصّ. فنقول: إنّ ما في المسألة منحصر بصحيح زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال: سألته عن رجل قتل فحمل إلى الوالي، وجاءه قوم فشهد عليه الشهود أنّه قتل عمداً، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به، فلم يريموا حتى أتاهم رجل فأقرَّ عند الوالي أنّه قتل صاحبهم عمداً، وأنّ هذا الرجل الذي شُهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبه، فلا تقتلوه به وخذوني بدمه؟ قال: فقال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ: ((إنْ أراد أولياء المقتول أنْ يقتلوا الذي أقرَّ على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الآخر، ثمّ لا سبيل لورثة الّذي أقرَّ على نفسه على ورثة الذي شُهد عليه، وإنْ أرادوا أن يقتلوا الذي شُهد عليه فليقتلوا ولا سبيل لهم على الَّذي أقرَّ، ثمّ ليؤدِّ الدية الذي أقرَّ على نفسه إلى أولياء الذي شُهد عليه نصف الدية))، قلت: أرأيت إنْ أرادوا أنْ يقتلوهما جميعاً؟ قال: ((ذاك لهم، وعليهم أنْ يدفعوا إلى أولياء الذي شُهد عليه نصف الدية خاصّة دون صاحبة، ثمَّ يقتلونهما))، قلت: إنْ أرادوا أنْ يأخذوا الدية؟ قال: فقال: ((الدية بينهما نصفان; لأنَّ أحدهما أقرَّ والآخر شُهد عليه))، قلت: كيف جعلت لأولياء الَّذي شُهد عليه على الَّذي أقرَّ نصف الدية حيث قتل، ولم تجعل لأولياء الذي أقرّ على أولياء الذي شُهد عليه ولم يقر؟ قال: فقال: ((لأنَّ الذي شُهد عليه ليس مثل الذي أقرَّ، الذي شُهد عليه لم يقر ولم يبرئ صاحبه، والآخر أقرّ وبرأ صاحبه، فلزم الذي أقرّ وبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شُهد عليه ولم يقر ولم يبرئ صاحبه))[1]. ولا ريب في مخالفته للقواعد من وجوه: أحدها: في جواز قتلهما معاً مع انتفاء الشركة في القتل، كما هو مقتضى الشهادة والإقرار بل فيهما بدلالتهما الالتزاميّة على انتفاء الثالث دلالة على عدم الشركة. ثانيها: في إلزامهما بالدية نصفين بعد عدم ثبوت المقتضي لاشتراكهما في موجبه، وهو القتل، بل فيهما دلالة على عدم الشركة، كما مرّ. ثالثها: في إلزام المقرّ بردّ النصف، ضرورة أنَّه إنْ كان كذلك لاعترافه ببراءة المقتول، فالمتّجه ردّ الجميع وإلاَّ فلا وجه لردِّ النصف، فإنَّ أقصى ما هناك إقرار المقرِّ بأنَّه القاتل وأنَّ المشهود عليه قتل مظلوماً، فلم يقصّر في الدفع عنه، وليس عليه إلاَّ تخطّي البيّنة، ولعلّه بهذا لا يلزمه شيء، وإنْ أبيتم عن إلزامه بشيء فالجميع عليه كما مرَّ. رابعها: في إلزام الأولياء بردِّ النصف إلى أولياء المشهود عليه مع قتلهما دون أولياء المقرِّ، فإنَّ القاعدة في قود المتعدِّد في مقابل الواحد ردّ دية الزائد على أولياء المقتولين بالسويّة، ففي قتل الاثنين بالواحد مثلاً يردُّ وليّ الدم الدية كاملة على أوليائهما بالمناصفة، وفي الثلاثة بالواحد أثلاثاً، كما مضى في محلّه، فردّ نصف الدية على أولياء أحد المقتولين في الصحيح مخالف لهذه القاعدة أيضاً. خامسها: ما فيه في تخيير وليّ الدم في القود بينهما، مع أنَّ الحجَّتين، أي الشهود والإقرار بالتعارض سقطتا عن الحجيَّة، فالتخيير بلا وجه، كما لا يخفى. سادسها: أنَّ تخيير الولي مع عدم الدليل عليه احتمال قتل غير القاتل، وهو مخالف للإحتياط في الدماء وحرمة الأنفس. سابعها: أنَّ اللاّزم في إلزام المقرّ بردِّ النصف إلى أولياء المشهود عليه المقتول قوداً كون أولياء المقتول آخذين حينئذ دماً ونصفاً، وهو زائد على حقّهم، فإنَّما حقُّهم واحد، وهم وإنْ لم يأخذوا النصف مباشرةً لكنّهم باختيارهم القود على المشهود عليه صاروا سبباً في ردِّ الزائد فكأنَّهم الآخذون له وإلاَّ فلهم القود على المقرِّ، فكان ردّ النصف منتفياً. فهذه هي المحاذير السبعة. فيه. وفي ظاهر (نكت النهاية) للمحقق حصر الإشكال في ثلاثة مواضع منه، ففيه بعد نقل الرواية: والإشكال في هذه في ثلاثة مواضع: أحدها: أنْ يقال: لِمَ يتخيَّر الأولياء؟والجواب: لأنَّ أحدهما تقتل بالبيّنة والآخر بالإقرار، فإنّ المقرّ أباح نفسه بإقراره بالإنفراد. الثاني: أنْ يقال: لمَ وَجب الردّ لو قتلوهما؟ لأنَّا نقول: حيث إنَّه لا يقتل اثنان بواحد إلاَّ مع الشركة، ومع الشركة يردُّ فاضل الدية، وهو دية كاملة، لكن المقرّ أسقط حقّه من الردّ فبقي الردُّ على المشهود عليه. الثالث: أنْ يقال: لِمَ إذا قتل المقرّ وحده لا يردّ المشهود عليه، لم يقر فيرجع على ورثة المقرّ بنصف الدية؟ لاعترافه بالقتل وإنْ كان المشهود عليه[2]. ولا يخفى عليك عدم تماميّة جوابه عن الإشكال الأوّل; لما مرَّ من التعارض والسقوط عن الحجيّة. وأمَّا إشكاله الثاني وجوابه، ففيه: ليس هذا من الإشكال في شيء وإنْ كان جوابه عنه على الشيئية تامّاً، حيث إنَّ الإشكال في جواز قتلهما مع عدم الشركة بحسب الظاهر والحجّة لا في وجوب الدية على تقدير قتلهما، فما هو الإشكال لم يتعرّض له وما تعرّض له فليس بشيء. والكلام معه في الثالث مثل الكلام في الثاني فلا نعيده، فتدبّر جيّداً. -------------------------------------------------------------------------------- [1] - وسائل الشيعة 29: 144، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 5، الحديث 1. [2] - النهاية ونكتها (ضمن الجوامع الفقهيّة): 687، كتاب الديات.
|