Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: مبدأ المساواة في القصاص

مبدأ المساواة في القصاص مبدأ المساواة في القصاص على ضوء القرآن الكريم

ثمة في القرآن الكريم طائفتان من الآيات الدالّة على مبدأ المساواة في القصاص، ونحاول هنا استعراض الآيات أولاً، ثم الانشغال بشرحها، وتفكيكها، وبيان كيفية دلالتها على مبدأ المساواة المذكور.

أ ـ الآيات الخاصة

1 ـ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بالْعَبْدِ وَالأُنثَى بالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ)البقرة: 178.

2 ـ وقال سبحانه: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة: 179.

3 ـ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بالْعَيْنِ وَالأَنفَ بالأَنفِ وَالأُذُنَ بالأُذُنِ وَالسِّنَّ بالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بمَا أنزَلَ الله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة: 45.

4 ـ وقال: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله اِلاَّ بالحَقِّ وَمَن قُتلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف في الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) الإسراء: 33.

ب ـ الآيات العامّة

1 ـ قال تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله اِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى: 40.

2 ـ وقال: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبيل) الشورى: 41.

3 ـ وقال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابرينَ)النحل: 126.

4 ـ (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ الله وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله مَعَ الْمُتَّقِينَ)البقرة: 194.

إننا ندّعي أن في هذه الآيات إطلاقاً، وهي تدلّ ـ صراحةً ـ على تساوي الرجل والمرأة، الحرّ والعبد، المسلم والكافر، تماماً كما تحتوي على إطلاق بلحاظ اللون والعرق والقومية، ويؤيَّد هذا الإطلاق وتلك الصراحة في الدلالة بمذاق الشارع والمنحى العام في الكتاب والسنّة فيما يتعلّق بالمساواة بين الناس، فقد اعتبر القرآن الكريم البشر جميعهم أبناء آدم وحواء، ولم يضع أي فرق أو تمييز بينهم في مبدأ الخلقة، وفي الطاقات الإنسانية الكامنة.

قال تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء)النساء: 1.

كما عدّ التقوى في آية اُخرى أساس التفضيل البشري، قال سبحانه: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ)الحجرات: 13.

كما يمكن في هذا الصدد الإشارة إلى جملة روايات تؤكد المبدأ عينه:
أ ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلّكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلاّ بالتقوى»(6).

ب ـ وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم): «الناس سواء كأسنان المشط»(7).

ج ـ وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: «فالناس اليوم كلّهم، أبيضهم وأسودهم، وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم، وإن آدم(عليه السلام) خلقه الله من طين، وإن أحبّ الناس إلى الله عزوجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم»(8).

د ـ وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: «إن الناس من آدم إلى يومنا هذا، مثل أسنان المشط، لا فضل للعربي على العجمي، ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى»(9).

هـ ـ وعن الامام علي(عليه السلام) أنه قال: «الناس إلى آدم شرع سواء»(10).

وخلاصة القول: إن هذه الآيات والروايات المؤيّدة بآيات وروايات اُخرى دالّة على تساوي الناس في القصاص، ولا تستوعب أي نوع من التمييز.

شبهتان ناقدتان
وفي قبال هذا الاستدلال، يمكن أن تطرح شبهتان، نحاول هنا استعراضهما ثم تسليط النقد عليهما:

الشبهة الأولى:
قد يقال: إن الآيات المشتملة على القصاص، مثل الآية الأولى والثانية من المجموعة الأولى، وكذا آية الانتصار، وهي الآية الرابعة من المجموعة الأولى، لا إطلاق فيها ولا شمول للتساوي في القصاص بالنسبة إلى الطوائف المذكورة; ذلك أنها تدلّ على مبدأ القصاص، وحيث كان الاختلاف في القصاص بين الرجل والمرأة وكذا بين الحرّ والعبد سائداً في تلك العصور كان معنى ذلك تأييد هذه الآيات لذلك التمييز لا العكس.

وبعبارة اُخرى، لا يمكن الحصول على مبدأ التساوي في القصاص من هذه الآيات، ذلك أنها دالّة على مبدأ القصاص، وقد كان اللاتساوي بين الرجل والمرأة شائعاً آنذاك، وكذا بين الحرّ والعبد، وقد كانوا يطلقون عليه القصاص، فتكون الآيات شاملة لهذا النوع من القصاص القائم على التمييز المذكور.

وللجواب على هذا الإيراد يمكن القول:
أولاً: ثمّة آيات اُخرى مثل: (وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) الشورى: 40، وكذا (أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ)المائدة: 45، تدلّ على المساواة وعدم التمييز، وهي كافية للاستدلال.

ثانياً: إن صدق القصاص مع اللامساواة في أوساط الجاهلين من تلك الأمم مبنىّ على العقائد الباطلة التي كانوا يحملونها، وإلاّ فالعرف الإنساني بفطرته الأصلية يقضي بالمساواة وعدم الاختلاف، وعليه، فصدق القصاص عندهم لا يمكن أن يجعل ملاكاً لصدق الآيات القرآنية، القائمة على الحق والحقيقة.

ثالثاً: إن العرف الحاضر في عصرنا، وهو عرف يقوم على الإحساس الرفيع والشعور العالي والثقافة الإنسانية السامية، يرى القصاص شاملاً للطوائف كافة، وهذا هو ملاك صدق الآيات القرآنية.

رابعاً: حيث كانت الأحكام مترتبةً على العناوين، مثل هذه الآيات، كان ملاك الدلالة صدق العنوان، حتى لو كانت بعض المصاديق حادثةً بعد نزول الآيات، نعم لو كانت الأحكام مترتبةً على مصاديقها الخارجية، كان ملاك الدلالة حينئذ ذاك المصداق الخاص بزمان جعل الحكم.

الشبهة الثانية:
تدل آية: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بالْعَبْدِ وَالأُنثَى بالأُنثَى)البقرة: 178، على وجود اختلاف وتمايز بين هذه الطوائف، إذ تعني الآية قصاص الحرّ في مقابل الحرّ، والعبد في مقابل العبد، والرجل في مقابل الرجل، والأنثى في مقابل الأنثى، وهي ــ من هنا ــ تغدو صريحةً في عدم المساواة، ولذا تساهم في تقييد إطلاق الآيات الاُخرى.

والجواب: إن هذه الآية تدلّ على المساواة في هذه الفرق الثلاث، فهم متساوون فيما بينهم، ولا بدّ من إجراء عقوبة القصاص على القاتل، كائناً من كان القاتل والمقتول.

وبيان ذلك: إن الآية ناظرة إلى انحصار عقوبة القصاص بالقاتل دون غيره، فإذا ما قتل حرّ حرّاً آخر فلا بدّ أن يؤخذ هو نفسه به، لا غيره، فلا يكون عبده الفدية له، يقدّمه بدلاً عنه، لأن القاتل أفضل من المقتول، ولذا لا بد أن يقدم عبده للقصاص، لأن الأخير يقع في ذات الرتبة الاجتماعية للمقتول.

وهكذا الحال لو قتل العبد عبداً آخر، فلا بد أن ينال القاتل نفسه القصاص، ولا معنى لأن يقال: لما كان القاتل مرتبطاً بفريق اجتماعي ذا طبقة كان من المطلوب أن يحاسب واحدٌ منهم ويعاقب، ومثله لو قتلت امرأةٌ اُخرى، فلا بدّ أن تعاقب على ذلك باقتيادها نفسها، لا أن يقدّم للقصاص رجلٌ مكانها بحجة أن هذه المرأة من طبقة الأشراف وأنها لا توازي المقتول في الرتبة والمكانة، بل ترتفع عنه، ممّا يدفع لتقديم رجل للعقوبة مكانها يكون مساوياً في المكانة للمقتول.

ووفقاً لذلك، لا تكون الآية غير دالّة على عدم التساوي فحسب، بل تكون دالّة على مبدأ المساواة وإلغاء أشكال التمييز.

ومع الأخذ بعين الاعتبار ما أسلفناه، يتضح أنه يمكن تفسير الآية بشكلين اثنين، يثبت التمييز وعدم المساواة في القصاص وفقاً لأحدهما، فيما يثبت مبدأ المساواة طبقاً للآخر، وحيث كان التفسير الأوّل غير منسجم مع مذاق الشريعة بل مستلزم لتقييد الأدلّة الاُخرى، وهي أدلّة يأبى لسانها عن التقييد، كان الثاني أكثر وضوحاً وجلاءً، لذا لزم الاعتماد عليه والأخذ به.

من جهة اُخرى، يتناسب التفسير الثاني للآية مع شأن نزولها، فقد ورد في مجمع البيان في ذلك: «نزلت هذه الآية في حيّين من العرب، لأحدهما طَوْل على الآخر، وكانوا يتزوّجون نساءهم بغير مهور، وأقسموا لنقتلنّ بالعبد منا الحرّ منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم على الضعف من جراح أولئك، حتى جاء الإسلام، فأنزل الله هذه الآية»(11)، ولم يقتصر شأن النزول هذا على الطبرسي، بل جاء في تفاسير اُخرى أيضاً(12).

وإذا قيل: إن هذه الآية لا ظهور لها في التفسير الثاني، قلنا: لا أقلّ من احتماله، فيما الثابت إطلاق الآيات الاُخرى.

وبهذا توصلنا ـ حتى هنا ـ إلى الدفاع عن مبدأ المساواة في القصاص بين الرجل والمرأة، والمسلم والكافر، والحرّ والعبد، اعتماداً على دلالة الآيات القرآنية واُصول الشريعة الإسلامية، ونحاول ـ عقب ذلك ـ دراسة وجهات النظر المختلفة التي تعارض نظريتنا هذه، وذلك ضمن بحثين:

الأول: في الرجل والمرأة،
والثاني: في المسلم والكافر.
--------------------------------------------------------------------------------
(6) البحراني، تحف العقول: 34; وبحار الأنوار 76: 350، ح13.
(7) كنـز العمال 9: 38، ح24882; وبحار الأنوار 78: 215، ح108.
(8) بحار الأنوار 22: 118، ح89.
(9) المصدر نفسه: 348، ح64.
( 10) المصدر نفسه: 78: 57، ح119.
(11) الطبرسي، مجمع البيان 1: 264.
(12) راجع: الزمخشري، الكشاف 1: 221; والأردبيلي، زبدة البيان: 671.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org