Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: قصاص النفس (درس22)
قصاص النفس (درس22)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 22
التاريخ : 2008/12/17

بسم الله الرحمن الرحيم

(مسألة 40: لو جنى عليه فصيّره في حكم المذبوح بحيث لا يبقى له حياة مستقرّة فذبحه آخر فالقَوَد على الأوّل، وهو القاتل عمداً، وعلى الثاني دية الجناية على الميت. ولو جنى عليه وكانت حياته مستقرّة فذبحه آخر فالقَوَد على الثاني، وعلىالأوّل حكم الجرح قصاصاً أو أرشاً، سواء كان الجرح ممّا لا يقتل مثله أو يقتل غالباً).
ممّا ذكر في المتن يظهر حكم قتل المريض المشرف على الموت، فإنَّ القاتل ضامن قتله قَوَداً أو دية، إلاَّ أنْ لا تكون له حياة مستقرّة فلا قَوَد; لعدم صدق القتل عرفاً, أو لانصراف أدلّته عن مثله. وعليه ضمان الجرح على الميت; لأنَّه بحكمه.
وفي (القواعد): (ولو قتل مريضاً مشرفاً وجب القَوَد)[1].
وهو كذلك؛ لصدق القتل عرفاً.
لكن في (كشف اللثام): (وإنْ لم يكن بقيت له حياة مستقرّة؛ لصدق القتل. والفرق بينه وبين مَنْ جنى عليه جناية لم يبق له حياة مستقرّة وقوع جنايتين مضمونتين عليه، وإنّما يوجب القصاص على أدخلِهما في تلف النفس؛ لأنَّ المريض ربَّما انتهى إلى مثل تلك الحالة ثمّ برئ؛ للاشتراك. نعم, يصلح ضميمةً إلى ما قلنا)[2].
وفيه: مع كون المفروض عدم استقرار الحياة على نحو ما عرفت، لا وجه لاحتمال البرء مع تلك الحال كما لا يخفى.
هذا كلّه فيما كان الفعلين مرتّبين واقعين على الطول، وأمَّا لو فعلا معاً وكان فعل كلٍّ منهما مزهقاً فهما معاً قاتلان، وكذا لو لم يكونا مزهقين ولكن مات بهما، ولو كان أحدهما المزهق دون الآخر فهو القاتل.
(مسألة 41: لو جرحه اثنان فاندمل جراحة أحدهما وسرت الأُخرى فمات, فعلى من اندملت جراحته دية الجراحة أو قصاصها، وعلى الثاني القَوَد. فهل يقتل بعد ردّ دية الجرح المندمل أم يقتل بلا ردّ؟ فيه إشكال وإنْ كان الأقرب عدم الردّ).
وجه عدم الردّ: الاندمال, وكون النفس بالنفس على الإطلاق.
(مسألة 42: لو قطع أحدٌ يدَه من الزند, وآخرُ من المرفق فمات؛ فإن كان قطع الأوّل بنحو بقيت سرايته بعد قطع الثاني, كما لو كانت الآلة مسمومة وسرى السم في الدم وهلك به وبالقطع الثاني, كان القَوَد عليهما، كما أنَّه لو كان القتل مستنداً إلى السم القاتل في القطع ولم يكن في القطع سراية كانالأوّل قاتلاً فالقَوَد عليه، وإذا كان سراية القطعالأوّل انقطع بقطع الثاني كان الثاني قاتلاً).
من الاشتراك في الجناية العمدية الموجبة للقصاص يثبت القصاص على كلٍّ من الجانيين لو مات بالسراية من جناية الجميع, على النحو الذي بُيّن بلا كلام ولا إشكال، وإنّما الكلام واقع منهم فيما إذا دخلتالأولى في الثانية, كما لو قطع أحدُهمايدَه من الكوع مثلاً, وآخرُ ذراعَه.
وفي (الشرائع)[3] تعرضه للمسألة في الصورة السادسة من صور الاشتراك وذهابه إلى قتلهما به؛ لأنَّ سراية الأوّل لم تنقطع بالثاني بشياع ألمه قبلالثاني.
وفي (الجواهر): (والاحتمال الآخر المقابل لذلك اختصاص القصاص بالثاني: لانقطاع سراية الجرح الأوّل بالثاني، لدخوله في ضمنه، والألم السابق لم يبلغ حدّ القتل. نعم, يلحق الأوّل حكم جنايته خاصّة, نحو ما لو جرحه شخص وأزهق نفسه آخر).
ثمّ أورد عليه بقوله مزجاً بـ(الشرائع): (وفيه: أنَّ ما نحن فيه ليس كذا, أي لو قطع واحد يده وقتله الآخر; لأنَّ السراية انقطعت بالتعجيل للإزهاق، بخلاف القطع من المرفق مثلاً، فإنَّ الروح معه باقية, والألم الحادث على النفس والأعضاء الرئيسة باقٍ من الجنايتين.
وحاصل الفرق أنَّ الجرحين إنْ كان إهلاكهما بالسراية كالقطعين والإجافتين فالقَوَد عليهما، وإلاَّ ـ بل كان أحدهما القتل والآخر الجراحة السارية ـ فالقَوَد على القاتل، وعلى الجارح الآخر القصاص في الطرف أو ديته)[4].
ولا يخفى أنَّ البحث كذلك ليس فقهياً، بل موضوعياً محضاً, ولا بدَّ فيه من مراجعة أهل الخبرة وغير ذلك من القرائن, ونتركه لذلك. وأمّا فقه المسألة، فكما في المتن من التفصيل.
هذا فيما علم الحال، وأمَّا مع الشكّ في سراية الأولى فليس على جارحها إلاَّ ضمان الجناية ـ لكونه معلوماً ومتيقّناً ـ لا ضمان القتل، فإنَّه مشكوك مع أنَّ باب الدماء باب الاحتياط.
مسألة: لو جرحه اثنان كلّ واحد منهما جرحاً فمات, فادّعى أحدهما اندمال جرحه وصدّقه الولي، نفذ على نفسه ـ فليس للوليّ قصاصه من جهة الاشتراك في القتل، فإنَّه إقرار على نفسه ـ ولم ينفذ على الآخر بحيث لا يكون مستحقاً لنصف الدية في قصاصه; لكونه إقراراً على الغير، ولكونه متّهماً في ذلك بأنَّه يحاول أخذ دية الجرح من الجارح والدية من الآخر، والمتهم في التصديق إقراره غير نافذ، ولأنَّ الجارح الآخر منكر فيكون القول قوله مع اليمين؛ لمطابقة قوله مع أصالة عدم الاندمال, فلا يتسلّط الولي عليه بالقصاص مجاناً ولا بالدية تماماً على انفراده بالقتل، وإنّما يتسلط عليه بقدر سهمه من الدية بناءً على سراية الجرحين، فيأخذه خاصّة منه, أو يردّه عليه ويقتصُّ منه بعد يمينه بأنّ الجرح الآخر ما اندمل، وليس له أنْ يأخذ من المقرِّ له إلاَّ أرش جناية ما صدّقه عليه من الجرح غير الساري, أو يقتصُّ منه في خصوص ذلك العضو، كما هو واضح، وبه صرّح في (القواعد)[5] و(كشف اللثام)[6] وغيرهما.
لكن قد يناقش فيما سمعته من التّهمة, بأنَّه لا يتمّ بناءً على دفع عوض المندمل إلى المقتصِّ منه دون الولي.
نعم، لو قلنا بأنَّ الدية تامّة, أو القصاص للولي مضافاً إلى ما يأخذه من عوض المندمل, اتّجه ذلك.
اللّهم إلاَّ أنْ يفرَّق بين القصاص والدية, فيدفع عوض المندمل إلى المقتصّ منه إنْ أُريد القصاص، وأمَّا إذا أُريد الدية فلا يدفع إليه شيء بل تؤخذ منه تامّة مضافاً إلى عوض المندمل, وحينئذ تتّجه التهمة المزبورة.
ولكنّ في الفرق نظراً بل منعاً، والاعتماد على أصالة عدم الاندمال مثبت; لأنَّ الأثر الشرعي مرتَّب على السراية الملازم لعدم الاندمال لا على نفسه بلا واسطة.
فالعمدة في الوجه هو الأوّل, أي عدم نفوذ إقرار الولي في حقّ الغير بالنسبة إلى ذلك.
هذا كلّه في تصديق الولي، وأمَّا لو صدقه الشريك دون الولي, نفذ في حقّه دون الولي.
وفي (كشف اللثام): (فليس له المطالبة بشيء من الدية إذا أُريد الاقتصاص منه, ولا الامتناع من كمال الدية إذا طولب به)[7].
وهو مبنيٌّ على عدم مطالبته بدية المندمل، والأمر سهل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - قواعد الأحكام 2: 283.
[2] - كشف اللثام 2: 265.
[3] - شرائع الإسلام: 363.
[4] - جواهر الكلام 42: 61.
[5] - قواعد الأحكام 2: 281.
[6] - كشف اللثام 2: 263.
[7] - كشف اللثام 2: 263.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org