Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دلالة الأمر على المرة والتكرار (درس57)
دلالة الأمر على المرة والتكرار (درس57)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 57
التاريخ : 2008/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الأمر الآخر الذي يبحث في ذيل المرة والتكرار هو: أنه لا إشكال ولا كلام في الاجتزاء بالامتثال مرة واحدة، وعدم جواز الإتيان به وامتثاله ثانياً على القول بالدلالة على المرة، ووجهه واضح.
إذا قلنا بالمرة وأن صيغة الأمر تدلُّ على المرّة، كما لو جئت بالمأمور به مرّة واحدة فالامتثال حصل ويسقط الأمر به، فلا حقّ لي تارة اُخرى بالإتيان به؛ لأنه لا أمر عندئذٍ، من قبيل: (أكرم) فإذا امتثلته مرة واحدة فقد حصل المأمور به، كما تحقق الغرض، ويسقط بذلك الأمر، والإتيان به مرة ثانية دون أمرٍ جديد بمثابة التشريع المحرم في الحقيقة.
كما أنّه لا إشكال ولا كلام في جواز الإتيان به ثانياً على القول بالتكرار؛ لأن الثاني مأمور به كذلك، إنما الإشكال والكلام بناءً على عدم الدلالة على المرة والتكرار، فيما إذا كان المولى في مقام البيان، لا من حيث الاكتفاء بالامتثال مرة واحدة، فهذا ليس موضع الكلام. فإذا كان المولى في مقام البيان، والأمر لا يدل على المرة والتكرار، وقد حصل الامتثال بالإتيان مرة؛ لصدق الطبيعي بوجود فردٍ ما، أي أن الحكم منصب على الطبيعة، وقد جيء بها. إنما الإشكال والكلام في جواز الامتثال ثانياً، أي هل يمكن الإتيان بالمأمور به ثانياً بقصد الأمر وبعنوان الامتثال أم لا؟
في المسألة قولان:
أحدهما:
جواز الامتثال ثانياً، وهو مختار صاحب (المعالم)[1].
ثانيهما: عدم جواز الامتثال ثانياً، وهو مختار صاحب (القوانين) و(الكفاية)[2] وغير واحدٍ من المحققين.
والحق هو عدم جواز الامتثال ثانياً؛ لأنّه مع الإتيان بالعمل في المرة الاُولى يؤتى بالمأمور به، وبهذا يسقط الغرض والأمر.
وبالجملة، القول بجواز الامتثال بعد الامتثال ممنوع موضوعاً وحكماً، أمّا موضوعاً، فلأنه بعد الإتيان بالعمل الأوّل لم يبقَ أمر آخر. وأمّا حكماً، فلأنه إن كان الأمر باقياً لم يكن هو الجواز، بل كان أمراً وجوبياً؛ لأن الأمر يقتضي الوجوب لا الجواز.
إن قلت: إن هذا الأمر بالامتثال الأوّل يقتضي الوجوب، أمّا بالامتثال الثاني فيقتضي الندب.
قلنا: هذا الكلام يستلزم استعمال لفظٍ واحدٍ في معنيين في زمانين مختلفين، وهو كما ترى.
بناءً على ما تقدم يكون الامتثال بعد الامتثال غير جائز، والقول به ممنوع موضوعاً وحكماً.
الأمر الآخر: هل تبديل الامتثال بامتثال آخر على فرض التساوي، أو كون الثاني أحسن من الأوّل، جائز أم لا؟
مثال ذلك: إذا أمر المولى عبده بالإتيان بإناء من الماء ولم يحدد نوعية الإناء، فبادر العبد إلى الإتيان بأفضل من الإناء الأوّل، فهل يجوز هذا؟
يبدو أن جذور القضية ينبغي البحث عنها في باب إعادة الصلاة جماعة إذا اُقيمت فرادى.
وفي مسألة جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر قولان:
أحدهما
: الجواز، وهو مختار صاحب (الكفاية)[3].
ثانيهما: عدم جوازه، وهو مختار غير واحد من المحققين.
والحق هو القول الثاني؛ وذلك لأن المكلف بعدما أتى بالمأمور به وحصل الامتثال سقط الأمر فلا معنى لتبديل الامتثال بامتثال آخر.
صاحب (الكفاية) يقول بجواز تبديل الامتثال إلى امتثال آخر مع فرض عدم حصول غرض المولى بعد، كما لو أمر المولى عبده بالإتيان بماء ليشرب أو ليتوضأ، فقال صاحب (الكفاية) بجواز تبديل الامتثال في هذه الصورة بامتثال آخر[4].
ولكن هذا الاستدلال غير تامٍ؛ لأنّ الإتيان بالمأمور به مساوق لحصول الغرض، وإلاّ كان الأمر بلا غرضٍ مع إتيان المأمور به، وإذا لم يحصل الغرض كان الأمر الأوّل بلا غرض، وهذا غير صحيح. وأمّا إذا حصل غرض المولى فلم يبقَ هنا أمر حتى يجوز تبديل الامتثال بامتثال آخر.
وما ترى في مسألة الأمر بالإتيان بالماء للشرب أو التوضؤ لا يكون غرض هذا الأمر هو الشرب، بل غرضه من الأمر حصول القدرة للمولى، وتمكن المولى من الماء، وقد حصل هذا التمكن، وبناءً على ذلك يسقط الأمر كذلك.
لماذا لا يكون غرض في هذا الأمر؟
وذلك ـ مضافاً إلى أن الغرض إن كان موجوداً فلم يؤتَ بالمأمور به ـ لكون الغرض ملازماً دائماً للمأمور به، والأغراض في الأمر والأوامر تكون مرتبطة دائماً بفعل المكلف بحيث يمكن للمكلف أن يأمر بهذا الغرض مثل شرب الماء، فهو ليس فعل المكلف ولا علاقة له بفعل المكلف.
إذن، جواب صاحب (الكفاية) كلمة واحدة، وهي أنّ الإتيان بالمأمور به ملازم لسقوط الغرض من هذا الأمر؛ لأنه لو لم يكن مسقطاً للغرض لكان الأمر الأوّل لغواً.
نعم، للعبد في أمثال هذه الموارد الإتيان به ثانياً لا الامتثال ثانياً؛ للعلم بغرض المولى لا بملاك الأمر، فإن الأمر ساقط، والعلم بالغرض حجة ولو لم يكن الأمر في البين.
لا يقال: ما قلتموه وبينتموه يُعدّ جميعاً اجتهاداً في قبال النص في باب استحباب إعادة الصلاة جماعة؛ لأنّ الروايات تدل على جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر.
ومن جملة الروايات ما تضمنت عبارة من قبيل: (يختار أحبهما) أو (أتمهما) أو (أفضلهما) وهما صحيحتان عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، حيث جاء فيهما: ((ويجعلها فريضة))، أي يجعل الثانية كذلك فريضة.
وصحيحة حفص[1] مثل صحيحة هشام[2] إلا أنها خالية من عبارة ((إن شاء)).
صحيحة البختري: الكليني عنمحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابنأبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة، قال: ((يصلّي معهم ويجعلها الفريضة)).
قلنا: لكن هذا الإشكال غير وارد، للاُمور التالية:
أوّلاً:
لا دلالة لهذه الروايات على تبديل الامتثال، أمّا ما دلّ على الإعادة والأمر بالإعادة فمستحب، فيراد به استحباب إعادة الصلاة، أي أن هناك أمرين لا أمر واحد، وهما مختلفان، أحدهما بأصل الصلاة ووجوبها، والآخر استحباب إعادة الصلاة جماعة، إذن هما أمران لا علاقة لأحدهما بالآخر.ولكن هذا الاستدلال غير تامٍ؛ لأنّ الإتيان بالمأمور به مساوق لحصول الغرض، وإلاّ كان الأمر بلا غرضٍ مع إتيان المأمور به، وإذا لم يحصل الغرض كان الأمر الأوّل بلا غرض، وهذا غير صحيح. وأمّا إذا حصل غرض المولى فلم يبقَ هنا أمر حتى يجوز تبديل الامتثال بامتثال آخر.
وما ترى في مسألة الأمر بالإتيان بالماء للشرب أو التوضؤ لا يكون غرض هذا الأمر هو الشرب، بل غرضه من الأمر حصول القدرة للمولى، وتمكن المولى من الماء، وقد حصل هذا التمكن، وبناءً على ذلك يسقط الأمر كذلك.
لماذا لا يكون غرض في هذا الأمر؟
وذلك ـ مضافاً إلى أن الغرض إن كان موجوداً فلم يؤتَ بالمأمور به ـ لكون الغرض ملازماً دائماً للمأمور به، والأغراض في الأمر والأوامر تكون مرتبطة دائماً بفعل المكلف بحيث يمكن للمكلف أن يأمر بهذا الغرض مثل شرب الماء، فهو ليس فعل المكلف ولا علاقة له بفعل المكلف.
إذن، جواب صاحب (الكفاية) كلمة واحدة، وهي أنّ الإتيان بالمأمور به ملازم لسقوط الغرض من هذا الأمر؛ لأنه لو لم يكن مسقطاً للغرض لكان الأمر الأوّل لغواً.
نعم، للعبد في أمثال هذه الموارد الإتيان به ثانياً لا الامتثال ثانياً؛ للعلم بغرض المولى لا بملاك الأمر، فإن الأمر ساقط، والعلم بالغرض حجة ولو لم يكن الأمر في البين.
لا يقال: ما قلتموه وبينتموه يُعدّ جميعاً اجتهاداً في قبال النص في باب استحباب إعادة الصلاة جماعة؛ لأنّ الروايات تدل على جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر.
ومن جملة الروايات ما تضمنت عبارة من قبيل: (يختار أحبهما) أو (أتمهما) أو (أفضلهما) وهما صحيحتان عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، حيث جاء فيهما: ((ويجعلها فريضة))، أي يجعل الثانية كذلك فريضة.
وصحيحةحفص[5] مثل صحيحة هشام[6] إلا أنها خالية من عبارة ((إن شاء)).
صحيحة البختري: الكليني عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة، قال: ((يصلّي معهم ويجعلها الفريضة)).
قلنا: لكن هذا الإشكال غير وارد، للاُمور التالية:
أوّلاً: لا دلالة لهذه الروايات على تبديل الامتثال، أمّا ما دلّ على الإعادة والأمر بالإعادة فمستحب، فيراد به استحباب إعادة الصلاة، أي أن هناك أمرين لا أمر واحد، وهما مختلفان، أحدهما بأصل الصلاة ووجوبها، والآخر استحباب إعادة الصلاة جماعة، إذن هما أمران لا علاقة لأحدهما بالآخر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - معالم الدين: 232.
[2] - الكفاية: 79.
[3] - الكفاية: 79.
[4] - الكفاية: 79.
[5] - الوسائل 8: 403 ، أبواب صلاة الجماعة، ب54، ح11.
[6] - الوسائل 8: 401 ، أبواب صلاة الجماعة، ب54، ح1.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org