Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الأوامر (درس55)
الأوامر (درس55)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 55
التاريخ : 2008/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول صاحب (الكفاية): إنّ النزاع وقع بكلا المعنيين أي بمعنى الفرد والأفراد وبمعنى الدفعة والدفعات، كما نقل عن صاحب (الفصول) قوله بأنّ المراد من المرّة والتكرار هو الدفعة والدفعات لا الفرد والأفراد قطعاً، والمعنى الأخير ليس محلاً للنزاع ومحل النزاع هو الدفعة والدفعات. وقد استدلّ على كلامه هذا بأنّه يبحث في مسألتين في الاُصول أحدهما: المرّة والتكرار أي موضع بحثنا، والآخر: فيما تتعلّق به التكاليف فهل تتعلق بالطبائع أو بأفراد الأحكام الشرعية؟
إذا فسّرنا المرة والتكرار بالدفعة والدفعات كان البحث الأخير وموضع بحثنا بحثين مستقلين ولكلّ من القولين في أي مسألة مجال للبحث في المسألة الاُخرى، أمّا إذا فسّرنا المرّة والتكرار بالفرد والأفراد لا يجري البحث وليس له مجال في البحث الآخر على بعض الأقوال، وإذا لم يكن للبحث طريق ومجال فينبغي جعله فرعاً للمسألة ويوضع في ذيلها ولا يُعدُّ مسألة مستقلة، وهذا أصل الكلام وضابطته.
بيان ذلك: إذا اعتبرنا المرّة والتكرار بمعنى الدفعة والدفعات فسواء قلنا هنا بالمرة أو بالتكرار، بماذا تتعلّق الأوامر بالطبيعة أم بالفرد؟ فقُل بالطبيعة فأراد الطبيعة دفعة أو دفعات؟
وإذا قلنا بتعلّقه بالفرد فيمكن البحث في أنّه أراد الإتيان بالفرد دفعة واحدة أو دفعات؟
إذن، إذا كان معنى المرّة والتكرار الدفعة والدفعات يكون للمسألة على القولين مجال وطريق في هذا البحث، والبحثان مستقلان.
أمّا إذا فسّرنا المرّة والتكرار بالفرد والأفراد وقلنا بتعلّق الأحكام بالطبائع فلا تبقى أرضية للبحث المتقدّم؛ لأنّ المسألتين متباينتان ومتضادتان ولا طريق لبحث كلّ من المسألتين في الاُخرى.
القاعدة هي جريان الأقوال في المسألة على جميع الأقوال في المسألة الاُخرى، على سبيل المثال نبحث في أنّ الأمر حجة على الوجود أم لا؟ فبعض قال بأنّ الأمر ظاهر في الوجوب، وآخر نفى ظهوره في الوجوب، وهذان القولان لا ينسجمان مع مسألة النهي في أنّه ظاهر في الحرمة أم لا؟ فقد يقول الذي قال بأنّ الأمر ظاهر في الوجوب يقول هنا بأنّ النهي ظاهر في الحرمة، والآخر الذي ينفي ظهور الأمر في الوجوب يقول بأنّه ليس ظاهراً في الحرمة بل في الكراهة مثلاً.
والمهم أنّ جميع الأقوال الجارية في الوجوب تجري في النهي كذلك. وجميع أقوال ظهور الأمر جارية في مسألة العام المخصّص في الشبهة المصداقية وأنّه حجة أم لا؟ فبعض قال بحجيته، وفي الأمر كذلك قد يقال بظهور الأمر في الوجوب، وقد يقال بعدم ظهوره في الوجوب، ولا ارتباط بين الاثنين.
أمّا إذا كانت جميع الأقوال في المسألة لا تجري في جميع الأقوال في المسألة الاُخرى، فلا يمكن اعتبارهما مسألتين بل فرع. وعلى هذا، لنا مسألة وهي أنّ الأمر يتعلّق بالطبائع أو بالأفراد، وإذا قلنا بأنّ المراد من المرّة والتكرار هو الفرد والأفراد فلا مجال لها على القول بالطبائع، فلا نبحث هنا بأنّ المراد فرد أو مرّة فهذا البحث لا مجال له على القول بالطبائع، لكون الفرض تعلّق الأمر بالطبائع، ولا معنى لبحث الفرد والأفراد.
نعم، إذا قلنا بتعلّق الأمر بالفرد أمكننا البحث في أنّ المراد فرد واحد أو عدّة أفراد، وهذا البحث يأتي في ذيل المسألة.
إذن، إذا كان المراد من المرّة والتكرار الفرد والأفراد وبناءً على القول بتعلّق الأوامر بالطبائع فلا مجال ولا طريق لتلك المسألة في هذه المسألة، لأنّا إذا قلنا بالتعلّق بالطبائع كان البحث في الفرد والأفراد لغواً، فهي طبيعة ولا علاقة لها بالفرد والأفراد.
كان ذلك كلام صاحب (الفصول) وقد أجاب صاحب (الكفاية) على استدلال صاحب (الفصول) حاصل جوابه: أنّا نقبل هذه الكبرى الكلية في تشخيص المسائل، لكن فيما نحن فيه لا يكون للبحث مجال إذا أخذنا المرّة والتكرار بمعنى الفرد والأفراد ولو على القول بتعلّق الأوامر بالطبائع، بل أنّ مراد القائلين بالطبيعة هو تعلّق الأمر بوجود الطبيعة، ووجود الطبيعة ملازم للفردية، عندئذٍ لا مجال لأن نبحث في أنّ المراد فرد أو أفراد؟
قلنا: لبحث الفرد والأفراد مجال حتى على القول بالطبيعة؛ لأنّ معنى الطبيعة ليس تعلّق الحكم بالطبيعة المهملة، بل معناها تعلّق الحكم بوجود الطبيعة الملازم مع الفردية، عندئذٍ نبحث في أنّ المراد وجود واحد أو عدّة وجودات، بعبارة اُخرى: المراد فرد واحد أو أفراد؟
لا يقال: ما الفرق بين الطبيعة والفرد بناءً على القول بأنّ المراد من الطبيعة وجودها، وهو ملازم للفرد أو هو عينه.
لأنا نقول: الفرق هو أنّ القائل بالتعلّق بالطبيعة يقول: وجود الفرد هو مأمور به، وخصائص المأمور به خارجة عن الفرد المأمور به لكنها مقارنة معه، فقد أُريد منّي الفرد كطبيعي، لكون وجود الطبيعي غير الفرد، لكن الخصوصيات غير دخيلة في المأمور به، إلاّ أنّه بناءً على القول بالفرد فجميع الخصوصيات والخصائص في المأمور به خارجة عن المأمور به وهي قيود له.
وعلى هذا، الإشكال غير ثابت لا هنا ولا هناك، فالحق مع صاحب (الكفاية) في أنّ المراد من المرّة والتكرار ما هو أعم من الفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات، وجميع أقوال هذه المسألة تجري في جميع أقوال تلك المسألة.
لأحدٍ أن ينكر الكبرى ويقول: قلتم بأنّ الضابطة هنا هو جريان الأقوال في المسألة على جميع الأقوال في المسألة الاُخرى، وهذه ليست ضابطة، والضابطة في المسائل هي الاختلاف في الجهة، فإذا اختلفت المسألتان في جهة البحث كانتا مسألتين مستقلتين ويجري أقوال أحدهما في جميع أقوال الأخرى، وهذا من قبيل الاختلاف بين العلوم، فالذي يميّز علم النحو عن علم اُصول الفقه هو جهة البحث في الاثنين، فجهة البحث في النحو معرفة الكلمة من حيث الإعراب، وفي اُصول الفقه يُبحث لكسب القابلية للاجتهاد.
ثم لا يخفى عليك هناك حيثيتان في تعيين محل النزاع وتحريره، فقد يكون البحث في تعيين محل النزاع الموجود والواقع، وهنا الحق مع صاحب (الفصول)، لأنّ ظاهر المرّة والتكرار في كلمات القوم هو الدفعة والدفعات، وقد صرّحوا بأنّ المرّة والتكرار تعني الدفعة والدفعات وبحثوا في هذا المضمار.
وقد يكون البحث في ما ينبغي أن يُنازع فيه، فالحق عندئذٍ مع صاحب (الكفاية) فيمكن أن يُبحث في الفرد والأفراد وفي الدفعة والدفعات، وقد قال هنا بأنّ محل النزاع أعم.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org