Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المشتق (درس37)
المشتق (درس37)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 37
التاريخ : 2008/12/23

بسم الله الرحمن الرحيم

أقوال المسألة
بعد ما عرفت الاُمور التي ينبغي تقديمها نقول: إنّ المسألة ذات أقوال كثيرة
:
الأوّل: إذا كان المشتق من الأفعال اللازمة كان حقيقة في الأعم، وإذا كان متعدياً كان حقيقة في المتلبّس. ففي مثل المجتهد والعالم حقيقة في الأعم، وفي مثل الضارب حقيقة في من تلبّس.
الثاني: إذا كان المشتق محكوماً عليه كان حقيقة في الأعم، وإذا كان محكوماً به كان حقيقة في المتلبّس. ففي مثل السارق والسارقة والزاني والزانية يكون المشتق حقيقة في الأعم؛ لأنّه محكوم عليه. وفي مثل: (أكرم العالم) يكون العالم حقيقة في من تلبّس. وهذا من الأقوال التفصيلية الناشئة عن الحالات العارضة على المشتق.
الثالث: إذا تلبّست الذات بضدّ المبدأ السابق أو نقيضه، فيكون المشتق حقيقة في من تلبّس، وإذا لم تتلبّس الذات بضدّ المبدأ أو نقيضه كان حقيقة في الأعم، مثل المقتول فإنّه لم يتلبس بنقيضه رغم مضي يوم عليه مثلاً فيكون حقيقة في الأعم، بينما القائم إذا قعد يكون (القاعد) حقيقة في المتلبّس.
الأقوال وتفاصيل المتأخرين ناشئة عن أمرين:
أحدهما
: الاختلاف في المبدأ.
وثانيهما: عوارض المشتق وطوارئه.
ولا يخفى أن التفاصيل الناشئة عن المبادئ قد ظهر بطلانها؛ لما قلنا سابقاً بأن ذلك خلط بين أنواع التلبّس والمبدأ، فالمجتهد لا يُطلق على من تلبّس بالاجتهاد واشتغل به حالياً، ولذلك قالوا بأنّه حقيقة في الأعم، لكنّهم لم يلتفتوا إلى أنّ المبدأ هنا عبارة عن الملكة وهي غير التلبّس بالفعلية، والانقضاء في الملكة غير الانقضاء عن الفعلية، فالانقضاء عن ملكة الاجتهاد تحصل عندما ينسى المجتهد ما تلبّس به من ملكة الاجتهاد.
أمّا الاختلاف الناشئ عن الطوارئ فيظهر بطلانه من خلال الأدلّة التي نستدل بها على رأينا، بل حتى من الأدلّة التي نستدل بها على القول الآخر.
الحقّ في المسألة
الحقّ تبعاً لغير واحد من المحققين ومنهم سيّدنا الاُستاذ وصاحب (الكفاية)، أنَّ المشتق حقيقة في المتلبّس بالمبدأ في الحال، ومجاز في ما انقضى سواء من حيث مقام الثبوت أو مقام الإثبات.
وإن شئت قلت: قام البرهان العقلي وغير العقلي على أن المشتق حقيقة في المتلبّس.
بيان ذلك في مقام الثبوت هو أن المشتق لا يمكنه أن يكون موضوعاً للأعم؛ لأجل أنّه إذا أراد الوضع للأعم؛ فإمّا أن يوضع على نحو الاشتراك اللفظي، أو بنحو الموضوع له الخاص، أو بنحو الاشتراك المعنوي والقدر الجامع. وفي هذه الأنحاء من الوضع ما ترى.
أمّا الاشتراك اللفظي والموضوع له الخاص فباطل قطعاً، للوجهين التاليين:
أوّلاً: أنّ الاشتراك اللفظي والموضوع له الخاص يُعدُّ مخالفاً لظاهر عنوان محلّ النزاع، فعنوان النزاع هو أن المشتق حقيقة في المتلبّس بالمبدأ في الحال أو الأعم من ذلك، والأعم لا يتلاءم مع الاشتراك اللفظي، وإذا كان المراد هنا المشترك اللفظي كان المفروض أن يقال هنا: المشتق حقيقة في المتلبس أو حقيقة في الاثنين؟
ثانياً: ثمرة النزاع تترتَّب على الاشتراك المعنوي ولا تترتب على الاشتراك اللفظي أو الموضوع له الخاص؛ لأنّا إذا اعتبرنا المشتق حقيقة في الأعم كان ذلك يعني كراهة الوضوء بالماء المسخن بالشمس ولو بعد ما برد، وإذا اعتبرناه حقيقة في المتلبّس كانت الكراهة خاصة بحالة كونه ساخناً فقط.
أو في مسألة الزوجتين الكبيرتين اللتين أرضعتا على التعاقب الزوجة الصغيرة، تكون حرمة الزوجة الثانية مؤبداً منوطة ببحث المشتق، فقد قيل: إنّ اُمّ الزوجة إذا كانت أعم من الاُم الحالية ومن الاُم سابقاً تكون الكبيرة الثانية محرّمة أبداً، أمّا إذا قيل بأن المشتق حقيقة في من تلبّس بالمبدأ في الحال كانت الثانية غير محرّمة أبداً.
أدلّة القائلين بالأعم
استدلّ بثلاثة أدلّة على القول بأن المشتق حقيقة في الأعم.
الأوّل: التبادر.
الثاني: الآية الكريمة: (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)[1] ، والآية الكريمة: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)[2] ، فالذي تقطع يده لا يكون متلبّساً أثناء القطع بعملية السرقة، بل كان متلبّساً بالمبدأ قبل ست سنوات مثلاً، رغم ذلك كانت الآية شاملة له، وهكذا حال الزاني الذي يُجلد، وهذا يكشف عن أن المشتق حقيقة في الأعم.
الثالث: الآية الشريفة: (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[3] ، حيث استدلّ بها المعصوم على بطلان حكومة من عبد الأصنام ولو للحظة واحدة.
فعدم نيل العهد كان بسبب الظلم الذي جاء من عبادة الأصنام، وهذه هي طريقة الاستدلال، مع أنّ الشخص المقصود قد عبد الصنم في لحظات مضت وهو حالياً ليس عابداً رغم ذلك اُطلق عليه ظالم، ولو كان المشتق حقيقة في من تلبّس فقط كان الاستدلال هنا مشكلاً وباطلاً، ولهذا نقول بأنَّ المشتق حقيقة في الأعم.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - المائدة: 38.
[2] - النور: 2.
[3] - البقرة: 124.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org