Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المشتق (درس33)
المشتق (درس33)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 33
التاريخ : 2008/12/24

المشتق (درس33)

بسم الله الرحمن الرحيم


المشتق

اختلف في أنَّ المشتق حقيقة في من تلبّس بالمبدأ فقط، أو حقيقة في الأعم بمن تلبّس ومن قضى عنه المبدأ، بعد الاتفاق على مجازيته فيمن يتلبّس في المستقبل.

في المسألة أقوال، وقبل الشروع فيها وفي أدلّتها ونقضها وإبرامها وبيان المختار منها ينبغي تقديم اُمور:

الأمر الأوّل: النزاع في المشتق نزاع لغوي، بعبارة اُخرى: البحث في الموضوع له في المشتق، فهل هو لمن تلبّس أو أعم ممَّن تلبّس ومن انقضى عنه المبدأ؟
هذا، مع أن البحث في من يتلبّس في المستقبل خارج عن محل البحث؛ لأجل الإتفاق، ولولا الإتفاق لدخل في محلّ النزاع، والوضع له لا يلزم محالاً وضعاً أو اعتباراً.
ومن ذلك يظهر عدم تمامية كلام المرحوم النائيني في تقريراته (فوائد الاُصول)، حيث عدَّ المتلبس في المستقبل خارجاً عن محل النزاع باعتبار لزوم حدوث المبدأ في المشتق لكي يصدق الوصف.
بعد الفراغ من البحث السابق يُبحث في أن الحدوث آناً كافٍ في الصدق، أو أن الصدق دائر مدار الحدوث؟
القائل بالأعم يقول بكفاية الصدق آناًما، فإذا كان شخص في الأمس عالماً فيصدق عليه عالم ولو لم يعلم حالياً شيئاً ما؛ لأنّه كان عالماً آناً ما، وهذا يكفي إلى الأبد في صدق العلم عليه.
أمّا القائل بأن المشتق وضع للمتلبّس فيقول بأن الصدق دائر مدار حدوث المبدأ، أي تصدق الصفة متى ما كان المبدأ موجوداً وحادثاً، وإذا انتفى المبدأ انتفت الصفة.
على هذا لا يصح إطلاق العالم على الذي لا يعلم شيئاً، كما لا يصح إطلاق القاتل على الذي لم يقتل بعد، وذلك لعدم صدق المشتق في هذه الموارد.
إيراد على كلام الشيخ النائيني
الإشكال الذي تقدّم من كلام الشيخ النائيني واضح؛ وذلك لأنَّ مراده؛ إمّا إيضاح محلّ النزاع فذلك لا يستدعي هذا التطويل، وإمّا خروج المستقبل عن محل النزاع لعدم المعقولية، لكن الأخير يرد عليه بأنه لا مجال في باب الوضع للمعقولية أو عدمها، بل هو باب الاعتبار، فكلّ ما اعتبر أو جُعل كان ذلك، ولا علاقة للمسألة بقضية التعقل.
الأمر الثاني: ثمرات بحث المشتق
قيل بأنه لا ثمرة لهذا البحث رغم طوله وتفصيله إلاّ في مسألتين أو أمرين ذكرهما المرحوم الميرزا القمي في كتابه (قوانين الاُصول).
الثمرة الاُوّلى: وردت رواية في قضاء الحاجة قالت: ((اتقوا الشطوط والأنهار والمواضع العالية وتحت الشجرة المثمرة))[1] ، فبناءً على الرأي القائل بأنّ المشتق موضوع للأعم لمن تلبّس كان ذلك يعني كراهة قضاء الحاجة في الأنهار اليابسة حالياً والأشجار اليابسة والتي كانت مثمرة يوماً ما ، وأمّا بناءً على الرأي القائل بأن المشتق حقيقة في من تلبّس بالمبدأ فلا يُكره قضاء الحاجة إلاّ تحت الأشجار المثمرة وفي الأنهار المملوءة بالماء، أمّا الأنهار الخالية من الماء فلا يكره التغوط فيها.
الثمرة الثانية: مسألة إرضاع الكبيرتين الزوجة الصغيرة، فحرمة الزوجة الكبيرة الثانية للأبد منوطة بقضية المشتق، فإذا قيل بأن المشتق حقيقة في الأعم ممَّن تلبَّس تكون الثانية محرّمة كذلك؛ لكون الاُوّلى ليست أُمّاً حال كونها ترضع لكنها كانت أُمّاً للزوجة قبل سنة مثلاً، أمّا حالياً فلم تتلبّس بصفة كونها اُم الزوجة.
فإذا قلتم بأن المشتق حقيقة في من تلبّس بالمبدأ فعلاً لا تحرم الزوجة الثانية؛ لأنّ الثانية ليست أُمّاً لهذا الرجل، لكون الفرض أن الصغيرة باتت غير زوجته، بل ربيبته وعقدها يكون باطلاً.
اسم الزمان
والحقّ هو خروج اسم الزمان عن محلّ النزاع؛ لعدم تصوّر الانقضاء فيه، فإنَّ الزمان غير باقٍ فكيف يعقل ويتصوّر النزاع فيه؟
فلنفرض أن شخصاً استعمل كلمة (مقتل) عام 61 من الهجرة للإشارة إلى يوم شهادة الإمام الحسين عليه السلام، واستعمل نفس الكلمة عام 62 باعتبار ما قضى عنه، فذلك لا وجه له؛ لأن يوم عاشوراء متلبّس في ذلك الوقت الذي استشهد فيه الإمام، واستخدامه حالياً يكون باعتبار ما انقضى عنه التلبّس، وهذا يعني عدم وجود تلبّس فيه.
هذا الإشكال وردت عليه ردود جميعها غير تامة.

أحدها: لصاحب (الكفاية) حيث قال: (ويمكن حلّ الإشكال بأنَّ انحصار مفهوم عام بفرد كما في المقام لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بازاء الفرد دون العام)[2].

نقول توضيحاً لكلامه: لا مانع من وضع اللفظ لمعنى عام بعض أفراده ممكنة والاُخرى ممتنعة، ويشهد على ذلك أمران:

الأوّل: الاختلاف في الموضوع لاسم الجلالة، أي الله، فهل هو عَلَم كما هو الأصح، أو أنه موضوع لمطلق المعبود بالحقّ، لكن للمعبود كذلك فرداً واحداً ممكناً وباقي أفراده ممتنعة.
الثاني: كلمة (الواجب) تُطلق على ذات الباري تعالى ومختصة به، وأنّه هو الواجب بالذات وغيره ممتنع، فإذا قيل بعدم إمكان وضع لفظ لمعنى عام بعض أفراده ممتنعة كيف أمكن ذلك في مفردة (الواجب)؟
ما نحن فيه هو من هذا القبيل، فإنَّ اسم الزمان موضوع لمن تلبّس، لكن ليس فيه من قضى، ولا مانع من وضع لفظ لمعنى عام بعض أفراده موجودة واُخرى غير موجودة.
وفيه: أنَّه لا مانع من الوضع كذلك، بل هو واقع في غير واحد من الألفاظ مثل الاجتماع والتسلسل والدور، فإنها موضوعة لمفاهيم عامة بعض أفرادها ممكنة واُخرى ممتنعة ومحالة.
لكن هكذا وضع في اسم الزمان غير صحيح؛ لأنّه لا يُستخدم اسم الزمان لمن قضى أبداً، والوضع من هذا القبيل يكون لغواً.
وما ذكر الشيخ الآخوند من شواهد يمكن التفريق بينها، فلفظ الجلالة يمكن استخدامه في بحث التوحيد، ويمكن القول فيه بأنَّه مطلق ووضع للأعم من الباري تعالى، وفي ذلك فائدة هناك.
أمّا مفردة (الواجب) فشأنها يختلف، وأستغرب من الشيخ الآخوند حيث قال بأنّ المفردة مرخّصة الاستعمال في ذات الباري تعالى، وإنّ اللفظ وضع لمعنى عام لكنه لأفرد له إلاّ ذات الله. ويبدو من المرحوم أنه خلط بين المفرد والمركب، فالمنحصر بذات الباري تعالى هو المركب لا المفرد، أي الواجب بالذات، أمّا الواجب بمفرده فذات معنى عام يشمل الواجب التشريعي والتكويني وبالذات وغير ذلك، ولم توضع هذه المفردة للمركب، والمركب هنا حصل من تقارن الكلمتين جعلت المعنى منحصراً في فردٍ واحدٍ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - انظر: الوسائل 1: 324 ـ 328، أبواب أحكام الخلوة، ب15.
[2] - كفاية الاُصول: 60.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org