Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الصحيح والأعم (درس31)
الصحيح والأعم (درس31)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 31
التاريخ : 2008/12/24

الصحيح والأعم (درس31)

بسم الله الرحمن الرحيم


التذنيب الثاني: هو قول صاحب (الكفاية): (إنَّ دخل شيء وجودي أو عدمي في المأمور به تارةً بنحو الجزئية واُخرى بنحو الشرطية، وثالثة بأن يكون ممّا يتشخَّص به المأمور به فيكون جزءاً أو شرطاً للفرد لا للماهية).
وهذا التقسيم للذي له دخل باعتبار خاص، ويمكن التقسيم بشكل آخر مثل القول بأنَّ المعتبر في المأمور به قد يكون على نحو الندب وقد يكون على نحو اللزوم والوجوب، فإذا كان بنحو اللزوم سُمِّي جزء أو شرط الطبيعة المأمور بها، وإذا كان بنحو الندب سُمِّي
بجزء أو شرط الفرد المأمور به لا الطبيعة المأمور بها. فالجماعة بالنسبة إلى الصلاة تُسمَّى شرط للفرد لا للطبيعة؛ لأنَّ الصلاة دون جماعة صحيحة، لكن الطهارة شرط للطبيعة؛ لأنَّ الصلاة باطلة بدونها.
والبحث المطروح هنا هو كيفية تصوير تقابل جزء الفرد وجزء الطبيعة؟ لكنه أمر لا يهمّنا التعرّض إليه لعدم الفائدة وأن الباب باب الاعتبارات والبحث هنا ناشئ عن الخلط بين الاعتبار والتكوين وليراجع ـ من أراد ـ (نهاية الاُصول) و (تهذيب الاُصول).
الاشتراك

البحث في الاشتراك يقع في جهات.

الجهة الأولى: في إمكان وقوع الاشتراك أو امتناعه أو ضرورة وقوعه، فيه احتمالات، بل أقوال. لكنَّ الحقّ هو الأوّل؛ لعدم لزوم الاستحالة لا من وقوع الاشتراك ولا من عدم وقوعه، هذا مع أنَّ وقوع الاشتراك الذي سيأتي يُعدُّ أقوى دليل على الإمكان، إلاّ لما وقع أصلاً.
امتناع الاشتراك

استدل على الامتناع بأن الاشتراك منافٍ لحكمة الوضع، وتقريبه كالتالي:

إنَّ حكمة الوضع هي التفهيم والتفهّم، والاشتراك يحتاج إلى قرينة، وفي القرينة خفاء، وإذا كان خفاء لم يكن تفهيم ولا تفهّم.
وجوابه واضح من حيث إنَّ بإمكان المتكلم أن يفيد من القرائن الواضحة لا الخفية أولاً. وثانياً: قد تكون عناية خاصة بالإجمال، فالإنسان قد يتعمّد الكلام بشكل يقبل تفسيرين أو أكثر لأغراض خاصة.
ضرورة الاشتراك ووجوبه
استدل على وجوب الاشتراك بأنَّ المعاني غير متناهية والألفاظ متناهية، وإذا لم يكن للفظ الواحد عدَّة معاني تبقى بعض المعاني دون لفظ.

وفيه ما يلي:

أولاً: إذا كانت المعاني غير متناهية فكيف أمكنها أن تكون في متناول الواضع؟

ثانياً: لحل مشكلة عدم التناهي لا ضرورة لاستخدام الاشتراك، فهناك طرق اُخرى مثل وضع الواضع اللفظ للمعاني الكلّية بحيث تكون المعاني غير المتناهية أفراداً لتلك المعاني الكلّية، مثل الضرب الذي هو مصدر ونشتق منه أربعة عشر صيغة.

ثالثاً :باب المجاز واسع ويمكن استخدامه في هذا المجال لحل مشكلة عدم تناهي المعاني.

الجهة الثانية: هل الاشتراك واقع أم لا؟
الحقّ هو وقوعه؛ لأجّل تبادر معانٍ كثيرة من لفظ واحد، ولأجل تنصيص أهل الخبرة بذلك، ولأجل عدم صحة سلب عدة معاني عن لفظ واحد، فللعين نرى عدة معانٍ ولا يمكن سلبها عن اللفظ، وعدم صحة السلب دليل على كونها حقيقة لا مجاز.
بالطبع، لا نعلم بمنشأ الاشتراك فقد يكون من باب تعدّد اللغات والألسنة والطوائف والقوميات، ولعله من باب تعدّد الوضع التعييني.
الجهة الثالثة: هل وقع الاشتراك في ألفاظ القرآن؟ أو هل استعمل القرآن ألفاظاً مشتركة؟
قال البعض بأن استعمال المشترك في كلام الله محال؛ لكونه يلزم وجود إجمال في كتاب الله وهو أمر لا ينبغي وجوده في هذا الكتاب.
جوابه واضح من حيث إنَّ بإمكان الله أن يستخدم المشترك ويوضحّه من خلال قرينة بيّنة.
وإذا قيل بأنَّ الإتيان بقرينة يكون تطويلاً بلا طائل.
فجوابه واضح من حيث إنَّه قد تكون هناك مصلحة وعناية إلهية في التطويل كما لو كان يريد إفهام معنى اللفظ المشترك وإفهام مطلب آخر بشكل ضمني.

صاحب (الكفاية) لا يرى مانعاً من وجود ألفاظ مجملة ـ ومبهمة في القرآن، وقد استدل على ذلك بالآية التالية: (وَأُخَرَ مُتَشَابهَاتٌ)[1].

لكن لا يخفى عليك بأنّ كلامه غير تام؛ لأن المتشابهات في القرآن المجيد ليس بمعنى الإجمال، بل القرآن نور وهداية ولا لفظ فيه يخفى علينا معناه، ولا مجال للقول بأنَّ فيه إجمالاً وإبهاماً.
الجهة الرابعة: استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
اختلف العلماء في استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحدٍ، وهم على أقوال.
ثالثها: الجواز بالنسبة إلى الجمع والتثنية وعدم الجواز بالنسبة إلى الباقي.
ورابعاً: التفصيل، أي يجوز الاستعمال عند النفي والسلب ولا يجوز في الإثبات والإيجاب.
كيفية استعمال اللفظ في أكثر من معنى
اختلفوا في كيفية استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فهل هو استعمال على نحو الحقيقة أو المجاز؟

في هذا المجال نشير إلى نقطة وهي أنَّ الاُصوليين قبل الشيخ الآخوند فرّقوا هذا البحث في نقطتين:

أوّلهما: جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
وثانيهما: الاستعمال يكون بنحو المجاز أو الحقيقة لكن الشيخ الآخوند حصر هذا البحث في نقطة واحدة للشأن التالي:
المباني في هذه المسألة واحدة غالباً لا سيمَّا إذا قلنا بأنَّ عدم الجواز هنا عقلي كما اختاره صاحب (الكفاية)، فأنّه عندئذٍ لا فرق بين المشترك وبين الحقيقة والمجاز.
على سبيل المثال يقول شخص بعدم جواز استعمال اللفظ المشترك؛ لأنّ الوحدة قد أخذت كقيد في الموضوع له، فإذا استعملنا اللفظ في معنيين كان ذلك غير صحيح وحتى على نحو المجاز، لأجل أن التركيب ليس تركيباً حقيقياً مثلاً.
محل النزاع هو إرادة استعمال اللفظ في أكثر من معنى بحيث يكون المعنى على استقلاله ويكون مناطاً في الحكم وفي النفي والسلب.
أمّا استعمال اللفظ وهو جامع بين عدّة معانٍ فليس محلاً للنزاع ولا إشكال فيه، على سبيل المثال نستعمل لفظاً ما في مطلق الرجحان أو مطلق الطلب، مع أنَّ للطلب مصداقين هما: الطلب مع المنع من الترك، والطلب بلا منع من الترك.
وهذا النوع من الاستعمال لا إشكال فيه.
أو استعمال اللفظ في مجموع معنيين بما هما مجموعان بحيث يكون متعلق التكليف هو المجموع لا كلِّ واحدٍ منهما على حدة.
وهذا الاستعمال أيضاً لا إشكال فيه، ويشبه استعمال العام الاستغراقي مثل العين فقد نستعملها في كلّ عين باكية أي غير نابعة.
محل النزاع هو في مثل قولنا: (القُرء من صفات النساء) ويُراد من القرء الحيض والطهر ويُراد كلّ منهما على سبيل الاستقلال.
إنَّ القائلين بعدم الجواز على طائفتين، فبعض منهم من قبيل الشيخ الآخوند قال بعدم الجواز العقلي هنا، وبعض آخر من قبيل المرحوم الميرزا القمي قال بعدم الجواز الوضعي مبِّرراً عدم الجواز بكون اللفظ موضوعاً لمعناه في حال الوحدة، وإذا أردنا استعماله في أكثر من معنى انحلّ عنه حال الوحدة.
إذا عرفت ذلك نقول: الحقّ جواز الاستعمال ولا مانع منه عقلاً؛ لما ترى من الوقوع في مثل قولك: (القُرء من صفات النساء) وقد استعمل القرء هنا في معنيين.
حاصل تقريب الآخوند على المنع العقلي
ذكر الشيخ الآخوند وجهاً على المنع العقلي للاستعمال المزبور حاصله: كون باب استعمال اللفظ ليس باب وضع اللفظ علامة على المعنى، بل باب جعل اللفظ وجهاً للمعنى، بمعنى أن اللفظ بمثابة المرآة للمعنى، والإنسان يغفل عن المرأة عندما ينظر لنفسه من خلالها كذلك اللفظ عند الاستعمال، فإنَّا نغفل عنه عند استعماله، وإذا كان مغفولاً عنه كيف أمكننا استعماله في معنى آخر؟
لكن كلام الآخوند غير تام مبناءً وبناءً.
أمّا مبناءً، فإنَّ باب استعمال اللفظ باب المعنى والمدلول وليس من قبيل المرآة المغفول عنها.
أمّا بناءً، فنحن نقول بجواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى حتى على فرض قبول مبنى الشيخ الآخوند في هذا المجال؛ لأجّل أنّ المتكلّم يتصور معنيين قبل الاستعمال ثم يجعل اللفظ كالمرآة لذينيك المعنيين ويُطلق.
نعم، إذا جعلنا اللفظ مرآة لمعنى ثم جعلناه مرآة لمعنى آخر، كان الحقّ مع الشيخ الآخوند، باعتبار أنَّ المغفول عنه لا يمكنه أن يقع مرآة لمعنى آخر.
يبدو أن رأي الإمام هو هذا لكنه عقّد الموضوع والمطلب في (تهذيب الاُصول).
وما توهّمه صاحب (الكفاية) من أنَّ اللازم في باب الاستعمال استعمال بخصوصه مدفوع بأنّه لا دليل لنا على ذلك، والمسلَّم في باب الاستعمال هو أنَّ المتكلّم يُفهم المعنى بإلقائه اللفظ بلا فرق بين كون اللفظ خاصاً بهذا المعنى أو بمعنى آخر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - آل عمران: 7.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org