Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الصحيح والأعم (درس27)
الصحيح والأعم (درس27)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 27
التاريخ : 2008/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الأقوال الواردة في الجامع
في المجال ثلاثة أقوال:

1 ـ رأي المرحوم النائيني: لا تصوير للجامع لا على الصحيح ولا على الأعم.
2 ـ رأي المرحوم الآخوند الخراساني: بناءً على الوضع للصحيح هناك جامع، أما بناءً على الوضع للأعم فالأمر في غاية الإشكال.
3 ـ رأينا: الجامع متصوّر على كلا الرأيين.
إشكال صاحب (الكفاية)
أورد صاحب (الكفاية) إشكالاً على نفسه، مضمونه عدم إمكانية تصوير الجامع؛ لأنَّه إذا فرضنا الجامع عنوان المطلوب يلزم من ذلك أن يكون لفظ الصلاة مرادفاً للفظ المطلوب، والإشكال هذا يتبلور في أمرين:
الأوّل ـ لا نرى ترادفاً بين اللفظين.
الثاني ـ إذا كان لفظ الصلاة موضوعاً للجامع الخارجي، كان المفروض القول بالاشتغال بناءً على مبنى الصحيحي؛ لأنَّ الشك هنا في المحصَّل والمحصِّل والقاعدة عندئذٍ هي الاشتغال. هذا مع أن القائلين بالوضع للصحيح يُجرون أصل البراءة.
يجيب الآخوند على الإشكال بأنَّ المأمور به إذا كان مسبَّباً عن شيء كانت قاعدة الاشتغال هي الجارية، وذلك من باب الشك في المحصَّل والمحصِّل. أمّا إذا كان المأمور به منتزعاً عن شيء ومتحداً فيه جرت قاعدة البراءة ولهذا قالوا بالبراءة هنا؛ لكون المأمور به منتزعاً عن شيء لا مسبَّباً عنه، أي أنّه أمر انتزاعي وإذا كان كذلك كان المقام محلاً لجريان البراءة لا الاشتغال والاحتياط[1].
يرد الإشكالان التاليان على صاحب (الكفاية):
الأوّل:
ليس كلّ أنواع الاتحاد يوجب جريان البراءة.
الثاني: إنّ وحدة الأثر كاشف عن وحدة المؤثّر وهذا يتعلق بما إذا كان الأثر ثابتاً مثل الصلاة فأن عنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر صادق، أما باقي الواجبات فهي خالية عن هكذا شيء، فلم يُذكر أثر للزكاة ولا لليتم مثلاً.
وعلى هذا، إذا لم تثبت وحدة الأثر من قبل الشارع ما كان بالإمكان التمسك بالدليل والقول بأن الجامع يكون موضوعاً.
وقد أشكل المرحوم البروجردي على صاحب (الكفاية) بأن قوله بكون الصلاة موضوعة لما ينهى عن الفحشاء والمنكر أو الحج وضع لمعنى قيام الناس أو الزكاة لما ينمو في المال، خلاف المتفاهم عند العرف. فهذا مّما لا يتبادر إلى الذهن عند العرف بل قلَّما يلتفت إليه ذهن المخاطب[2].
أمّا الإشكال بأنَّ هذه المعاني إذا تبادرت إلى الذهن صلح معنى الآية، فغير تام؛ لأجّل أن الآية في مقام إثبات وتفهيم الأثر، وبعدما علمنا بذلك الأثر فهمنا الآية وتبادر معناها إلى ذهننا. شأن جميع الجمل الخبرية هو ذلك، فإذا قيل: (زيد قائم) لم يكن لي علم بقيام زيد وبعد ما أخبرت بهذا المعنى أدركته وانطبع في ذهني.
صاحب (تهذيب الاُصول) يورد ثلاثة إشكالات على كلام الشيخ الآخوند.الأوّل ـ الذي يرد على ما ذكر من تصوير الجامع بالبيان المذكور أنّه لو صحّ فإنّما يصح في الواحد البحت البسيط الذي ليس فيه رائحة التركيب (تبعاً لبرهانها الذي يعرفه أهل الفن) لا في الواحد الاعتباري على أنَّ أثر الصلاة بناءً على ما ذكره كثير، إذ كونها ناهية عن الفحشاء غير كونها عمود الدين وهكذا.
أي أن هناك آثاراً غير كونها ناهية عن الفحشاء وغير كونها عمود الدين وهي من قبيل ((قربان كلّ مؤمن))[3] ، و (معراج المؤمن) وغير ذلك.
الثاني ـ فلو كان الكلّ ـ أي الآثار التي ذُكرت سابقاً ـ صادراً عنها لزم أنْ تكون فيه حيثيات متكثّرة حسب تكثّر تلك الآثار، مع بُعد التزامهم بجامعٍ هذا حاله.
الثالث ـ بل يمكن أن يقال: إنّه لا معنى لنهيها عن الفحشاء إلاّ كونها مانعة ودافعة عنها، ومن المعلوم أنَّ الفحشاء له أقسام وأنواع، فإذن لابدّ أنْ تكون فيها حيثيات تكون بكل حيثية ناهية عن بعضها[4].
رأي الأُستاذ
ينبغي القول بأنَّه لا أشكال من إشكالات المرحوم الإمام وارد على الشيخ الآخوند.
أمّا الإشكال الأوّل بأنَّ وحدة الأثر كاشفة عن وحدة المؤثر وأن البحث يخصُّ البسيط، فجوابه أن فرضنا هو كون الجامع بسيطاً ولا يمكن أن يكون غير ذلك. وبهذا لا يكون الإشكال إشكالاً.
أمّا قوله: (فلا تجري القاعدة في الواحد بالاعتبار) فلا نعلم بمراده، هل عدم الجريان لأجّل عدم البساطة كما هو الظاهر من صدر كلامه، أو لأجل كونه اعتبارياً؟ فإذا كان عدم الجريان لعدم البساطة فذلك خلاف الفرض؛ لكون الجامع بسيطاً. وإذا كان عدم الجريان لأجّل كونه اعتبارياً، فنقول: قد يكون عامل الوحدة بالاعتبار اعتبارياً كذلك فيكون اعتباراً في اعتبار، وقد يكون عامل الوحدة أمراً حقيقياً، ومن الممكن أن يكون عامل الوحدة أمراً حقيقياً، ففي الصلاة مثلاً عامل الوحدة هو الخضوع إلى الله أو التوجّه إليه وهو أمر حقيقي.
وكان على الإمام أن يقول ـ مشكلاً ـ بأنَّ الوحدة خاصة في الواحد بالشخص، ولا تجري في الواحد بالنوع، والنهي عن المنكر واحد بالنوع لا بالشخص، وبهذا الشكل يكون الإشكال على صاحب (الكفاية) وارداً وإلاّ لا يكون صحيحاً.
أمّا ما يخصُّ إشكاله الثاني بأنَّ للصلاة آثار مختلفة وهي كاشفة عن حقائق مختلفة، فنقول: للصلاة أثر واحد لا أكثر؛ لأنَّ ((عمود الدين))[5] استعارة وبيان لقيمة الصلاة، وذيل الحديث دليل على كلامنا هذا حيث جاء فيه: ((إن قُبلت قُبِل ما سواها وإن رُدَّت رُدَّ ما سواها))[6].
أمّا الإشكال الثالث بأن الآثار مادامت مختلفة ومتعددة وذات مراتب فكذلك المؤثّر، فعدم وروده لأجّل أنَّ الفحشاء وأنْ كان متعدداً في الخمر والقمار وما شابه لكن جامعها الفحشاء والنواهي عنه جامعها النهي وهو واحد.
ويظهر من بعض الأعاظم كالنائيني أنّه لا يمكن الربط بين الموضوع له والمسمّى في ألفاظ العبادات مثل لفظ الصلاة بالنهي عن المنكر وبمعراج المؤمن التي هي معلولات للعبادة، فلا يمكن اعتبارها تمام الموضوع له ولا كقيد للموضوع له ولا كمعرِّف للموضوع له؛ وذلك لأنَّ أمثال معراج المؤمن والنهي عن المنكر تُعدُّ دواعي للتكليف لا من المسبّبات التوليدية، وكلّ ما كان من الدواعي لا يمكنه أن يكون قيداً للموضوع؛ لأنّه غير اختياري وليس بيد المكلّف، مع أنَّ الفرض في الموضوع له والمسمّى في ألفاظ العبادات مكلّف به. وقد ذكرنا سابقاً أربعة شروط تعرَّض لها الشيخ النائيني كان واحد منها يقبل تعلَّق التكليف به[7].
المستفاد من كلام الشيخ النائيني كونه يريد الإِشكال على الشيخ الآخوند؛ لأنَّ محتوى كلام الآخوند هو دخالة النهي عن الفحشاء ومعراج المؤمن في المأمور به والارتباط بينهما، مع أنّ هذا غير مقدور عليه وأعم من ذلك فلا يمكنه أن يكون ذاتاً أو قيداً كما لا يمكنه أن يكون معرِّفاً.
رأي الأُستاذ
كلام المرحوم ليس تاماً؛ لكون تصفية الملائكة لا يكون بلا شرط، فهو ليس جزافاً بل منوط بالشرائط التي كانت في اختيار المكلّف، وصيرورة الصلاة ناهية عن الفحشاء ليس اعتباطياً وليس الأمر متوقّف على ما تشتهيه الملائكة؛ بحيث تجعل صلاة البعض معراجاً وصلاة بعضٍ آخر غير معراج، بل المسألة متوقفة على شروط قد يلتزم بها المكلّف وقد لا يلتزم وهي اختيارية وغير خارجة عن الاختيار.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - كفاية الاُصول: 25.
[2] - نهاية الاُصول: 64.
[3] - الوسائل 4: 44، أبواب أعداد الفرائض، ب12، ح2.
[4] - تهذيب الاُصول 1: 72 ـ 73.
[5] - الوسائل 4: 27، أبواب أعداد الفرائض، ب6، ح12.
[6] - انظر الوسائل 4: 34، أبواب أعداد الفرائض، ب8، ح10.
[7] - فوائد الاُصول 1 : 67.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org