Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الصحيح والأعم (درس22)
الصحيح والأعم (درس22)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 22
التاريخ : 2008/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل الخوض في هذا البحث نذكر اُموراً:
الأمر الأوّل:
تحرير محل النزاع
وفي هذا المجال يوجد ثلاثة آراء أحدها لصاحب (الكفاية) وثانيها لصاحب (فوائد الاُصول) ـ تقريرات المرحوم النائيني ـ وثالثها لصاحب (تهذيب الاُصول) تقريرات المرحوم الإمام.
ألف: يقول صاحب (الكفاية): (وقع الخلاف في أن ألفاظ العبادات أسامٍ لخصوص الصحيحة أو الأعم منها).
ثم يضيف: (لا شبهة في تأتّي الخلاف على القول بثبوت الحقيقة الشرعية، وفي جريانه على القول بالعدم إشكال. وغاية ما يمكن أن يقال في تصويره: إنَّ النزاع وقع على هذا في أنَّ الأصل في هذه الألفاظ المستعملة مجازاً في كلام الشارع هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعم، بمعنى أيُّهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغوية ابتداءً وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته...).
وقد ورد إشكالان على صاحب (الكفاية): 1 ـ خصَّ النزاع بالحقيقة الشرعية مع أن النزاع يتأتّى حتى بناءً على من ذهب إلى أن الألفاظ حقيقة في معناها على نحو الحقيقة اللغوية لا الشرعية كما هو المختار.
2 ـ اعتبر في بيان الضابطة وتصوير محل النزاع أمران:
أحدهما :
ما هو المعنى الذي رُوعيت فيه العلاقة والمناسبة بينه وبين المعنى الحقيقي؟ وثانيهما: ما هو المعنى الذي اكتفى به الشارع بالقرينة الصارفة لأجل التفهيم؟
وما يرد على صاحب (الكفاية) هو كفاية الأمر الثاني دون الحاجة إلى كلا الأمرين، أو يكون سؤال القائل بالمجازية كالتالي: هل استعمال الشارع اللفظ في المعنى المجازي واكتفائه بالقرينة الصارفة استعمال للصحيح فقط أو للأعم من الصحيح والفاسد؟
قائل يقول: (المعنى الذي يُكتفى فيه بالقرينة الصارفة هو الصحيح). وقاتل آخر يقول: (المعنى الذي يُكتفى فيه بالقرينة الصارفة هو الأعم)، ولا علاقة لنا برعاية التناسب؛ لأنَّا نريد بلورة قاعدة كلية لتصوير محلّ النزاع، وقد قال الآخوند باعتبار أمرين فيها مع أنَّه بالإمكان الاكتفاء بالأمر الثاني أو الأوّل لبلورة هذه القاعدة.
بناءً على القول بالمجازية، أي بناءً على الرأي الذي يقول بأن الشارع استعمل مفردة الصلاة مجازاً في معناها الشرعي، نبحث في أنَّ المعنى الشرعي الذي وجد الشارع بينه وبين المعنى الحقيقي علاقة هو المعنى الصحيح أو المعنى الأعم؟ باء: وهو للمرحوم النائيني حيث قال: (في الصحيح والأعم، وتنقيح البحث في ذلك يستدعي رسم مقدمات: الاُولى: لا يختص النزاع في الصحيح والأعم بالقول بثبوت الحقيقة الشرعية، بل يجري حتى على القول بعدمها؛ إذ لا إشكال في إطلاق الشارع ألفاظ العبادات والمعاملات على ما لها من المعاني عند المتشرّعة، فيقع الكلام في ذلك المعنى الذي أطلق اللفظ عليه حقيقةً أو مجازاً، وأنَّه هل هو خصوص الصحيح أو الأعم منه ومن الفاسد؟
وبعبارة اُخرى: لو لم نقل بالحقيقة الشرعية، فلا إشكال في ثبوت الحقيقة المتشرّعية، فيقع الكلام في المسمّى عند المتشرعة، وأنّه هل هو الصحيح أو الأعم؟ ومن المعلوم إنّ ما هو المسمّى عند المتشرعة هو المراد الشرعي عند إطلاق تلك الألفاظ عند إطلاق اللفظ، سواء كان الإطلاق على نحو الحقيقة أو على نحو المجاز، فدعوى اختصاص النزاع في المقام بالقول بثبوت الحقيقة الشرعية مِمَّا لا وجه لها)[1].
يرد على كلام المرحوم النائينيإشكالان: أحدهما يتعلق بما قبل عبارته: (وبعبارة اُخرى)، والآخر يتعلق بما بعد عبارته المزبورة:
1 ـ قوله في إمكانية البحث والنزاع في أنَّ الشارع الذي استعمل الألفاظ مجازاً في الصحيح أو الأعم؟ وهذا القول والكلام غير صحيح؛ لأنّ المجاز باختيار المتكلّم وليس له ضابطة، عكس الحقيقة من حيث إنَّ لها ضابطة، فإذا كانت حقيقة بحثنا في كونها موضوعة للصحيح أو للأعم.
نعم، لو كان الاستعمال المجازي في أحدها صحيحاً وفي آخر غلطاً، أمكننا بلورة قاعدة من قبيل: (الاستعمال في الصحيح وفي الأعم غلط)، أو بالعكس بالنسبة للقائل بالأعم، أي (الاستعمال في الأعم صحيح وفي الصحيح غلط).
لكن هذا لا يقول به المبتدئون من الطلبة فضلاً عن غيرهم.
إذن، استعمال الألفاظ في الصحيح مجاز وفي الأعم كذلك، والمجاز لا ضابطة له.
2 ـ ثمّ أشار بعد مقولته: (بعبارة اُخرى) إلى أنّه يُبحث في الحقيقة المتشرعة عن المسمّى فيها هل هو الصحيح أو الأعم؟ هذا مع أنا لا بحث لدينا في الحقيقة المتشرعة.
وعلى هذا، إذا قال شخص بأن المسمّى في الحقيقة المتشرعة هو الصحيح كان المستعمل فيه عند الشارع صحيحاً كذلك، وإذا قال شخص بأنَّ المسمّى في الحقيقة المتشرّعة هو الأعم كان المستعمل فيه لدى الشارع هو الأعم.
ج: وهو ما أشير إليه في الأمر الحادي عشر من (تهذيب الاُصول): (ولنذكر قبل الشروع في البحث اُموراً: الأوّل: الظاهر أنَّ التعبير الدائر بين القوم في عنوان هذا البحث من أنَّ ألفاظ العبادات أو المعاملات هل هي موضوعة للصحيح أو الأعم، أو هي أسامٍ للصحيح أو الأعم؟ إنّما هو لأجل سهولة التعبير، وإلاّ فلا يخلو من قصور لكونه غير جامع للآراء؛ لأن استعمال ألفاظ العبادات والمعاملات في المعاني المصطلحة كما يحتمل أن يكون من باب الوضع التعييني يحتمل أن يكون من باب الوضع التعيّني، بل يحتمل كونه من باب المجاز ، وقد مرَّ أن الوضع التعيّني ليس بوضع حقيقة؛ فعلى التعبير الأوّل يخرج كلا الرأيين ـ أعني: كونه من باب الوضع التعيّني، أو من باب المجاز ـ عن محلِّ البحث، وعلى التعبير الثاني يخرج المجاز فقط كما لا يخفى)[2].
ترد ثلاثة إشكالات على كلام المرحوم الإمام:
1 ـ حمل عبارات نزاع القوم على السهولة في التعبير يُعدُّ خلاف الظاهر، فقولهم: إنّها موضوعة للصحيح أو الأعم، أو هي أسامٍ للصحيح أو الأعم، ظاهر في إرادة الاختصاص، وليس من الصحيح تفسير كلام الآخرين بما تشتهيه أنفسنا، ولو كان القائل أراد معنى مشتركاً مع ما قاله الآخرون لبيّنه بعبارة اُخرى تُفهم ذلك.
كيف يمكن لهذا القول أن يكون جائزاً مع أنَّ أدلة الطرفين تنادي بأعلى صوتها بالاختصاص. لقد استدل كلٌّ من الطرفين بالتبادر وعدم صحة السلب، مع ذلك يُقال بأنَّ مرادهم الأعم. من هنا يُعرف أنَّ مرادهم الاختصاص بباب الحقيقة، وما كانوا يريدون القول بدخول المجازات في محلِّ النزاع.
2 ـ لا فائدة في تصوير النزاع بالشكل المذكور، ويُعدُّ لغواً؛ لأنَّ دون إثباته خرط القتاد.
كيف يمكن إثبات أنَّ سيرة الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ كانت جارية على الإتيان بقرينة صارفة واحدة كلّما أراد الصحيح، والإتيان بقرينتين عندما يريد الأعم.
هذا بالنسبة إلى القائل بالصحيح وعكسه بالنسبة إلى القائل بالأعم، أي يقول: (إن الرسول كان يأتي بقرينة واحدة عندما كان يريد الأعم، وبقرينتين عندما كان يريد الصحيح) وقد بيّن صاحب (الكفاية) لغوية هذا الادعاء.
3 ـ قوله: (إن الوضع التعيّني ليس بوضع حقيقة) غير صحيح؛ لأنّه يريد القول بذلك أنَّ عبارات من قبيل: (موضوعة للصحيح أو الأعم) لا تشمل الوضع التعيّني، هذا مع أنَّ الاُصوليين أنفسهم صرَّحوا بكون الوضع على قسمين: تعيّني وتعييني.
وقد ظهر ممّا ذكرنا كلّه أنَّ النزاع في الصحيح والأعم ينصبُّ على الحقيقة الشرعية لا غير، أمّا الحقيقة اللغوية التي أشار إليها صاحب (الكفاية) وقال فيها: (إنَّه يمكن أو ينبغي النزاع فيها) فغير صحيح؛ لأجل أنَّ مرادهم من الصحيح هو الصحيح الذي استخدم في الشريعة الإسلامية دون الأديان السابقة.
أمّا المجازات فلا هي محل النزاع ولا يمكن البحث فيها؛ لأنّها غير مشمولة بالتسمية والوضع، وقد بيَّن ذلك صاحب (الكفاية).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - فوائد الاُصول 1 : 26.
[2] - تهذيب الاُصول 1: 66.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org