Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: قصاص النفس (درس25)
قصاص النفس (درس25)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 25
التاريخ : 2008/12/17

بسم الله الرحمن الرحيم
(مسألة 45: تتحقق الشركة في القتل بأنْ يفعل كلٌّ منهم ما يقتل لو انفرد، كأنْ أخذوه جميعاً فألقوه في النار أو البحر أو من شاهق, أو جرحوه بجراحات كلّ واحدة منها قاتلة لو انفردت. وكذا تتحقق ممّا يكون له الشركة في السراية مع قصد الجناية، فلو اجتمع عليه عدّة فجرحه كلُّ واحد بما لا يقتل منفرداً لكن سرت الجميع فمات فعليهم القَوَد بنحو ما مرّ).
ما في المسألة من الصور الثلاث كلّها مشتركة في تحقق الشركة في القتل وفي نسبة القتل إليهم، وهذا من الأولى والثانية واضح، وأمَّا في الثالثة فلاستواء الكلّ في سببية الموت، إذ فعل كلٍّ منهم لو لم يكن لم يتحقق الموت، ولم تكن سراية البقيّة موجبة لقتله كما هو المفروض.
مسألة: لو اتّفق جمعٌ على واحد, وضربه كلُّ واحد سوطاً فمات, وجب القصاص على الجميع بلا فرق بين ضارب السوط الأول وضارب الأخير؛ لاستواء الكل في سببية الموت، إذ كما أنَّه لو اكتفى الأوَّل لم يمت, فلو لم يكن الأول لم يمت بالأخير.
وعن العامّة قولٌ بأنّه لا قصاص، وآخرُ: إذا وقع منهم اتّفاقاً دون ما إذا تواطؤوا عليه. وهما معاً كما ترى.
نعم، قد يُشك في ثبوت القصاص على الجميع لو فرض ترتُّب الأسواط، وكان موته من السوط الأخير، بل ينبغي الجزم بعدمه لو فُرض كونه على وجه يسند إليه الموت, نحو إسناده في الجرح الذي يحصل به الموت دون سرايته للمجروح سابقاً.
وبالجملة, المدار على صدق الاشتراك والاتّحاد.
(ولا يعتبر التساوي في عدد الجناية، فلو ضربه أحدهم ضربة والآخر ضربات والثالث أكثر ـ وهكذا ـ فمات بالجميع, فالقصاص عليهم بالسواء، والدية عليهم سواء. وكذا لا يعتبر التساوي في جنس الجناية، فلو جرحه أحدهما وضربه الآخر يُقتص منهما سواء، والدية عليهما كذلك بعد كون السراية من فعلهما).
الوجه فيما ذكره ـ رحمه الله ـ من عدم اعتبار التساوي في العدد ولا في النوع: وجود التساوي في نسبة القتل وفي صدق القاتل, فيشمله إطلاق أدلة الاشتراك في القتل.
(مسألة 46: لو اشترك اثنان أو جماعة في الجناية على الأطراف يُقتصّ منهم كما يقتصّ في النفس، فلو اجتمع رجلان على قطع يد رجل؛ فإنْ أحبَّ أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد يقتسمانها ثمّ يقطعهما، وإنْ أحبَّ أخذ منهما دية يد، وإنْ قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قُطعت يده ربع الدية. وعلى هذا القياس اشتراك الجماعة).
الاقتصاص من الجماعة في الأطراف كالاقتصاص منهم في النفس, على نحو ما في المتن بلا خلاف ولا إشكال فيه؛ لفحوى ما مرّ في الاشتراك في القتل، ولصحيح أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام, في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل قال: ((إن أحبّ أنْ يقطعهما أدّى إليهما دية يد أحد فاقتسماها ثمّ يقطعهما، وإن أحبَّ أخذ منهما دية يد ـ قال ـ وإنْ قطع يد أحدهما ردَّ الذي لم تُقطع يده على الذي قُطعت يده ربع الدية))[1].
(مسألة 47: الاشتراك فيها يحصل باشتراكهم في الفعل الواحد المقتضي للقطع, بأنْ يُكرهوا شخصاً على قطع اليد, أو يضعوا خنجراً على يده واعتمدوا عليه أجمع حتى تُقطع، وأمَّا لو انفرد كلٌّ على قطع جزء من يده فلا قطع في يدهما، وكذا لو جعل أحدهما آلته فوق يده والآخر تحتها, فقطع كلُّ جزء منها حتى وصل الآلتان وقُطعت اليد, فلا شركة ولا قطع، بل كلٌّ جنى جناية منفردة، وعليه القصاص أو الدية في جنايته الخاصة).
ما في المسألة من قوله: (الاشتراك ـ إلى قوله: ـ وأمّا لو انفرد) إلى آخره, مثل ما في المسألة الخامسة والأربعين، أي بيان للمصداق العرفي للشركة لا بحثاً فقهياً كما هو ظاهر.
نعم، ما بيّنه ـ رحمه الله ـ تامٌّ ; لقضاء العرف بالاشتراك, ويصير محكوماً بحكمه؛ لإطلاق الصحيح.
كما أنَّ المذكور بعده بيان للموضوع ـ أيضاً ـ ولعدم الشركة عرفاً, وهو أيضاً مطابق لما عندهم.
(مسألة 48: لو اشترك في قتل رجل امرأتان قُتلتا به من غير ردّ شيء، ولو كُنَّ أكثر فللولي قتلهن وردّ فاضل ديته يقسم عليهنّ بالسوية, فإنْ كُنَّ ثلاثاً وأراد قتلهن ردّ عليهن دية امرأة، وهي بينهن بالسوية، وإنْ كُنَّ أربعاً فدية امرأتين كذلك وهكذا، وإنْ قتل بعضهنّ ردَّ البعض الآخر ما فضل من جنايتها، فلو قتل في الثلاث اثنين ردت المتروكة ثلث ديته على المقتولين بالسوية، ولو اختار قتل واحدة ردَّت المتروكتان على المقتولة ثلث ديتها, وعلى الولي نصف دية الرجل).
كلُّ ما في المسألة موافق لأدّلة الشركة في القتل بناءً على ما هو المعروف بينهم، بل كأنَّه إجماعيٌّ, من لزوم ردِّ نصف الدية إلى القاتل في قصاص الرجل بالمرأة.
ويدلّ على الفرع الأوّل صحيح محمد بن سلم, قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن امرأتين قتلتا رجلاً عمداً، قال: ((تُقتلان به، ما يختلف في هذا أحد))[2].
وأمّا بناء على المختار ـ كما سيأتي بيانه ـ فلا يلزم ردُّ النصف في قتل الرجل المرأة ـ كالعكس ـ وأنَّ النفس بالنفسِ، وحكم اشتراك النسوة في قتل الرجل كحكم اشتراك الرجال في قتله من دون فرق بينهما، فتخصيص اشتراك النسوة بمسألة خاصّة غير وجيه.
ومثل هذه المسألة التالية حرفاً بحرف كما لا يخفى.
(مسألة 49: لو اشترك في قتل رجلٍ رجلٌ وامرأة فعلى كل منهما نصف الدية، فلو قتلهما الولي فعليه ردّ نصف الدية على الرجل، ولا ردّ على المرأة، ولو قتل المرأة فلا ردّ، وعلى الرجل نصف الدية، ولو قتل الرجل ردّت المرأة عليه نصف ديته لا ديتها.
مسألة 50: قالوا: كل موضع يوجب الردَّ يجب أولاً الردُّ ثمّ يستوفى, وله وجه. ثمّ إنَّ المفروض في المسائل المتقدمة هو الرجل المسلم الحر والمرأة كذلك).
الوجه زيادة المستوفى على الحق قبل الردّ، وفي (اللثام): (ويعارضه أنّه لا يستحق الفاضل، ما لم يستوفِ، ولذا كان أكثر الأخبار وفتاوى الأصحاب إنّما تضمَّنت الردَّ على الورثة أو الأولياء)[3].
وفي (مجمع الفائدة والبرهان) اكتفى بتوضيح المسألة وأنَّ وجهه ظاهر, حيث قال ـ قدس سره ـ: (يجب تقديم الردّ على الاستيفاء، بمعنى أنَّه ليس لصاحب الحقِّ أنْ يستوفي قبل الردّ إلى صاحبه، وله أنْ يمتنع من التسليم للاستيفاء قبله. وأمَّا إذا رضي فيجوز قتله، فيجب أوّلاً أنْ يردَّ على من يريد قتله أو على وليِّه إذا كانت جنايته أقلّ من نفسه، كما مرّ في الأمثلة في جميع المسائل المتقدمة. ووجهه ظاهر)[4].
والتحقيق: عدم وجوب التقديم, لا لما في (اللثام) من التضمُّن, حيث إنَّ الظاهر من الأخبار الشركة ونصوصها ـ بل وفتاواها ـ كونها في مقام لزوم أداء الردِّ, وأنَّه ليس للوليّ قتل واحد من الشركاء أو كلِّهم من دون الردّ الذي هو مذهب بعض العامّة، ولا نظر فيها إلى خصوصية الردّ إلى الأولياء بما هم أولياء، بل ذكرهم يكون من باب الغالب في ردِّ الدية، فإنَّه يردّ غالباً إلى الأولياء؛ لعدم الجدوى في الدية للمقتصّ منه كما لا يخفى.
وأمَّا أخبار ردِّ نصف الدية إلى الرجل القاتل للمرأة فهي أيضاً ناظرة إلى الفرق بين ذلك القتل وعكسه, أي قتل المرأة الرجل, بلزوم الردِّ في الأصل دون العكس، وأنّه لا يجني الجاني أكثر من جنايته على نفسه, من دون النظر إلى الردِّ إلى أهل الرجل بما هُو هو, كما لا يخفى على من يراجعها، بل وللأصل ولإطلاق تلك الأخبار المقتضي للتخيير.
هذا, مع أنَّ القصاص حق الوليِّ وهو الأصل في القتل، وأنّ فيه الحياة, وفي وجوب التقديم نحو منافاة له من حيث انجراره إلى التأخير في القصاص الذي فيه الحياة، بل يمكن أنْ يصير سبباً لتعطيله, وهو كما ترى، فتدبر جيّداً.
وما في (الجواهر) من الإشكال على (اللثام) بقوله: (قلت: هو كذلك في النصوص حيث يكون الردُّ من الشريك، وأمَّا إذا كان من ولي المقتول, فقد سمعت صحيح أبي مريم وستسمع فيما يأتي ـ إنْ شاء اللّه ـ في الشرائط النصوص الدالّة على تقديم فاضل دية الرجل إذا أُريد قتله بالمرأة, المعتضد بقول الأصحاب: (اقتُصّ منهم بعد ردّ الفاضل), كما أشرنا إلى ذلك سابقاً.
ولعل وجه الأوّل أنَّ الشركة في الفعل اقتضت الضمان المزبور قهراً على الشريك; لأنَّ فعل كلٍّ منهما باعتبار صار كأنَّه فعل الآخر، بخلاف ما إذا أراد قتل الجميع، إذ لم يكن له حتى يدفع كي يستحق استيفاء حقه؛ لقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وفي الحقيقة هو كالتقابض في المعاوضة، فتأمل جيداً)[5].
ففيه: قد عرفت عدم الفرق في الأخبار، وما ذكره من دلالة نصوص ردِّ فاضل الدية, فكان عليه الإشارة إلى تلك الدلالة؛ لعدم كونها بيّنة ولا مبيِّنة، وليس بينها وبين أخبار الشركة في تلك الدلالة فرق وتفاوت أصلاً، وأنهَّما ليستا ناظرتين إلى أزيد من الردّ في كلٍّ منهما, ومن ردّ قول بعض العامّة في الشركة, ومن كون دية الرجل ضِعفَي دية المرأة كما مرّ بيانه.
نعم، ما ذكره ـ رحمه اللّه ـ من الوجه في لزوم التقديم فيما إذا أراد الوليّ قتل الجميع, من عدم الحق له في الاستيفاء قبل الأداء بقاعدة نفي الضرر, تام.
ويؤيّده, بل يدّل عليه صحيح ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام, في رجلين قتلا رجلاً, قال: (إن أراد أولياء المقتول قتلهما أدوا دية كاملة وقتلوهما, وتكون الدية بين أولياء المقتولين، فإنْ أرادوا قتل أحدهما قتلوه وأدَّى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول، وإنْ لم يؤدِّ دية أحدهما ولم يقتل أحدهما قَبِل الدية صاحبه من كليهما، وإنْ قبل أولياؤه الدية كانت عليهما)[6].
فالواجب من التقديم في الردِّ مختصّ بهذه الصورة, أي قتل الوليّ جميع الشركاء في القتل, دون غيرها من الصور.
وبما ذكرناه يظهر عدم تمامية الأقوال والوجوه الثلاثة في المسألة, من القول بوجوبه مطلقاً كما عليه (الشرائع)[7] و(القواعد)[8] ، وبعدمه مطلقاً كما يظهر من (اللثام)[9] ، ومن التفصيل بين الردِّ من الوليِّ والردّ من غيره, بالوجوب في الأوّل دون الثاني, كما يظهر من (الجواهر) هنا، بل وصرَّح به في المسألة الأولى من مسائل الاشتراك, حيث قال: (بل ظاهرها ـ أي أخبار الشركة في القتل ـ أيضاً عدم اعتبار تقديم الأداء في الاقتصاص.
نعم، ظاهر المصنف وغيره اعتباره من المقتصِّ لو أراد قتل الجميع، كما هو ظاهر لفظ (ثمّ) في صحيح أبي مسلم[10] الذي ستسمعه في المسألة الثانية، فلاحظ وتأمَّل)[11]; لما عرفت من النقض والإبرام في الوجوه.
مسألة: صريح (المسالك ) وظاهر (الجواهر) التزام الوليّ في الشركة في القتل بالردِّ على المقتول قصاصاً ما زاد عمّا يختصه من الدية وأخذه من الباقين.
ففي (المسالك): (لكن يردُّ على المقتول ما زاد عما يخصّه منها, ويأخذه عن الباقين)[12].
وفي (الجواهر) بعد بيان ظهور الأخبار بل صراحتها في تعلُّق ما زاد على جناية المقتول بغيره من الجاني المتروك دون الوليّ، قال: (وإنْ كان مقتضى القواعد التزام الولي بها; لأنَّه المباشر للإتلاف وإنْ كان له حق على الآخر، فيؤدّي هو له، ويرجع بما يستحقه على الآخر)[13].
لكن لا يخفى عليك أنَّ ما ذكره ـ قدس سره ـ من مقتضى القواعد يرجع إلى كون أصل الضمان على الوليّ والاستقرار على الآخر، وهو كما ترى, حيث إنَّ الأخبار ـ كما اعترف به ـ ظاهرة أو صريحة في تعلّق الزائد عن جناية المقتول بغيره من الجاني المتروك، فكيف يحكم بخلافها؟
وما استوجهه لذلك من مقتضى القواعد, ففيه: أنَّ الولي ليس مباشراً للإتلاف عن غير حقّ حتى يكون سبباً للضمان، ولو لا على نحو الاستقرار، بل إتلافه عن حق وعن سلطنته عليه, فكيف يوجب الضمان؟ وإنَّما الموجب له الإتلاف غير المأذون فيه دون المأذون.
هذا, مع أنَّ الحكم بالتزام الوليّ بالزائد مخالف لإطلاق السلطنة وإطلاق أدلّة القصاص، وردُّ البقيّة الزائد من باب الجمع بين الحقوق، ولئلاّ يقع الإسراف في القتل، فتدبّر جيداً.
فالحقُّ ـ كما عليه ظاهر الأخبار بل وصريحها ـ كون الضمان على الجاني المتروك ابتداءً واستقراراً.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 29: 186، أبواب قصاص الطرف، ب 25، ح 1.
[2] - وسائل الشيعة 29: 84، أبواب القصاص في النفس، ب 33، ح 15.
[3] - كشف اللثام 2: 267.
[4] - مجمع الفائدة والبرهان 13: 456.
[5] - جواهر الكلام 42: 74.
[6] - وسائل الشيعة 29: 42، أبواب القصاص في النفس، ب12، ح 4.
[7] - شرائع الإسلام 4: 188.
[8] - قواعد الأحكام 2: 285.
[9] - كشف اللثام 2: 267.
[10] - وسائل الشيعة 29: 186، أبواب قصاص الطرف، ب 25، ح 1.
[11] - جواهر الكلام 42: 68.
[12] - مسالك الأفهام 2: 364.
[13] - جواهر الكلام 42: 68.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org