Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الأوامر (درس48)
الأوامر (درس48)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 48
التاريخ : 2008/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الوجه الثاني في دلالة صيغة الأمر على الوجوب هو الانصراف وهذا الوجه غير تام كذلك: لأن منشأ الانصراف ينحصر في كثرة استعمال اللفظ في بعض الأفراد، واستعمال الأمر في الوجوب ليس كثيراً، بل ادُّعي خلافه.
حتى لو نقبل هذا الادّعاء، فإن الطرف الآخر من الاستدلال غير ثابت، إذا قلت: الكثرة بالنسبة لبعض الأفراد أو جميعها يسبّب الانصراف، قلنا: هذا غير تام كذلك؛ لأن كثرة الوجوب والكمال لا علاقة له بانصراف اللفظ؛ لأن الانصراف يرتبط بالوضع، فدلالة اللفظ والاستعمال والتفاهم ذات صلة بمجموعة من الاُمور الاعتبارية، وذلك لا علاقة له بما نحن فيه، مع أنّ كثرة وجود الوجوب أمر تكويني، فلا علاقة بين باب التكوين وباب الاستعمال الاعتباري. هذا، مع أن كثرة وجود الوجوب ممنوع.
الوجه الثالث: هو كون صيغة الأمر كاشفة عن الوجوب عند العقلاء نظير الكاشفية عن الإرادة الجدية من خلال الظواهر.
وقد أورد صاحب (التهذيب) على الكاشفية بأنّها منوطة بكثرة الاستعمال وهي منتفية هنا لما مرّ من أن صيغة الأمر لم تستعمل كثيراً في الوجوب.
يبدو أن هذا الإشكال غير وارد؛ لأن الكاشفية منوطة ببناء العقلاء وسيرتهم لا بكثرة الاستعمال، أي أن العقلاء كلما بنوا على شيء عملوا على وفق بنائهم سواء كان هناك كثرة في الاستعمال أو لم يكن، ولا نريد القول هنا بأن للفظ ظهوراً لكي يقال بأنّ اللفظ يحتاج إلى كثرة استعمال لكي يكون له ظهور، نظير حجية الظواهر الكاشفة عن المرادات، فإذا نطق شخص بلفظ ذات معنى، قال العقلاء بأنّه أراد معنى اللفظ وإرادته جدية ليست عن هزل أو مزاح.
الوجه الرابع: حكم العقل، أي أن العقل يلزم العبد بأن يستجيب أمر مولاه، ولو لم يستجب العبد أمر مولاه وتبيّن فيما بعد أن الأمر لم يكن ندبياً كان العبد غير معذور، وذلك نظير حكم العقل في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي وكذا في الشبهة قبل الفحص.
هذا الوجه غير تام؛ لأنّ لازمه إمكان الإتيان بجميع الواجبات في صيغة الأمر بقصد الاحتياط دون قرينة، أمّا بقصد الجزم فلا يمكننا الإتيان بها، وعند الإفتاء نقول: هذا واجب عقلي احتياطي. وإذا جاء دليل بهذا المضمون: (صلِّ عند رؤية الهلال) ولم تكن هناك قرينة قلنا بأن مضمون الدليل هو حكم العقل بالصلاة عند رؤية الهلال. وهذا الوجه كما ترى، فإنّه خلاف السيرة وخلاف الفقه، ففي الفقه البناء على أن تعتبر صيغة الأمر تعبيراً عن الواجب عند الله.
اللهم إلاّ أن يقال بكون المراد من حكم العقل ليس الحكم الاحتياطي، بل حكم العقل من باب العبودية والمولوية.
وفيه:
أولاً: ليس بحثنا في الأوامر العبودية والمولوية، بل في الأوامر التشريعية والقانونية.
ثانياً: الإدراك المذكور عن صيغة الأمر ليس إدراكاً عقلائياً، بل إدراكاً عرفانياً، فإنّ القول بكون امتثال الأمر ووجوب الامتثال لازم العبودية منوط بعرفان خاص لا بالعقلاء بما هم عقلاء.
ثالثاً: كرّ على ما فرَّ، العقل يقول بلزوم الإتيان بالأمر ما دام صادراً من الله ولا شأن للعبد بين كون الأمر وجوبياً أو ندبياً، وهذا لازم العبودية. مع أنّ هذا هو نفس الإشكال السابق.
الوجه الخامس: مقدمات الحكمة، ببيان أنّ المولى ما دام في مقام البيان ولا قرينة تدلُّ على الاستحباب وعدم المنع من الترك يُحمل كلامه على الوجوب، لأجل أن الاستحباب بحاجة إلى قرينة ولفظ زائد غير صيغة الأمر، عكس ما عليه الوجوب، حيث لا يحتاج إلى قرينة ولا إلى لفظ زائد؛ لكون المستحب عبارة عن طلب الفعل مع عدم المنع من الترك، والأخير شأن عدمي ويحتاج إلى بيان، أما الوجوب فعبارة عن الطلب مع الشدة، وشدة الطلب عين الطلب لذلك كان اللفظ الموضوع للطلب كافياً.
بطلان هذا الوجه واضح من حيث إنّ المستحب عبارة عن الطلب مع الضعف وهو نفس الوجوب إلاّ أن في الوجوب شدّة، والشدة والضعف أمران خارجان عن حقيقة الطلب بحسب المفهوم، أما بحسب المصداق فبنفس النحو الذي تكون الشدة طلباً يكون الضعف طلباً كذلك، وما به الاشتراك عين ما به الافتراق.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org