Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الأوامر (درس46)
الأوامر (درس46)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 46
التاريخ : 2008/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

مادة الأمر حقيقة في القدر المشترك
استدل على كون مادة الأمر حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب بوجوه ثلاثة:
أحدها:
تقسيم الأمر إلى وجوبي وندبي.
ثانيها: استعمال الأمر في الوجوب والاستحباب، فإطلاق الأمر بالنسبة إلى صلاة الصبح وجوبي، لكنه بالنسبة إلى صلاة الليل استحبابي، فإذا قلت بأن مادة الأمر موضوعة للقدر الجامع بين الوجوب والاستحباب فنعِمَ المطلوب، وإذا قلت إنها لم توضع للقدر الجامع، ولا اشتراك معنوياً في البين، بل ينبغي القول بأنّها مشترك لفظي أو من باب الحقيقة والمجاز، وعند دوران الأمر بين الاشتراك المعنوي والاشتراك اللفظي والحقيقة والمجاز يُقدّم الاشتراك المعنوي ويُرجّح.
ثالثها: إنّ إتيان المندوب طاعة يُعدُّ صغرى، وكل طاعة فعل للمأمور به يُعدُّ كبرى، والنتيجة تكون: إتيان المندوب فعل للمأمور به. ومن هنا يتّضح أن الأمر يستعمل للاستحباب كذلك.
وفي جميع الوجوه الثلاثة المستدل بها ما لا يخفى، حيث لا أحد منها تام.
أمّا الوجه الأوّل، فنسأل ما المراد من الاستدلال بصحة التقسيم؟ هل المراد منه استعمال المقسم في الأعم وأن الأقسام داخلة في المقسم، والاستعمال هذا دليل على الحقيقة، هل المراد هذا أو أن المراد هو ظاهر التقسيم بالمعنى الحقيقي للتقسيم؟
إذا كان المراد هو الأوّل فبطلانه واضح باعتبار أن الاستعمال أعم من الحقيقة خلافاً للسيد المرتضى علم الهدى رضي الله عنه.
نعم، إن علم المراد ولم يعلم كيفية الاستعمال فلا يكون الاستعمال عندئذٍ دليلاً على الحقيقة، وإذا علم الحقيقة والمجاز ولم يعلم المراد فنحمل اللفظ على المعنى الحقيقي.
وإذا كان المراد الوجه الثاني فالأصل في التقسيم هو تقسيم اللفظ في معناه الحقيقي وذلك هو ظاهر حال المقسّم.
الأصل في التقسيم هو هذا، لكن الأصل معتبر فيما إذا لم يكن ثمة دليل على الخلاف، وهنا يوجد دليل على الخلاف وهو عبارة عن التبادر، إلاّ أن ترفضوا أصل التبادر فيصح كلامكم حينذاك.
أمّا بالنسبة إلى الوجه الثالث، فأمّا الصغرى ممنوعة ونحن لا نقبل الصغرى أي أنّ كل فعل مندوب طاعة للأمر الحقيقي، إذا قلت بأن مرادكم من الكبرى كل طاعة فعل للمأمور به بالأمر الحقيقي.
وإذا قلت: كل طاعة فعل للمأمور به أعم من الأمر الحقيقي والمجازي، ففي هذه الحالة والفرض نقبل الكبرى والصغرى، لكن لا تترتب عندئذٍ الفائدة الذي توخاها صاحب الوجه الثالث؛ لأنا نقبل بكون المستحبات من المأمور بها لكن بالأمر المجازي.
إذن، الحق هو أنّ مادة الأمر حقيقة في الوجوب، ونحمل مادة الأمر في الروايات على الوجوب إذا لم يكن فيها قرينة تصرفها عن ذلك.
لصاحب (المحاضرات) عبارة بعد ما أتمّ البحث عن مادة الأمر حيث قال ما مضمونه: لا تترتّب ثمرة وفائدة على هذا البحث؛ لأنّ معنى مادة الأمر في جميع الروايات واضح ونحمله على الوجوب دائماً إذا لم تتضمّن الرواية قرينة للصرف إلى الاستحباب، فإذا جاءت رواية كالتالي: (أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ بغسل الجمعة) حملناها على الوجوب مع عدم القرينة، لكن الذي يقول بالاشتراك اللفظي يتوقف، وكذلك بالنسبة إلى القائل بالاشتراك المعنوي، وفي النهاية يُقال هنا بعدم الوجوب من خلال إجراء أصالة البراءة.
ونقول له هنا:
أولاً: من البعيد أن يبحث الأصوليون جميعهم في مسألة لا فائدة فقهية تترتب عليها.
ثانياً: أنّ هذا الادّعاء يحتاج إلى إحاطة كاملة بالروايات والآيات بحيث نطمئن أنّه لا مورد فيها يعلوه الإبهام والشك، مع أنّ على الشخص الذي يسعى للإحاطة أن يكون عالماً وملفتاً إلى معنى مادة الأمر، وكل هذه الأمور مشكلة بل ممنوعة.
الفصل الثاني: صيغة الأمر
وفي هذا الفصل مباحث
المبحث الأوّل: ذكرت معانٍ لصيغة الأمر كالترجي والتهديد والتمني والتعجيز، وقد عدّها بعض أربعة وعشرين.
لصاحب (الكفاية) كلام يذكره بعدما ينقل الكلام السابق يمكن حصره في المطالب التالية:
المطلب الأوّل: استعملت صيغة الأمر في معنى واحد وهو إنشاء الطلب، أما سائر المعاني كالتهديد والتعجيز والترجي والتمني والإنكار فهي من قبيل الدواعي، وإذا قيل بأنها من معاني صيغة الأمر، فإنه يقال: هذا خلط للمعنى بالداعي.
المطلب الثاني: لا يبعد أن تكون صيغة الأمر حقيقة في إنشاء الطلب بداعي البعث، أما استعمال صيغة الأمر بسائر الدواعي فمجاز واستعمال للفظ في غير ما وضع له.
المطلب الثالث: ما قيل في صيغة الأمر يجري في باب الاستفهام والتمني والترجي وبقية الصيغ الإنشائية، بمعنى أن أدوات التمنّي وضعت لإنشاء التمني حيث يكون تمنّ حقيقي، أمّا إذا استعملت بداعي الحب والرغبة فتكون مجازاً.
وعلى هذا، تكون أدوات الاستفهام والتمني والترجي المستخدمة في كلام الله بنفس المعنى المستخدم في كلام الناس لكن لا بداعي التمني والترجي الحقيقي المستلزم لعجز الله وجهله، بل بدواعٍ أخرى. كان هذا مضمون كلام المرحوم صاحب (الكفاية) باقتضاب.
ويبدو لنا أن كلامه غير صحيح في بعض الموارد، فقوله بأن صيغة الأمر ذات معنى واحد والمعاني الأخرى المذكورة لها تعدُّ داوع قول صحيح، لكن قوله بأن هذا المعنى الواحد هو إنشاء الطلب غير صحيح، والصحيح هو إنشاء البعث، فعندما يقال: (اضْرِبْ) لا يعني أنّ فلاناً انشأ الطلب وأوجده، بل أنشأ البعث، فإنّ البعث قد يكون حقيقياً كما في البعث الحقيقي كدفع شخص آخر باتجاه خاص، وقد يكون اعتبارياً وانشائياً مثل: (أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ)[1].
الوجه في ذلك هو التبادر، فإذا قيل لشخص: (صلِّ) لا يفهم العرف إيجاد الإرادة، رغم وجود الإرادة والرغبة، ولو لم يكونا لما كان هناك تحريك.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - البقرة: 43.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org