Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المشتق (درس44)
المشتق (درس44)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 44
التاريخ : 2008/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الاتّحاد والمغايرة في الحمل
الأمر الآخر المبحوث هنا هو لابدّ من الاتحاد (الهوهوية) من وجه في الحمل كما لابدّ من المغايرة من وجه، بمعنى أنّ الاتحاد إذا كان حقيقياً فالمغايرة لابدّ أن تكون اعتبارية، وإذا كان الاتحاد اعتبارياً فلابدّ للمغايرة أن تكون حقيقية.
أمّا الهوهوية والاتحاد فقضاء للحمل، فالحمل هو الذي يقتضي الهوهوية والاتحاد، وأمّا المغايرة فقضاءً لنسبة المغايرة؛ لأنّه على كلّ حال توجد نسبة في القضية الحملية وكذا موضوع ومحمول، ولابدّ من المغايرة وإلاّ لزم اتحاد النسبة في أمرين وهو غير معقول.
رأي صاحب (الفصول)
أمّا ما عن (الفصول) من لزوم اعتبار تركّب الموضوع والمحمول، فهو غير تام للوجوه التالية:
أحدها: أنّه مخالف للوجدان، ففي القضايا الحملية لا نجد أمراً غير الموضوع والمحمول والنسبة لكي ندّعي التركّب، ففي زيد قائم أو الإنسان ناطق لا يوجد سوى الاُمور الماضي ذكرها، أما التركب فلا وجود له.
ثانيها: إدعاء التركّب يتنافى مع الحمل والاتحاد؛ لأنّ ادعاء التركب بين المتغايرين يعني ـ في النتيجة ـ أن الموضوع جزء والمحمول جزء آخر، والمجموع هو المركب، وهذا عبارة اُخرى عن اتحاد الموضوع الذي هو جزء المركب مع المركب نفسه، مع أنّه لا يتحد الجزء مع الكل.
ثالثها: ما تعرض له المرحوم المشكيني في حاشيته، فليراجع من أراد.
رابعها: في باب المغايرة بين المبدأ والذات وما يجري عليه المشتق يكفي الاختلاف المفهومي ولو أنَّ ثمّة اتحاداً حقيقياً، ولأجل ذلك صدقت صفات الله الكمالية على ذاته تعالى على نحو الحقيقة، فقيل: إنّه قادر وعالم وخالق ورازق، فالمبدأ الذي هو العلم متحد حقيقية مع الذات؛ لأنّ صفات الله عين ذاته، والاختلاف هنا مفهومياً وهذا كاف، ولا ينبغي التغاير الحقيقي.
التغاير في الممكنات حقيقي كما في (زيد قائم) فزيد حقيقة والقيام حقيقة اُخرى، فيتغاير هنا الذات مع المبدأ، وهو عكس ما عليه صفات الباري تعالى، فلا اختلاف حقيقياً بين الذات والمبدأ.
صاحب (الفصول) يرى أن إطلاق الصفات الكمالية على ذات الباري يُعدّ إطلاقاً مجازياً، لأجل أنّ المعتبر هو الاختلاف والتغاير الحقيقي بين المبدأ وما يجري عليه المشتق، وهو معدوم هنا، لذلك كان الإطلاق مجازياً.
لكن كلامه في غير محلّه؛ وذلك لما نرى من إطلاق العرف لهذه الصفات على الباري تعالى بمثل إطلاقه لها على غير ذات الباري دون رعاية العلاقة والمناسبة والتجريد عند الإطلاق، وهذا يكشف عن أن الإطلاق على سبيل الحقيقة لا المجاز، وسرّ المسألة يكمن في كفاية الاختلاف المفهومي وعدم الحاجة إلى الاختلاف الحقيقي.
نعم، هنا كلام وهو: هل المبدأ في المشتقات مصدر لكي يُكتفى بالاختلاف المفهومي، أو أن المبدأ في المشتقات ليس مصدراً، بل أمراً مبهماً لا متحصّل في ضمن الهيئة لا لفظاً ولا معنى وعلى الأخير سوف لا يكون مجال للبحوث المزبورة؛ لأنّ الفرق بين المبدأ والمشتق واضح في جميع المشتقات سواء اُطلقت على الذات أو على غير الذات.
نعم، الكلام في أنّ التفريق بين المبدأ والذات وكفاية الاختلاف المفهومي (كما اعتقده صاحب الكفاية) أو لزوم المغايرة وعدم كفاية الاختلاف المفهومي (كما اعتقده صاحب الفصول)، هذا الكلام مبتني على افتراض مبادئ المشتقات مصادر، أمّا إذا لم نفترضها مصادر، بل اُموراً مبهمة لا متحصّلة لفظاً ولا معنى، ومحصّلة بالهيئة الاشتقاقية، فعندئذٍ لا يأتي الكلام السابق؛ لأنّ الفرق هنا بين المبدأ والذات فرق بين المتحصل واللا متحصل، لكون المبدأ لا متحصل ومنغمر في الإبهام، بينما الذات أمر متحصل ومحقق، ولا يأتي الكلام عندئذٍ عن الفرق بين ذات الباري وغير ذات الباري.
إذن، كلام صاحب (الفصول) وصاحب (الكفاية) مترتب على فرض كون المبدأ مصدراً.
خامسها: لابدّ في المشتق من قيام المبدأ بالذات كما هو واضح عرفاً، فإذا كانت الذات في (زيد قائم) غير متلبسة بالقيام فلا يمكن القول بأن زيداً قائم، ولا إشكال في هذا الكلام.
كما لا ينبغي الإشكال في كفاية القيام بأي نحوٍ من القيام حلولياً كان أو صدورياً ووقوعياً أو انتزاعياً، فالصدوري كما في أسماء الفاعلين، والوقوعي كما في أسماء المفعولين، والحلولي مثل: الأبيض، والأسود، والانتزاعي مثل: الفوق، والتحت، والإمام، والمأموم.
على أي حال، المفروض هو تلبّس الذات بالمبدأ بأي نحو من التلبّس، ومن هنا يظهر ضعف ما عن بعض من قبيل صاحب (الفصول).
سادسها: في صدق المشتق المفروض فيه التلبّس لا يفرق بين كون التلبّس حقيقياً أو ادعائياً.
التلبس الحقيقي فمن قبيل (زيد قائم) فإطلاق القيام على زيد إطلاق حقيقي، والتلبّس الادعائي من قبيل (الميزاب جارٍ) فالجريان لا يطلق على الميزاب نفسه بل على الماء، لكنه اُطلق هنا إدعاءً.
ولا يخفى أن هذا الكلام مبني على الرأي الذاهب إلى أن المجاز عبارة عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له وأن مجازات السكاكي حقيقة، أما بناءً على الرأي الذي ذهب إليه السيّد الإمام ـ رحمه الله ـ والقائل بأن المجاز عبارة عن استعمال اللفظ في معناه لكن الإدعاء والتلاعب يكون في المعنى، فعلى هذا الرأي والمبنى يكون الاستعمال حقيقياً والمجاز في مرحلة تسبق استعمال اللفظ وهي مرحلة الإدعاء، ولهذا كان شأن القضية هنا مجازاً أيضاً بناءً على هذا الأساس.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org