Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المقدّمة

المقدّمة

لقد بُني النظام الحقوقي في الإسلام على قمّة جبل يحيط به سفح من الأنظمة القبليّـة القديمة، وقد عملت هذه الأنظمة على بلورة علاقات وثيقة وعصبيات جاهليّـة مدعومة فيما بينها بشكل شامل وعلى نحو أعمى أحياناً. لقد ظهر هذا النظام الحقوقي في رقعة لا تفرق بين قتل العمد والخطأ، ولم يكن أقارب القاتل من الأقربين والأبعدين بمأمن من الثأر الذي يطالهم من جهة قبيلة القتيل، بل ربما توسّعت دائرة الانتقام لتطال بيوتهم وبساتينهم وأنعامهم أيضاً.

في مثل هذه الظروف تمّ بناء نظام حقوقي مستند إلى الوحي والأخلاق والعقل، بالإضافة إلى الحفاظ على بعض الطرق والسنن الحميدة القديمة، والتشريعات الجديدة. وكان من خصائص النظام الحقوقي الجديد أنّ بُناته كانوا من أعدل وأصلح الناس، وكان كلّ سعيهم منصبّاً على صيانة الكرامة الإنسانيّـة؛ فلا الدين يشكل ذريعة للحصول على المزيد من الامتيازات، ولا القرابة والقبيلة تصلح سبباً للحصول على الحماية والدعم المطلق. فالمسلمون ينظرون إلى إخوتهم في الدين بوصفهم متساوين مع الآخرين في الإنسانيّـة؛ فهم نظراؤهم في الخلق، فيحصلون لذلك على امتيازات متساوية. وفي مثل هذه الثقافة تعدّ رعاية الحقوق من أسمى المصالح: “لا يصلحُ ذهابُ حقّ أحدٍ”.[1]

يقوم بناء هذا النظام على أساس “العدل والإنصاف”. وهي عدالة تفصل بين القاصر والمقصّر. فكلّ شخص يُعتبر مسؤولاً بمقدار ما يرتكبه من التقصير والقصور، ولا يذهب الدم المحترم هدراً. وعلى هذا الأساس وفي ظلّ هذه الظروف تذهب النزعة القبليّـة لتحلّ محلّها الروابط الإنسانيّـة والمدنيّـة الحديثة، والتي يكون فيها كلّ شخص مسؤولاً عن سلوكه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ويكون الحفاظ على المجتمع والحيلولة دون الفساد والضلال مسؤوليّـة جماعيّـة، وفي ذلك ورد عن النبيّ الأكرم (ص)، قوله: “كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيته”.[2]

والحمد لله ربّ العالمين

----------

[1]. الكافي 7: 4، الحديث: 2؛ وسائل الشيعة 19: 310 ـ 311، باب ثبوت الوصيّـة بشهادة مسلمين عدلين ...، الحديث: 3 و5.

[2]. عوالي اللآلي العزيزيّـة في الأحاديث الدينيّـة 1: 364.

العنوان اللاحق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org