Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الإشكال الثالث

الإشكال الثالث الإشكال الثالث

يقوم هذا الإشكال على مقدّمة تقضي بأن أحد أوجه الاختلاف بين الخلع والمباراة هو أن الرجل في المباراة لا حقّ له في أخذ ما زاد على مهر المرأة منها، على خلاف الحال في الخلع; حيث لا تحديد من هذا النوع أمام الرجل، فيمكن للرجل أخذ أي مقدار يراه من المرأة ولو زاد عن المهر، ثم يطلّقها.

انطلاقاً من هذه المقدمة، يثار هنا إشكال وهو أن عدم المحدودية هذه في المطالبة بالمال في الخلع ـ وهي أمرٌ مجمع عليه بين الأصحاب وعليه رواية صحيحة السند تامة الدلالة([66]) ـ لا تتلاءم مع إجبار الرجل وإلزامه بالطلاق; ذلك أنه إذا أراد الرجل أن لا يطلّق زوجته كان بإمكانه رفع سقف المبلغ الذي يطالب به بحيث يصبح فوق قدرة المرأة، وأنتم تقولون: إنه لا يمكن إجبار الزوج على الطلاق ما لم يأخذ منه ماله أو تكون هناك قابلية للأخذ. بعبارة أخرى: إن المقنن وضع هنا قانوناً استبطن سبيلا لعدم إجرائه وتنفيذه، بل للغوه، وهذا عمل قبيح لا يصدر من المقنن الحكيم، وعليه فالقول باللزوم لا وجه له ولا دليل، بل الدليل على خلافه.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاختلاف بين الخلع والمباراة، دلت عليه الروايات الصحيحة، إضافةً إلى الجانب الاعتباري([67]) الذي أشارت إليه أيضاً بعض الروايات([68])، وحيث إن جوابنا على هذا الإشكال يرجع إلى دراسة تعارض هذه الروايات مع بعضها; لذا نشير إليها، ثم نخضعها للبحث والتحليل; وبدراسة هذه الروايات يعلم أن الروايات الدالة على الاختلاف بين الخلع والمباراة على مجموعتين: إحداهما تدل بإطلاقها على أن الرجل بإمكانه المطالبة في الخلع بأيّ مبلغ مالي من المرأة وله أخذه، فيما المجموعة الثانية صريحة في الدلالة على هذا الأمر، والمجموعتان تدلان على عدم إمكان أخذ ما زاد على المهر في طلاق المباراة.

المجموعة الأولى

1 ـ رواية سماعة بن مهران، قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام)... فقال: «إذا قالت: لا أطيع الله فيك حلّ له أن يأخذ منها ما وجد»([69]).

2 ـ رواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا أطيع لك أمراً... حلّ له ما أخذ منها...»([70]).

ومثل هاتين الروايتين روايات كثيرة وردت في الباب الأول والثالث من كتاب الخلع والمباراة، من وسائل الشيعة، ج 22، وبهذه التعابير أيضاً.

كيفية الاستدلال

تدل هذه الروايات بإطلاقها «حلّ له ما أخذ منها، وله أن يأخذ من ما لها ما قدر» على أن للرجل أن يأخذ من الزائد على المهر من المرأة، وهذا الإطلاق حيث ورد في مقام البيان كان تاماً وقابلا للاستناد إليه.

المجموعة الثانية

1 ـ صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «المباراة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها (ما شئت)([71]) أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر... والمختلعة يؤخذ منها ما شاء...»([72]).

2 ـ رواية سماعة: «فإذا اختلعت فهي بائن، وله أن يأخذ من مالها ما قدر عليه، وليس له أن يأخذ من المباراة كلَّ الذي أعطاها»([73]).

والرواية الأولى نصّ وصريحة في المطلوب، كما أن رواية سماعة ظاهرة في جواز أخذ ما زاد على المهر من طرف الرجل في طلاق الخلع، نظراً لجملة: «ليس له أن يأخذ من المباراة كلّ الذي أعطاها».
__________________________________________
[66] . المصدر نفسه 22: 279، كتاب الخلع والمباراة، باب 1 و3 و4، وسوف نستعرض هذه الروايات قريباً.
[67] . الوجه الاعتباري هو حيث إنه في المباراة توجد كراهة من الطرفين لم يمكن للرجل أخذ ما زاد على المهر، أما الخلع فحيث كانت الكراهة من طرف المرأة فقط وهي التي تريد قطع الصلة وتفكيك الحياة الزوجية، كان من المفترض أن أيّ مقدار يريده الرجل يكون له، يضاف إليه عندما تقول المرأة كلمات لا تقال ولا تجوز، يمكن للرجل أن يأخذ المقدار الذي يريد منها.
[68] . وسائل الشيعة 22: 287، كتاب الخلع والمباراة، باب 4، ح 1.
[69] . المصدر نفسه: 289، باب 4، ح 6.
[70] . المصدر نفسه: 279، باب 1، ح 1.
[71] . وردت هذه الرواية في التهذيب والكافي بكلمة: «ما شاء»، وذيل الحديث يشهد على صحة نسخة الكافي والتهذيب. انظر: تهذيب الأحكام 8: 101، ح 340; والكافي 6: 142، ح 2.
[72] . وسائل الشيعة 22: 287، كتاب الخلع والمباراة، باب 4، ح 1.
[73] . المصدر نفسه: 288، ح 4.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org